هل «أذلّ» ترامب أوروبا.. في «ثلاثة أيام» حقاً..؟؟*محمد خروب
الراي
فيما تتسارع الاتصالات «الهاتفية» حتى الآن, بين موسكو وواشنطن بمبادرة من «الأخيرة» على ما أكدت الخارجية الروسية أمس, عندما «بادر» رئيس الدبلوماسية الأميركية ماركو روبيو إلى مهاتفة نظيره الروسي لافروف, يبدو قادة الدول الأوروبية... كبيرهم والصغير, في حال غير مسبوقة من الارتباك والحيرة, على نحو عكسته ـ من بين أمور أخرى ـ تصريحاتهم الغاضبة في بعضها ويائسة في معظمها.
نقول: في خضم ذلك كله, تُواصل وسائل الإعلام الأميركية كما فريق ترامب بث المزيد من التحليلات والمواقف الرامية استبعاد القارة العجوز, عن المباحثات الوشيكة بين الزعيمين الروسي والأميركي. إذ برزَ في مقدمتها ما نشره أمس موقع «أكسيوس» الأميركي, وثيق الصلة بالدوائر السياسية والتشريعية وخصوصاً الاستخبارية في واشنطن, في مقالة مطولة لخّصها في عنوان لافت يقول: ترامب أذلَ أوروبا في ثلاثة أيام فقط. شارحاً في تكثيف ما رمى إليه: (لقد فاجأ ترامب أوروبا و"خنقها وأذلها»، مما تركَ أقربَ «حليف قاريّ» للولايات المتحدة في حالة من الذهول. مُضيفاً: لقد حدثَ هذا في «ثلاثة أيام قصيرة» هذا الأسبوع). مُستطرداً/أكسيوس: إن وضع أوروبا الحالي نتجَ عن قرار «المفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا, دون مشاركة كييف والدول الأوروبية»، بالإضافة ـ تابعَ ـ إلى تصريحات وزير الدفاع الأميركي/ هيغسيث بأن أوروبا «يجب أن تتحمّل مسؤولية أمنها، في الوقت الذي «رفضَ فيه/هيغسث التوقيع على الإعلان النهائي في قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في باريس».
عودة إلى ما تم بحثه في «مكالمة » روبيو مع لافروف, على ما بثته «موسكو", إذ قالت الأخيرة: إن الجانبين اتفقا على التعاون على «تسوية الوضع» في أوكرانيا والشرق الأوسط والمناطق الإقليمية، والبدء في التحضير لـ"لقاء بين الرئيسين بوتين وترامب». مُضيفة أن الوزيرين اتفقا على «تنظيم لقاء للخبراء في المستقبل القريب» للاتفاق على خطوات «تُزيل العقبات التي تعترض عمل البعثات الخارجية الروسية والأميركية وبشكل مُتبادل». مؤكدة أن لافروف وروبيو اتفقا على «ضرورة استعادة الحوار بين البلدين، الحوار القائم على الاحترام المُتبادل»، بالإضافة إلى الحفاظ «على قناة اتصال لحل المشاكل المتراكمة في العلاقات الثنائية». وشدّد الجانبان ـ وهذا لافت ومهم ـ على ضرورة مُناقشة سُبل وقف «النهج الذي بدأه الرئيس الأسبق/ أوباما» بشأن «تصعيب ظروف عمل البعثات الدبلوماسية الروسية في واشنطن».
هذا يعني أن قطار «التطبيع» بين البلدين يوشك على الانطلاق, قبل وربما خلال أو بعد التوصل إلى اتفاق أو توافق أوليّ حول مسقبل أوكرانيا, في المباحثات «الثنائية» حيث أعلن الرئيس الأوكراني/ زيلنسكي (المنتهية ولايته منذ آيار الماضي) أن كييف «لن تُشارك» في مباحثات كهذه, والتي ستبدأ في القريب العاجل على مستوى الخبراء في السعودية, بعدما بات مؤكداً أن الرياض ستحتضن قمة الزعيمين, إضافة إلى ذلك المقاربات أو إجراءات الثقة بين الجانبين الروسي والأميركي، ما ينزع أسباب التوتر والعودة التدريجية في علاقاتهما, التي ازدادت توتراً في عهد الرئيس الصهيوني/بايدن, وجنرالات حزب الحرب في البنتاغون/وحلف الناتو. خاصة في ظل التصريحات «الإيجابية» المَحمولة على تفاؤل حذِر, أطلقها كل من بوتين وترامب, بعد اتصال الأخير/ترامب بنظيره الروسي لأول مرة الأسبوع الماضي, ثم أتبعها بمكالمة «ثانية",حيث وصفها/ترامب بأنها كانت «إيجابية جداً».
ماذا عن «أوروبا» التائهة والمُرتبكة؟
لا يحتاج المرء إلى مزيد من العناء, لمعرفة حال الصدمة الأوروبية «من الحليف الأميركي", التي تبرز بوضوح في تصريحات المستشار الألماني/شولتس الـ"مُناكِفة» لواشنطن, كذلك قادة ودوائر الاتحاد الأوروبي خاصة مفوضة الشؤون الخارجية/كايا كالاس, الأشد عداء كما رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فن دير لاين لروسيا. ناهيك عن الدعوة «اليائسة» التي اطلقها الرئيس الفرنسي/ماكرون, لعقد «قمة طارئة» لقادة الإتحاد الأوروبي, لبحث تداعيات «الموقف» الأميركي من الحرب في أوكرانيا, وتهميش واشنطن لأوروبا «وكييف", من المشاركة في المباحثات الروسية ـ الاميركية الوشيكة لإنهاء هذه الحرب, وفق «المطالب» الروسية على ما يزعم هؤلاء. زد على ذلك الموقف الأميركي الرافض انضمام أوكرانيا الى حلف الناتو, وتأكيد ترامب أنه «لا يعتقد أن حصول أوكرانيا على عضوية (الناتو) شيء عملي»، مُضيفاً أن من «غير المُرجح أن تستعيد كييف كل أراضيها». فيما سارعت كايا كالاس إلى القول: إن «مساعدة» الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا » لا تعني الإحسان أو الصدقة، فبهذه الطريقة، نحن نستثمر في أمننا». مُضيفة في ما بدا استجداء للمشاركة في المباحثات الروسية الأميركية: (هذه الحرب تدور رحاها في أوروبا، نعم، هي تتعلق بأوكرانيا، ولكنها تتعلق بأوروبا أيضاً، ومن أجل تحقيق «السلام الفعلي فإن مشاركة أوروبا ضرورية فيه». لا أرى أي اتفاق دون مشاركة الاتحاد الأوروبي) ختمتْ.
في السطر الأخير.. ثمة سُحب داكنة تلوح في أفق العلاقات الأميركية الأوروبية من المبكر التكهن بمدى التدهور الذي ستصل إليه, لكن احتمالات عودتها إلى ما كانت في عهدَيّ بايدن وأوباما تبدو ضئيلة.