عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2020

خلية أزمة تكنولوجية - عمر عليمات

 

الدستور- برغم الغموض الذي يحيط بفيروس كورونا على صعيد العالم، فإن التفكير بما بعد الأسبوعين المقبلين، ليس ترفاً بقدر ما هو استعداد وجاهزية لكافة الاحتمالات، فلا أحد يعرف إلى متى سيبقى العالم في عزلته، وإلى متى سيستمر حظر التجوال الذي فرضته العديد من الدول.
 
 الدولة الأردنية اليوم مطالبة بالنظر إلى ما هو أبعد من احتواء فيروس كورونا وتداعياته الصحية، إذ لا يمكن أن تبقى الماكينة الحكومية معطلة إلى فترة زمنية قد تطول أكثر من أسبوعين، والاكتفاء فقط بتشغيل المؤسسات والجهات الحيوية، فالدنيا لن تقف عند مرحلة كورونا.
 
اليوم نحن بحاجة إلى خلية أزمة تكنولوجية بقدر ما نحن بحاجة إلى خلية إدارة الأزمة الصحية، بحيث يعمل المختصون بالتكنولوجيا على دورين رئيسيين هما تعزيز البيئة التكنولوجية لضمان استدامة الحياة العامة، وتطوير أدوات تساعد القطاع الصحي في احتواء الفيروس والتعامل مع الإصابات.
 
توسيع مدى الاستفادة من التكنولوجيا، لتطوير أدوات التقييم الذاتي اليومي لأعراض فيروس كورونا، ليس بالأمر الصعب، ولا يحتاج لفترة زمنية طويلة، ما دامت البنية التحتية متوفرة، كما فعلت بعض دول المنطقة والعالم، بحيث نوفر للجهات الصحية بيانات محدثة حول الوضع الصحي للسكان، ونسرع عملية الوصول إلى أي شخص يعاني أعراض المرض، أو توجيهه إلى أقرب مركز صحي للقيام بعملية فحص طبي أدق، فكلما كنا أسرع في الوصول إلى الحالات المشتبه بها، تمكنا من احتواء العدوى وتقليل فرص الانتشار بين المخالطين للشخص المصاب.
 
وضع آليات وتطبيقات تمكن الناس من قضاء حوائجهم بسهولة ودون أي اكتظاظ أو تزاحم من الأمور التي يمكن العمل عليها، عبر وضع خرائط الكترونية بالتعاون مع أمانة عمان والبلديات الكبرى وتصميم تطبيقات لربط سكان كل منطقة بالمحلات والصيدليات القريبة منهم بشكل يجعل من عمليات التوصيل تتم بسهولة ودون الانتقال من منطقة لأخرى.
 
وعلى صعيد استدامة عمل الحكومة وعدم إيقاف خدماتها، على الجهات المعنية بتطوير آليات العمل عن بُعد عليها ألا تقف عند حد استمرار الاتصالات وشبكة الإنترنت، بل عليها البحث عن أدوات فورية متوافرة عالمياً تتيح لجزء كبير من موظفي القطاع العام ممارسة عملهم بلا انقطاع، لأن حظر التجوال قد يطول أكثر من أسبوعين، ونصل إلى مراحل أصعب بكثير مما نحن فيه الآن، لا قدر الله.
 
ندرك تماماً حجم الأزمة وتعقيد الوضع، ولكن الأزمات يجب أن تُخرِج أفضل ما لدينا، ولا يمكن لنا أن نختصر عمل الحكومة اليوم في عملية منع انتشار المرض مع خطورة هذا الأمر وأهميته، إلا أن العقل الحكومي يجب أن يفكر في إيجاد الحلول الضرورية للتعامل مع الأزمة في حال استمرارها لوقت طويل، فمن غير المعقول أن نبقى في متاهة حظر التجوال لفترة غير محدودة، فهذا حل آني قد يستمر لأسبوعين أو ثلاثة، ولا يمكن إبقاء الناس في بيوتهم لأكثر من ثلاثة أسابيع، فالإنسان بطبعه لا يمكنه الاستمرار في الحياة بين أربعة جدران، خاصة العائلات التي لا تمتلك أساليب للرفاهية المنزلية، فجميعنا نعرف المستوى الاقتصادي للشريحة الكبرى من المجتمع الأردني.
 
نقف جميعاً مع الأردن ومع جميع الإجراءات المتخذة، وهناك إشادة مجتمعية واسعة بتعامل الحكومة مع الأزمة برغم بعض الهفوات، إلا أننا أمام خيارات صعبة وغموض لا يمكن التنبؤ بما وراءه، ولا أحد يعلم إلى متى تبقى الأزمة، لذلك علينا تكثيف الجهود والتفكير في مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للأشهر المقبلة، فمهما طالت الأزمة فلها نهاية، وعلينا تقليل آثارها إلى أكبر حد ممكن، بحيث لا نخرج من أزمة صحية لنجد أنفسنا أمام أزمة أعمق وأكبر، ولكنها خاصة بنا ولا أحد سيشاركنا تبعاتها وسلبياتها.