عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2020

الأمن السيبراني وحوكمة الإنترنت*منـى الطراونــة

 الدستور

يمكن الحكم على نجاح جهود الدولة في مجال الحوكمة وفقًا لقدرتها على حماية مواردها وممتلكاتها وخدماتها. وفي العصر الرقمي يتم حفظ البيانات والمعلومات الحكومية المتعلقة بكل ذلك على الشبكة العنكبوتية. وبدون حوكمة ملائمة فإن أي معلومات عن موارد الدولة وخدماتها معرضة للضياع،حيث أثبت المتمرسون في الجرائم الإلكترونية أن الشبكة العنكبوتية بقدر ما هي منصة للفرص ومشاركة المعرفة والنمو، إلا أن لديها القدرة على التحول إلى منصة نشطة لإساءة الاستخدام وأداة لدعم الفساد وضياع الموارد. وقد أدركت الدول خلال فترة وباء الكورونا الحاجة لإعتمادها على قدراتها الذاتية، وفي الوقت ذاته إزدادت الحاجة للتعاون الدولي في حماية شبكة الإنترنت وبيئة العمل عن بعد، حيث إزدادت وتنوعت طبيعة الجريمة السيبرانية، وكانت السنوات القليلة الماضية حافلة بالنسبة لمجرمي الإنترنت.
ومن المعلوم أن ثقة المواطن في توافر الخدمات الآمنة تشمل كل شيء من الانتخابات والمعلومات الحساسة التي يشاركها المسؤولون الحكوميون ، لمياه الشرب والبنية التحتية العامة، ومن سجلات المرضى إلى الأبحاث عالية القيمة من الجامعات، مما زاد الحاجة لحماية الخدمات الحكومية بعد التحول من الخدمات الورقية إلى الرقمية. وفقدان أي بيانات قيّمة يعرض الخدمات الحكومية لخطر التوقف، وربما كانت خدمات ضرورية لاستدامة حياتنا اليومية. وقد أثر هجوم واحد من برامج الفدية في العام 2017 على أكثر من 300000 جهاز كمبيوتر على مستوى العالم، وأدى إلى تعطيل عمليات العديد من الشركات. ومع ذلك، فإن الأكثر تضرراً كان القطاع العام - وتحديداً المؤسسات الصحية. لدرجة أن المستشفيات والأطباء من 16 منظمة خدمات صحية على الأقل اضطرت لرفض المرضى وإلغاء المواعيد، مما أثر بشكل خطير على تقديم الخدمات الصحية، وسلط  الضوء على نقاط الضعف في القطاع العام.
وقد أدركت الدول المتقدمة أهمية الأمن السيبرالي، مما يستوجب التعاون الدولي والحوكمة المتعددة الأطراف، وكان أحد أهداف حكومة المملكة المتحدة يتمثل في جذب الشركات للقيام بأعمال تجارية من خلال تأمين بنية تحتية تقنية آمنة وموثوقة لتقديم خدمات إلكترونية دون مخاطر الأمن السيبراني. كما قام الإتحاد الأوروبي بتوسيع وكالة إنفاذ القانون (يوروبول)لتشمل مركز للجرائم الإلكترونية ومراكز متخصصة للتحقيقات عبر الإنترنت. وأضافت الولايات المتحدة الأمريكية مهام الأمن السيبراني لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
ومع أن العديد من الجهات الحكومية تعتبر الأمن السيبراني تكلفة غير ضرورية، مع الحد الأدنى من العائد على الاستثمار، إلا أنه يجب اعتبار الأمن السيبراني أولوية قصوى للمؤسسة دون الاتكال على جهة مركزية للحماية، كما يجب العمل على التصدي للهجمات السيبرانية ومنع الانتهاكات، وتحديث الأنظمة بانتظام، وإدراك رسائل البريد الإلكتروني والروابط المشبوه، مع الاستمرار بالتعرف على تهديدات الأمن السيبراني المستجدة وتحديد الخطوات العملية التي يتوجب اتخاذها للحفاظ على أمن المعلومات، والإستثمار فيما هو أبعد من تحديثات وتصحيحات البرامج البسيطة، للتعلم من أفضل ممارسات وعمليات أمن المعلومات،إضافة لإدارة مخاطر أي هجوم إلكتروني وتخفيف آثاره.
وفي حين أن تحديث البنية التحتية ضروري، إلا أن هناك حاجة لتغيير الثقافة المؤسسية على كل المستويات، من الموظفين وحتى أعضاء مجالس الإدارة، والتأكد من أن الجميع يتمتعون بالمهارات الأساسية للتعامل مع حوادث الأمن السيبراني، بما في ذلك معرفة كيفية منع الاختراق، واكتشاف الهجمات المحتملة وتحمل المسؤولية عن تصرفاتهم المتعلقة بالبيانات سواء داخل العمل أو خارجه ، وتجنب ترك البيانات مكشوفة، بالإضافة إلى فهم الآثار المترتبة على أفعالهم على الجهة الحكومية.