عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Dec-2024

يد الأكراد في سورية ممدودة لإسرائيل

 الغد-هآرتس

ايتي آنجل
 
مجموعة واحدة في سورية، التي هي بالفعل شعب، هي إمكانية كامنة لتحالف حقيقي مع إسرائيل، وهي الأكراد. هذه المجموعة تتعرف الآن لخطر وجودي، في اعقاب هجوم محتمل من المجاهدين الذين يعملون برعاية تركيا. من الجدير انشغال إسرائيل ليس فقط بالاقوال والوعود، بل مساعدتهم وبحق.
 
 
 حتى قبل سقوط نظام الاسد، وعندما كان من الواضح أن نهايته قريبة وأن مكانه ستحتله بالأساس فصائل جهادية، توجه الأكراد لإسرائيل من أجل التعاون، كما توجهوا خلال عشرات السنين. لقد كان في إسرائيل من شرحوا على الفور لماذا محظور الاقتراب منهم، وتحدثوا كما يبدو باسم المصلحة الوطنية التي بحسبها محظور إغضاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. هم لم يكتبوا عن المصلحة الشخصية التي توجههم؛ من بين المستشارين الذين يضعون السياسة في إسرائيل هناك من لديهم مصالح تجارية مع تركيا، وبالنسبة لهم فانه يجب عدم المس، لا سمح الله، بهذه الأعمال، حتى على حساب بقاء الشعب الذي يقاسمنا مصيرا تاريخيا مشابها، وأعداء متشابهون، وامكانية كامنة لمجتمع حقيقي في منطقة هي من أكثر المناطق المعادية لإسرائيل في الشرق الاوسط.
الأكراد هم الشعب الأكبر في العالم الذي ليست له دولة، 35 مليون نسمة. اتفاقات سايكس بيكو مزقتهم ووزعتهم بين اربع دول وهي سورية، العراق، ايران وتركيا. الانظمة في هذه الدول قامت بقمعهم وتدميرهم؛ هم كانوا يدركون تصلب وتصميم الأكراد (المقاتل الاسلامي الكبير في التاريخ، صلاح الدين، كان من الأكراد)؛ لم يبقوا للأكراد أي فرصة للتطور.
 في ظل الانقلابات في العالم الغربي نجح الأكراد في الحصول على مناطق خاصة بهم، في شمال سورية وشمال العراق؛ وحتى الآن هم يحذرون من تسمية هذه المنطقة المشحونة دولة، ويحذرون من مناقشة تعريفها. في سورية حصلوا على الحكم الذاتي أو منطقة جغرافية أو دولة، بدون تسمية ذلك بصراحة دولة، في شمال شرق سورية، بين نهر الفرات ودجلة. هذه منطقة واسعة، 30 في المائة من مساحة سورية، وهي ثلاثة أضعاف مساحة دولة إسرائيل. عندما حصلوا على هذا الإنجاز الكبير العالم تعاطف مع نضالهم. وعندما هرب الجميع من داعش كانوا هم الوحيدون الذين حاربوه وهزموه. في هذه المنطقة الجغرافية توجد مساواة بين الرجال والنساء في القوة المحاربة وفي الحياة الاجتماعية.
أعداء الأكراد هم أعداء إسرائيل (إيران، حزب الله، بشار الأسد، الإسلاميون وأردوغان). بالنسبة للأكراد فان إسرائيل هي نموذج. في الجبال وفي الغابات في شمال العراق على الحدود مع ايران وفي السهول في سورية، وفي الجبهة امام داعش والقاعدة، هم يتعلمون عن تاريخ دولة إسرائيل وعن فلسفة اليهود. ليس فقط من خلال محبة إسرائيل، بل لأنه بالنسبة لهم الشعبان يتقاسمان نفس المصير. وحسب قولهم فان اليهود مثل الأكراد، شهدوا إبادة جماعية ونجحوا في النهوض من الكارثة وإقامة دولة، وهذا ما يشهده الأكراد وما يطمحون إليه.
 توجد للأكراد جملة تجسد النضال على بقائهم: "أصدقاؤنا الوحيدون هي الجبال"، "الجبال" لأنه في جغرافيا الأكراد، بالأساس في العراق، تركيا وإيران، مشهد الجبل القاسي هو تضاريس مثالية لحرب العصابات. فقط الأكراد يعرفون هناك كل نهر وواد ونفق، وفي هذه الأراضي تمكنوا من التغلب على الجيش السوري والعراقي والإيراني والتركي. لماذا "الجبال هي الأصدقاء الوحيدون"؟ لأن كل من تفاخر في السابق بأنه صديقهم قام بعد ذلك بخيانتهم، بما في ذلك إسرائيل التي تعاونت معهم في السبعينيات في مواجهة أعداء مشتركين، فيما بعد هي لم تتخل عنهم فحسب، بل قدمت المسيرات لتركيا التي قتلتهم بواسطتها، وساعدت على تسليم قادتهم في حرب العصابات لتركيا.
 لكن يد الأكراد ما زالت ممدودة.
  لا أحد يقول بأنه يجب علينا الدخول إلى وحل الحرب في سورية أو تحدي تركيا. يمكننا توفير منظومات دفاعية للأكراد ضد المسيرات للاتراك والجهاديين، يمكن تفعيل اللوبي اليهودي في الكونغرس من أجل العمل على وقف إطلاق النار أو إقناع الأميركيين بالبقاء في شمال سورية وعدم التخلي عنهم عندما سيدخل ترامب الى البيت الابيض، ويمكن فعل المزيد في مجال الاستخبارات والسايبر والسلاح.
إذا لم تستيقظ إسرائيل وتقيم علاقات مع الأكراد، ليس الأقوال والوعود والعناوين فقط، بل علاقات حقيقية، فهي ستفقد حلفاء في المكان الأكثر إستراتيجية بالنسبة لإسرائيل لصالح الجهاديين الذين يخدمون أردوغان، الذي يحلم برفع الاسلاميين في الشرق الاوسط، بما في ذلك حلفاؤه في حماس.
 في هذه الأثناء يتشكل التاريخ في سورية. إيران، العلويون والشيعة سقطوا. السنة الجهاديون سيطروا على دمشق. من الرائع أن نظام الاسد سقط. ولكن الواقع هو ليس أن الأشرار ذهبوا والأخيار جاءوا. كثير من الجهاديين الذين سيطروا على سورية (معظمها) هم من خريجي داعش والقاعدة، مثل الزعيم أبو محمد الجولاني.
 هم يعلنون بأنهم تغيروا، هذا جيد، بالتأكيد إسرائيل لن تعول على ذلك. الأصدقاء الحقيقيون، الأكراد، الذين تعاونت إسرائيل معهم في السابق، يجلسون في شمال سورية وفي شمال العراق على حدود إيران، وهم يحاربون الآن حرب بقاء ستحسم طابع سورية الجديد. نأمل أن لا تفوت إسرائيل هذه الفرصة.