عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Nov-2020

الآثار النفسية لجائحة كورونا*د. موسى شتيوي

 الغد

لا شك أن جائحة كورونا والإجراءات التي اتخذت لمجابهتها تركت وماتزال آثاراً نفسية متنوعة على فئات كثيرة من الناس وإن كان بدرجات متفاوتة. جذور الآثار النفسية تأتي من عاملين أساسيين ومتداخلين مع بعضهما البعض.
الانتشار السريع والهائل لفيروس كورونا يؤدي إلى ضغوطات نفسية أهمها القلق والاكتئاب. يعيش الناس في حالة من التوتر حيال الأشياء من حولهم، ويؤدي إلى حالة من عدم اليقين حول المستقبل. القلق من إمكانية الإصابة بالمرض أو إصابة أفراد الأسرة والأحبة من حولهم يؤدي إلى حالة من التوتر الدائم والقلق وقد تؤدي إلى ضغوطات نفسية كبيرة مرتبطة بالسلوك الواجب اتباعه في هذه الحالات.
تتفاقم الآثار النفسية نتيجة الانتشار السريع والكثيف للفيروس مع عدم وجود علاج محدد له أو إيجاد لقاح سريع للمرض مما يؤدي لحالات من الاكتئاب تتراوح حدتها من البسيط إلى المزمن.
الإجراءات المصاحبة والتي تأخذها الدول مضطرة لمجابهة المرض لا تقل أهمية عن الجانب الصحي المرتبط بالمرض. إجراءات كالحظر طويل الأمد وتوقف الأنشطة الاعتيادية وخاصة الاقتصادية منها يفاقم من الآثار النفسية لا بل يصبح مصدراً جديداً للقلق والتوتر والخوف والاكتئاب. الآثار الاقتصادية للإغلاق والحظر وارتفاع نسبة التعطل والدخول في حالة الإعسار المالي تؤدي إلى ضغوطات كبيرة جداً على أرباب الأسر لتلبية الاحتياجات الأساسية لهم ولأسرهم والذي من المرجح أن يوسع دائرة الآثار النفسية لأفراد الأسر جميعاً، ويفسح المجال الخصب لمزيد من المشاكل الأسرية كالعنف الأسري على سبيل المثال. بالتأكيد هناك بعض الفئات أكثر عرضة من غيرها للآثار النفسية السلبية للجائحة وتبعاتها حسب ظروفها وإمكانياتها المالية والمصرفية وبالتالي هناك تفاوت في قدرة الأفراد على التكيف مع هذه الضغوطات والتي تؤثر على حدة هذه الآثار عليهم. بالإضافة للجائحة والإجراءات المتبعة لمواجهتها، فإن طريقة التواصل مع المواطنين والخطاب الإعلامي حول الجائحة أو الإجراءات المصاحبة لها سواء كانت اقتصادية أم صحية قد تزيد من حالة القلق والتوتر أو تخفف منه.
التهويل والمبالغة والتناقض وعدم الدقة في تصريحات بعض المسؤولين والخبراء تفاقم من الآثار النفسية السلبية كالقلق وعدم اليقين والخوف من المستقبل. التصريحات التي أطلقت في الأسابيع الماضية عن عدم جاهزية القطاع الصحي كوجود نقص في الأسرة أو الكوادر الصحية أو الأجهزة الطبية كانت لها آثار سلبية على تصورات المواطنين حول قدرة هذا القطاع بالتصدي لهذه الجائحة. إن الشفافية والمصارحة من قبل الجهات المختصة مطلوبة وتزيد من ثقة المواطنين في الحكومة وتساعد الجميع في تخطي هذه الجائحة. الخطاب الرسمي في التعامل مع الجائحة يجب أن يكون شفافاً بالتأكيد ولكن في الوقت نفسه يجب أن يبث الطمأنينة لدى المواطنين ويعطيهم الأمل بأننا قادرون على تجاوز هذه الجائحة كمجتمع ودولة وفي أضعف الإيمان أن تراعي التصريحات الرسمية الأبعاد النفسية لهذه المعلومات والأخبار والتصريحات حتى تخفف من الآثار السلبية عليهم.
آثار الجائحة والإجراءات المتبعة لمواجهتها تترك آثاراً كبيرة اقتصادية واجتماعية ونفسية على الناس. البعد النفسي لهذه الآثار يكاد أن يكون مهملاً وذلك لضعف الخدمات النفسية بالأردن بشكل عام. في هذه المرحلة لا بد من إعادة النظر بالخطاب الرسمي الذي يتعامل مع الجائحة باتجاه بث روح الطمأنينة وتخفيف منسوب التشاؤم واليأس والقنوط لدى المواطنين.