عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Aug-2023

"جروبات" عائلية.. ملاذ مغتربين لـ"لم الشمل" والتواصل

 الغد-منى أبوحمور

تعيد مجموعات التواصل الاجتماعي على "فيسبوك" و"واتساب"، الألق من جديد للعلاقات الاجتماعية والروابط الأسرية في بعض العائلات الممتدة التي أصبحت تتخذ من المنصات الرقمية مكانا للتحاور وتبادل الأخبار.
 
 
عشرات العائلات لجأت إلى مواقع التواصل الاجتماعي لإيجاد مكان يجمع أبناء وبنات العائلة الذين فرقتهم ظروف العمل والزواج ومشاغل الحياة، لتجمعهم من جديد تلك المنصات التي سمحت للجميع بأن يلتقوا حتى ولو من خلف أجهزتهم الإلكترونية.
 
الحنين إلى العائلة، دفع ماهر إبراهيم "الذي انقطع عن رؤية عائلته وأقاربه منذ 20 عاما بسبب هجرته إلى الولايات المتحدة الأميركية"، للبحث عن وسيلة ليلتقي بأبناء وبنات عمومته وأن يبقى على تواصل دائم مع أعمامه وعماته الذين افتقدهم وافتقد أخبارهم بسبب الغربة، بحسب قوله.
"تواصل وتواجد دائم في التفاصيل، تماما كما لو أنه في الأردن"، هكذا يعلق ماهر على استخدامه تطبيق "ماسنجر" الذي يبقيه بشكل دائم على تواصل معهم رغم اختلاف التوقيت بين البلدين.
ويلفت إبراهيم إلى أن هذه المجموعات جعلته أكثر قربا من أقاربه وعائلته، بل أصبح يشاركهم همومهم وأفراحهم، وكذلك يشاركهم هموم الحياة.
ويقول إبراهيم "هناك أوقات أنسى أنني في غربة وأصبحت أكثر قربا من العائلة"، لافتا إلى أن مشاغل الحياة غربت حتى أبناء المدينة ذاتها.
تحت مسمى "أبناء العشيرة"، أطلق جعفر علي على مجموعة "واتساب" التي أنشأها لتجمع شباب عشيرته، لتبقيهم على تواصل دائم، وتكون فرصة ليتعرف جميع أعضاء المجموعة على بعضهم بعضا، وخاصة من يعيشون خارج البلاد، أو من لم يكونوا على تواصل سابق مع باقي أبناء العائلة.
وأيضا من كندا، دشن سفيان الحديدي مجموعة عبر "واتساب" جمع بها جميع شباب العائلة والأعمام، وكل من تجاوز الـ18 عاما من العمر، بعد أن قطعته الغربة عن أخبار العائلة وعن أفرادها في الوقت ذاته.
ويقول الحديدي "تفاجأت بظهور شباب جدد في العائلة عبر صفحات فيسبوك يحملون كنيتي ذاتها وإذا بهم أبناء عمومتي"، فاختلطت مشاعر الحزن والفخر، وهو ما دفعه لجمع أفراد العائلة كافة في مجموعة واحدة.
ويرى الحديدي أن هذه المجموعات جعلته أكثر قربا من العائلته، وأكثر اطلاعا على ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، ومكنته من مد يد المساعدة لهم في كل مرة يستطيع فيها المساعدة.
ويشير الحديدي إلى أن الغربة بعدت المسافات، لكنها لم تقتل المشاعر والشوق إلى العائلة، وهذه المجموعات جعلته أكثر تواصلا معهم، وكذلك تسنى له مشاركتهم في أخذ القرارات والوقوف الى جانبهم، كأنه موجود في الأردن.
تبقي مجموعات التواصل الاجتماعي، بحسب اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، أفراد العائلة، على تواصل دائم واطلاع على الأمور والتفاصيل كافة التي تحدث داخل أفراد الأسرة وتزيد من تقوية الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية.
وتقرب هذه المجموعات، بحسب الخزاعي، المسافات بين أفراد العائلة الواحدة، خصوصا من يسكنون في المحافظات أو خارج البلد، وبالتالي تجعلهم على تواصل مع عائلاتهم وأكثر معرفة بما يمرون به من أحداث وتفاصيل.
وتسهم هذه المجموعات، بحسب الخزاعي، أيضا، بأخذ آراء أفراد العائلة بالأمور المفصلية التي قد تحدث وتحتاج لاستفتاء أو حشد الرأي، كالحوادث، لا سمح الله، والعطوات العشائرية، وكذلك الأفراح والمباركات. وتنقسم هذه المجموعات، وفق الخزاعي، إلى نوعين؛ مجوعات للعائلة النواة ومجموعات للعائلة الكبيرة الممتدة "العشيرة"، والتي تجمع أكبر عدد ممكن من أبناء العمومة والأقارب وتمكنهم من معرفة أخبار بعضهم بعضا، كما تسهم في تقوية اللحمة العشائرية بين أبناء العمومة وجعلهم أكثر قربا، وتعزز وقوفهم إلى جانب بعضهم بعضا في السراء والضراء.
ويقول الخزاعي "للمجموعات العائلية مزايا عديدة، فهي تقصر المسافات وتقوي العلاقات وتبقي الأهل على تواصل"، لافتا إلى أن مشاغل الحياة والظروف الاقتصادية تحول دون التقاء أبناء العشيرة بشكل متواصل حتى أفراد العائلة الصغيرة، وبالتالي تخلق فجوة وجفاء بينهم وتبعدهم عن بعضهم بعضا.
في حين أن هذه المجموعات تذيب المسافات والعوائق وتشعر كل واحد من أعضائها بأن الجميع إلى جانبه ويشعر بمصابه أو يفرح لفرحه، وأنه ورغم المسافات أو الانشغال أو الابتعاد، فإن هذه الرسائل تجعله على تواصل دائم. ويضيف "هذه المجموعات فرصة مناسبة للجميع من أجل التواصل مع أشخاص غابوا عن بعضهم بعضا لسنوات طويلة، وهم أصدقاء الطفولة الذين ما انفكوا يبحثون عنهم وعن أخبارهم وتطورات حياتهم". ويحذر الخزاعي، من أن تخرج هذه المجموعات عن سياقها وهدفها الأساسي، وبالتالي تصبح مصدر إزعاج لأعضائها وتصبح سببا في غضبهم وانزعاجهم بدلا من أن تقربهم من بعضهم بعضا، وألا تكون منصة للفتنة وإثارة المشاكل والنعرات أو ما من شأنه أن يشتت العائلة ويتسبب بالفرقة والبغض بينهم.
وأهم ما تقدمه هذه المجموعات للأهل، شعورهم بالقدرة على التواصل مع الأبناء ونقل كل لحظة لهم بأي وقت، إضافة إلى الاطمئنان عليهم، فالكثير من العائلات أصبحت تصور المناسبات لترسلها للأشخاص الغائبين عنها في الوقت نفسه حتى لا يشعروا بغيابهم، إضافة إلى أهمية ميزة السرعة في نقل الأخبار، التي تتميز بها هذه المجموعات بشكل خاص، ما يجعلها معتمدة لدى معظم أفراد العائلة ومفيدة بشكل كبير.