عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Feb-2020

العشاق وعشاق الحياة* رمزي الغزوي
الدستور -
 
 
 
لم أتفاجأ بعزوف الأردنيين عن الورد في يوم الحب: فلنتاين. فحسب بروصة الأزهار المركزية في عمان، فإن الطلب تناقص على الوردة الحمراء بنسبة تجاوزت الخميسن بالمئة عما كانت عليه في العام الماضي. وقد يكون أن مصادفة عيد الحب مع عطلة الأسبوع الكسولة سببت كل هذا الكساد: العشاق الجدد لا يتحركون.
كان يسود بين الناس أن الخبز أهم من الورد. وهذا ينسجم مع ما يسود بينهم بأن أصحاب الأوزان الثقيلة أكثر الناس خفة دم وفرفشة، وبأنهم الأكثر بُعداً عن النرفزة والنكد والتنكيد والعبوس، وضيق الخلق، وسنندهش حقاً إذا اطلعنا على نظرية طبية تقر بأن البدانة تساعد على تقليص (جينات) الكآبة وتخفض عددها.
ما أدهشني وجعلني أفغر فمي عجباً إحصائيات طبية تشير بأن ما يقرب من ثلثي الأردنيين هم من فئة الأوزان الثقيلة أو البدناء، ومع هذه الحقيقة المرة والمليئة بالإشارات الخطرة، إلا أن النرفزة والعبوس والكشرة وسرعة الغضب، كل هذه أشياء ما تزال ترافق الأردنيين مرافقة الظل رغم البدانة التي من المفترض أن تخفف من حدة العبوس.
ثقافتنا الاستهلاكية جعلتنا نسير في درب ليست لنا، فتفاقمت لدينا مشاكل السكري والضغط والبدانة، ففي هذا الزمن الكسول الأكول. فهل حاول أحد منا أن يحصي عدد الحركات التي نقوم بها، إذا ما وصلنا إلى بيوتنا؟!: نعم إنها لا تتجاوز الثلاث حركات: نأكل بنهم محارب، ثم نتمدد على الأريكة نقلِّب الفضائيات، ثم نجرجر أجسادنا إلى الفراش آخر الليل.
السيارة صارت حذاءنا الكبير، الذي ننتعله كظلنا طوال الوقت ولا نخلعه، حتى لقضاء مشوار قصير يسير، نحو البقالة المجاورة للمنزل، والريموت هذا الاختراع الكسول، صار لا يفارق راحات أيادينا: للتلفاز ريموت، للمروحة، للمكنسة الكهربائية، والموبايل رفيق يد لا يفارقها. حتى أن واحداً من التنابل تمنى ذات تنبلة وكسل لو أن الزوجات يتحركن بالريموت.
قديما كان العشاق الحقيقيون يعرفون بنحولهم، وضمور أجسادهم وهزلها، فالعشق يبري اللحم والشحم والعظم، فانظر إلى الآلات الموسيقية، فهي خفيفة الوزن كأجساد العشاق، انظر إلى العود، الكمنجة الناي، دعك الآن من البيانو.
وبعيداً عن عدد جينات الكآبة والنزق، وأن السمنة هي السبب الرئيسي لكثير من الأمراض، ابتداءً بارتفاع الضغط، وليس انتهاءً بارتفاع السكر، سيبقى السؤال البازغ دائماً: إذا كان العشاق يهزلون في الحب ويضمرون كعود القصب الجاف، فلماذا يتفلطح محبو الحياة وعشاقها على هذا الشكل العجيب في هذه الأيام؟