عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Aug-2019

«النفاق الاجتماعي».. مِعول هدم للمجتمعات

 

عمان -الدستور - علي دياب - تفاقم مرض النفاق الاجتماعي في مجتمعنا الى ان أصبح جزءًا من حياتنا، ورغم ان هناك العديد من الأمراض التي أصبحت ضمن التحديات التي تسيطر على تفكيرنا سواء أكانت أمراضا جسدية أو عقلية منها ما هو مستعص أو يمكن علاجه.
من بين ذلك مرض خبيث خارج عن زمرة هذه الأمراض ينمو بسرعة هائلة لدى أبناء المجتمع، يُصنفه البعض بأنه أخطر من السرطان وأمرّ من الصبر مقارنة مع الأمراض السارية المعروفة، انه مرض النفاق الاجتماعي الذي يفسد حياة المصابين به ويؤدي بهم الى الضياع والسقوط في الهاوية والدمار، لإنه يحتوي على الكثير من السلوكيات الخاطئة وعلى رأسها الكذب. 
مسرحية النفاق الاجتماعي 
وأصبح النفاق الاجتماعي صورة واضحة في مجتمعنا في جميع الأصعدة سواء العملي او الاسري، ومظاهره وصلت لكل شي في جميع المناسبات من الافراح الى الاتراح و الدعاية الى الانتخابات وشكر الشخصيات البارزة في المجتمع كلها عبارة عن مسرح يمثل عليه المنافقون وبطل المسرحية النفاق الاجتماعي «.
نعيش اليوم في مجتمع يعشق البعض فيه النفاق في حين يظهر حوله الهالة الملائكية المصطنعة، وبات النفاق أمراً مطلوباً وطبيعياً في حين ان الحق والصدق أصبح أمرا مرفوضاً، لذلك فإن ما يجري في مجتمعنا أمر كئيب ومروع وسيطرت المظاهر علينا وباتت تجرنا نحو الهاوية ورؤية واقع مؤلم من سيئ الى اسوأ، فنحن بحاجة الى جرأة كبيرة وقوة حقيقة لمواجهة هذه الظاهرة ومحاربتها واقتلاعها من جذورها.  يجب العمل على نشر ثقافة جديدة مضادة للمظاهر الاجتماعية الضارة على رأسها النفاق الاجتماعي الذي قضى على المحبة والود حتى بين الأخ وأخيه ومواجهته بهذه الثقافة العصرية المعدة على أسس جديدة مبنية على القيم الأخلاقية والتعاليم الدينية الحقيقة القائمة على الصدق والتفكير والنقاء بعيدا عن مظاهر الخداع والنفاق التي تهدد مستقبل الأجيال الصاعدة. 
قاعدة النفاق 
أضحى النفاق السمة المتدولة للكثير من أبناء المجتمع، فأصبح كل شيء في حياتنا يعمل على قاعدة النفاق، نفاق في تعاملنا «زائد» في سلوكنا وعلاقتنا «ضرب» نفاق ممارستنا وأخلاقنا «ناقص» الصدق في الحب والصداقات لتكون نتيجة هذه المعادلة إنحلال الأخلاق والقيم والمبادئ التي تؤدي الى فساد المجتمع والقضاء على كل ما هو صحيح من تربيتنا ولا تسير حياتنا الا به، اذ أدى انتشار هذه الآفة القاتلة الى نجاح سيناريو التخلف وتفكيك الترابط العائلي وقطع النسيج الأجتماعي في المجتمعات العربية عامة والأردن خاصة. 
الصدق قارب النجاة في بحر النفاق
خدعتنا المظاهر الخارجية بقشورها الذهبية دون ان نغوص في أعماق حقيقة هذه المظاهر لنكتشف زيفها وأن هذه القشور ما هي الإ صدى تم تلوينه بلون الذهب، انها أحد أوجه النفاق التي سيطرت على الداخل وقضت على الوفاء والمحبة والصدق وروح الجماعة، حيث غذى النفاق روح الأنانية حتى أن الصدق أصبح مرفوضاً وعملة نادرة في هذا الزمن، ومن يجعل الصدق والحق سكة طريقه في مبادئه وعمله هو إنسان «غريب» ويتم محاربته من قبل فئات الكذب والنفاق، المصيبة والمأساة العظيمة التي وصل لها مجتمعنا أننا غارقون في بحر الرياء والكذب والنفاق والولاء ومسح الجوخ وشراء الود عند الحاجة لتحقيق مصالح شخصية خاصة عند المسؤولين، ولقد استغنينا عن معظم القيم الإنسانية والدينية والأخلاق التي تعد قوارب نجاة من الغرق مقابل هذه المصالح الدنيوية العابرة. 
المنافق يظهر عكس ما يبطن 
مظاهر مرض النفاق الاجتماعي استشرت في المجتمع ونخرت به حد التسوس العميق، واصبح من الصعب السيطرة عليه، بالإضافة الى تجلياته الكثيرة والتي أهمها السكوت على الخطأ وتبرير النفاق بمقولة « الغاية تبرر الوسيلة « وايضا جعل الكماليات أساسيات والعكس صحيح.
يقول المواطن فتحي خالد حول آفة النفاق الاجتماعي «أصبح التملّق لنيل الرضى خوفاً من الفقدان والخسارة لمن هم في مواقع السلطة وصنع القرار، سواءً في العمل، أو في الدولة، فيطغى المديح بصفات مخالفة للحقيقة على الرغم من كثرة الأخطاء وتعدد السلبيات؛ ما يغذّي حب النفس والأنانية لديه لتصل الى حدّ الإيذاء للآخرين وظلمهم دون توقف أو وعي منه حيث يحيط ببعض المسؤولين ثلة من المنافقين يوافقونهم على جميع تصرفاتهم دون فلترة سلوكياتهم واجتثاث الخاطئ منها «. 
ويشير المواطن محمود محمد الى انه هناك العديد من أقنعة النفاق «فهناك فرق بين النفاق وبين المجاملة المرغوبة تبعاً لنوع الاطراء ونوع الكلمات التي تقوم على النية الطيبة وتخلو من الهدف النفعي المباشر، عدا عن حب اللطف وحسن التعامل مع الناس وهذا جميل ومطلوب وهنا لا يهدف صاحبها إلى خداع الناس ولا إلى تحقيق مآرب عاجلة، المجاملة هنا حسن تعامل وحب الخير وتعود على رقي الذوق وتقدير مشاعر الناس، وقد تكون تلافياً لشر الرجل الذي فيه شر، ودفعاً لشر ينال الإنسان وهذا أيضاً مطلوب وفيه حكمة ويدل على الذكاء، مضيفاً أن ذلك هو عكس النفاق بقصد الضرر وإغراق الطرف الآخر بوابل من الكلمات المفيدة بظاهرها والشريرة في باطنها، لافتاً أيضا إلى وصول النفاق الى مواقع التواصل الاجتماعي فنرى أحد الأشخاص قام بتغيير صورته الشخصية ليسرع الأشخاص بكتابة كلمة «منور» على سبيل المثال لا الحصر، برغم انهم لا يحبون الشخص ولكن ليظهروا بصورة محبي الخير للغير أمام الآخرين». 
رأي مختص علم النفس السلوكي
ويرى أحد مختصي علم النفس السلوكي «أن النفاق الاجتماعي أصبح سمة للكثير من الناس على أساس انه احد فنون إدارة الحديث والتعامل، مهمشين حقيقته الشريرة، وأنه عبارة عن اضطراب نفسي داخلي للشخص وشعوره بالنقص وقلة الثقة بنفسه وضعفه في مجالات معينة؛ ما يجعله يخسر كيانه الحقيقي، فيتبع هذا الأسلوب في بيئات العمل والعلاقات الخاصة والعائلية ليصبح أسلوب حياته كي يرضي الجميع «.