عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Oct-2019

أمیرکا سلمت لانقرة مفاتیح مصیر الأکراد - بقلم: نداف ایال
یدیعوت أحرنوت
 
نظر آلاف الصحفیین لیلة الاربعاء الماضي في النشر الحصري لمذیعین في شبكة ”فوكس“ ولم یصدقوا ما تشاھده عیونھم. فقد بدا انھم ضحیة نكتة غیر مسلیة إذ نشروا رسالة زائفة من الرئیس ترامب إلى نظیره اردوغان.
غیر معقول، قال الآلاف لانفسھم، وعندھا عشرات الآلاف فأكثر، بان الرئیس الأمیركي بعث برسالة إلى الرئیس التركي قال لھ فیھا شیئا مثل ”لا تكن غبیا“، أو ”لا تلعبھا رجلا“ ولكن في غضون وقت قصیر أكد البیت الأبیض بان الرسالة أصیلة.
مقلق حتى أكثر من ذلك كان الرد التركي، فقد أفاد القصر الرئاسي لشبكة بي.بي.سي بان اردوغان ”رد ردا باتا“ الرسالة و ”القى بھا إلى سلة المھملات“. فالاتراك لم یھینوا ترامب فقط بل فعلوا ھذا علنا، بإذن رسمي في أن رسالتھ القي بھا الى سلة المھملات. ھذا احتقار متجسد. اردوغان فعل شیئا آخر أیضا: في الیوم ذاتھ الذي تلقى فیھ الرسالة الغریبة من الرئیس الأمیركي، بدأ الجیش التركي غزوه الى سوریة.
أول من أمس كان تواصل آخر لكومة الحطام المسماة ”سیاسة أمیركیة“ في عصرنا. فبعد الإھانة التركیة لترامب بعث بوزیر خارجیتھ وبنائب الرئیس بینیس للتوصل الى صفقة مع الاتراك.
لم یكن للرئیس الأمیركي بدیل: فللمرة الأولى منذ ثلاث سنوات اتحدت واشنطن بحزبیھا كي تشجب البیت الأبیض على خیانتھ للاكراد. الحزب الجمھوري، الذي ھو بشكل عام مداس لترامب، ثار كلھ تقریبا. فالظلم الذي احاقھ الأمیركیون بالاكراد كان عظیما، والانجاز للروس، للإیرانیین وللاتراك واسعا لدرجة ان حتى الجمھوریین ما كان یمكنھم ان یبقوا صامتین. وأمام القرار الذي لا لبس فیھ في مجلس النواب، غیر ترامب الاتجاه: في لحظة واحدة كان في الشرق الأوسط ”مجرد رمال“ على حد تعبیره ولا یوجد ما یمكن البحث عنھ ھناك، وفي لحظة أخرى تالیة یبعث الى انقرة على عجل نائب الرئیس.
غیر أن الاتراك اشتموا الدم في الماء. وھذا لم یكن دمھم، بل دم الاكراد ودم السمعة الأمیركیة. لم یعتزموا التنازل. ”اتفقوا“ مع بینیس على انسحاب الاكراد من منطقة فاصلة بعمق 35 كیلو متر على طول أكثر من 400 كیلو متر على حدودھم مع سوریة، على تسلیم السلاح الثقیل وعلى تفكیك كل مواقعھم واخلاء ”المناطق الآمنة“، تلك المناطق التي ھجرھا الجیش الأمیركي على عجل بأمر من ترامب.
وأعلن بینیس باحتفالیة عن ”وقف النار“ إلا أن وزیر الخارجیة التركي سارع الى التعدیل: ھذا لیس وقفا للنار بل مھلة زمنیة لانسحاب الاكراد. وھو محق. فمنطقة الفصل ھذه ھي بالضبط ما طالب بھ اردوغان. لقد جاءت الولایات المتحدة الى انقرة كي تسلمھا المفاتیح لمصیر الاكراد وللاستسلام باسمھم بما في ذلك نزع سلاحھم. فضلا عن ذلك، لم یحقق الاتراك الكثیر في حملتھم – فقد فشلوا في السیطرة على مدن كردیة وواجھوا صعود الجیش السوري شمالا. أما ”الاتفاق“ مع ترامب والذي ھو عملیا الموافقة على كل مطالبھم، فقد أنقذھم من الاھانة وباع مصالح الاكراد – الحلفاء الوحیدین للولایات المتحدة في المنطقة. الحلفاء السابقین.
لقد دعا ترامب ھذا ”رائعا للجمیع“. بل انھ قال ان ھذا ”رائع للحضارة“، ولیس أقل. وبالفعل، ھذا رائع مثلما كان اتفاق میونخ رائعا.