واشنطن والاحتلال.. ما الفرق؟*محمود خطاطبة
الغد
يبدو أن النظريات والتحليلات والقراءات السياسية بشأن العلاقة ما بين الولايات المُتحدة الأميركية، ودولة الكيان الصهيوني، كُلها جانبها الصواب، إذ إن الكثير من أساتذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية زرعوا في عقولنا أيام الدراسة الجامعية بأن واشنطن تقف دومًا إلى جانب مصلحتها، وتشترط وجود دولة قوية، كيان مارق، قذر، صفته الأساس غير إنساني، لتنفيذ مُخططاتها، وتحقيق أهدافها.
النظريات والتحليلات السياسية أخبرنا أصحابها أن الشيطان الأكبر (أميركا) تقف في صف الأقوى، لتحقيق مُبتغاها، فهي مثلًا تدعم وبكُل قوة «ربيبتها»، أي الاحتلال الإسرائيلي، كون الأخير يحمي مصالحها ويُحافظ عليها، ويُنفذ مُخططات اكتتبها أركان إدارة البيت الأسود، وأُمليت على عصابات الكيان الغاصب لتنفيذها، وهم صاغرون أذلة، كعادتهم دومًا، لقول رب العالمين في كتابه العزيز: «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ».
أخبرونا أيضًا بأن الولايات المُتحدة تضع مصلحتها فوق كُل شيء، ففي حال وجدت دولة تقوم مقام الاحتلال الصهيوني، فإنه من اليقين والسهل أيضًا، في الوقت نفسه، تغيير البوصلة إلى تلك الدولة، ومن ثم القيام برمي الكيان القذر إلى المجهول، من غير تفكير بمصيره وعصاباته أو حتى يرمش لها جفن بشأن ذلك.. فالمهم بالنسبة للشيطان الأكبر مصلحته فقط.
ثم قاموا بضرب أمثلة على صدق نظرياتهم وتحليلاتهم وقراءاتهم تلك، فقالوا لنا إن شاه إيران كان يُعتبر شرطي أميركا في المنطقة، والأخيرة تمده بمُختلف أنواع الدعم، أكان معنويًا أم ماديًا، لنكتشف فيما بعد أنه عندما تعثر أو خرجت الأمور عن سيطرته، تركوه وحيدًا، ولم يكلفوا أنفسهم عناء إنقاذه أو تغطيته على الأقل.. ومثل شاه إيران الكثير!.
تلك نظريات أو تحليلات جانبها الصواب، وإن كنا لا نُشكك بأصحابها وعرابيها أبدًا، فواشنطن لا تحتاج أبدًا إلى من يحمي مصالحها أو يُدافع عنها، ومثال ذلك ما يُطلق عليه بـ»شرطي أميركا في المنطقة»، وفي الوقت نفسه لن تستبدل الولايات المُتحدة طفلها المُدلل، الاحتلال الإسرائيلي، بدولة أُخرى حتى لو كانت أقوى من الكيان الصهيوني، وتقوم بنفس مهامها القذرة، وغير الإنسانية وغير الأخلاقية، تجاه أبناء المنطقة بشكل عام، وفلسطين وغزة بشكل خاص.
فالظاهر للعيان، أن هُناك احتمالين لا ثالث لهما، حسب ما يعتقد كاتب هذه السطور، فالاحتمال الأول يُظهر بأن واشنطن مُهتمة فقط بدولة الاحتلال فقط، وكأنه جزء أساسي منها، ولن تستبدل دولة الاحتلال، أيًا كان النتائج على أرض الواقع، حتى لو ساءت سمعة الولايات المُتحدة أكثر مما هي سيئة الآن.
ومع أن أركان البيت الأسود يضعون في حسبانهم دومًا خطة بديلة أو خطتين أو حتى ثلاث خطط، من أجل تحقيق هدف ما، إلا أن ما هو بائن بالنسبة لـ»طفلها المُدلل»، أن هُناك خطة وحيدة فقط، تتمحور حول حماية وتقوية الكيان الصهيوني، وتعزيز نفوذه، وتوسيع أراضيه على حسابنا نحن العرب.
أما الاحتمال الثاني، فيتمثل بأن القوة العُظمى الوحيدة في العالم، والتي الجميع يأتمر بأمرها، هي تابعة بطريقة أو أُخرى للكيان الصهيوني، وتُنفذ ما يطلبه، بلا أدنى تقاعس، حتى لو كان على حساب أطفال رُضع، ونساء ثكالى، وشيوخ، فهي تُقدم له مُختلف أنواع الدعم، أكان ماديًا أم معنويًا أم عسكريًا أم إستراتيجيًا أم استخباراتيًا.
كما أن القوة العُظمى، في فترة تراها تخضع صاغرة لرغبات بني صهيون، وكأن الأخير وجد من أجل تنفيذ خططهم الشيطانية التي باتت على بُعد خطوة أو خطوتين، ولن يسلم من شرها أو نيرانها أو حتى آثارها السلبية أي كان.