عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2022

إسرائيل تفكر بتقييد نشاطها في الضفة

 الغد-هآرتس

 
بقلم: عاموس هرئيل
 
التوتر المتزايد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يرتبط ليس فقط في ارتفاع عدد العمليات وأحداث إطلاق النار في الضفة الغربية، بل أيضا في الرسائل المتبادلة بين الطرفين. في الأيام الأخيرة وجه رئيس الأركان افيف كوخافي ورئيس الشاباك رونين بار انتقادا علنيا لأداء الاجهزة الامنية الفلسطينية على الارض. في جهاز الامن يتشككون في أنه في جزء من الحالات النشاط المحدود للاجهزة في شمال الضفة وضعف التنسيق الأمني مع إسرائيل مصدره هو تعليمات من أعلى.
في الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نهاية شهر أيلول من السنة الماضية ألقى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، خطابا متشددا حذر فيه من قطع العلاقات مع إسرائيل. عباس سيلقي خطاب في الجمعية العمومية في هذه السنة ايضا في 23 أيلول، وفي المستوى السياسي والأمني هناك وتوتر معين استعدادا للأقوال التي سيقولها. عباس استخدم أكثر من مرة منصة الجمعية العمومية لمهاجمة إسرائيل واحيانا تتم ترجمة أقواله إلى أفعال في المناطق. هذا ما حدث في أيلول 2015 عندما اندلعت على الفور بعد القاء خطاب هجومي موجة عمليات إطلاق نار وطعن ودهس في الضفة وداخل حدود الخط الأخضر. وهذه الموجة تلاشت بعد نحو نصف سنة.
التصعيد في الضفة الغربية أثار القلق في الولايات المتحدة ومصر وقطر والإمارات، وكل هذه الدول تشارك الآن في جهود التهدئة. في الأسبوع الماضي زارت إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية بربارة ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط. في اللقاءات معها عرض رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، من بينهم رئيس الشاباك بار، معطيات عن الارتفاع الحاد في العمليات منذ آذار الماضي.
في رام الله التقت مع حسين الشيخ، من كبار شخصيات السلطة، ومع ماجد فرج رئيس المخابرات العامة. عباس المحبط مما يراه كانعدام استعداد من قبل الإدارة الأميركية للتدخل من أجل الدفع قدما بالعملية السياسية، امتنع عن الالتقاء مع ليف وفضل ارسال رجاله اليها. قرار عباس هذا اعتبر إهانة متعمدة من قبله للإدارة الأميركية، بالتحديد على خلفية الجهود الأميركية لتهدئة النفوس وضخ المزيد من الأموال للسلطة، من الولايات المتحدة ودول الخليج. في قيادة السلطة برروا امتناع الرئيس عباس عن اللقاء باعتبارات تتعلق بالجدول الزمني.
في إسرائيل لاحظوا تدخلا متزايدا لنشطاء الأجهزة في معارك تبادل إطلاق النار مع قوات الجيش الإسرائيلي، في الوقت الذي تدخل فيه هذه القوات من أجل إجراء اعتقالات في جنين ونابلس وفي مخيمات اللاجئين والقرى المحيطة بها. في نابلس نشأ مؤخرا تنظيم جديد باسم “عرين الأسود”، وهو يشمل في صفوفه مئات الشباب من تنظيمات فلسطينية مختلفة، الذين يشاركون في إطلاق النار على قوات الجيش الإسرائيلي. في إسرائيل يقلقون بشكل خاص مما يحدث في نابلس، إحدى المدن الرئيسية في الضفة، التي توجد قربها مستوطنات كثيرة. تدهور آخر في الوضع في المدينة وضعف مستمر في سيطرة السلطة هناك يمكن أن ينعكس على الوضع الأمني في كل الضفة واجبار الجيش على العمل بشكل اوسع.
جهات رفيعة في جهاز الأمن اعترفت بأنه بالنسبة لإسرائيل لا يوجد بديل حقيقي لنشاطات الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وحسب قول هذه الجهات هناك احتمالان أساسيان، مساعدة الأجهزة على إعادة إلى يدها المسؤولية الأمنية في المدن في شمال الضفة أو الوقوف جانبا ومشاهدة السلطة وهي تنهار، بصورة يمكن أن تجبر إسرائيل على الدخول إلى الفراغ الذي نشأ. وقد قالت هذه الجهات بأن التغيير نحو الأسوأ تتم ملاحظته بالأساس في شمال الضفة، وأنه في مناطق أخرى، من رام الله وجنوبها، فان السلطة ما تزال تعمل بشكل معقول، بصورة تتمثل أيضا بتشغيل منظم للخدمات الصحية والتعليم والتشغيل والنشاطات اليومية للوزارات الحكومية. في هذه المدن السلطة تعمل أيضا على تنفيذ القانون في المجال الجنائي وتقوم باعتقال المجرمين.
إن ضعف الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حسب هذا التفسير، ينبع ليس فقط من سلوك المجموعات المسلحة التي تمرر فم السلطة، بل أيضا من تدهور زاحف في أداء السلطة، الذي يتأثر أيضا بتعامل إسرائيل معها. منذ انتهاء الانتفاضة الثانية، في الأعوام 2005 – 2006، إسرائيل لم تعمل بشكل حثيث على استئناف العملية السياسية ولم تهتم في إعادة ترسيخ صلاحيات السلطة التي تضررت بشكل كبير بعد ان احتل الجيش الإسرائيلي مجددا مدن الضفة. استمرار هذا الوضع القائم يضر بمكانة السلطة في نظر سكان الضفة، وحكمها يظهر كحكم ضعيف وحتى عاجز.
الادعاءات المتبادلة بين الطرفين تمت مناقشتها بتوسع في اللقاءات الأمنية التي ما تزال تعقد بمشاركة جهات رفيعة في إسرائيل وفي السلطة. الفلسطينيون قالوا في هذه اللقاءات بأن توقع إسرائيل من الأجهزة الأمنية الفلسطينية العمل ضد المسلحين في الضفة في الوقت الذي يدخل فيه الجيش كل ليلة إلى المدن ومخيمات اللاجئين ويقوم باعتقال مطلوبين ويقوم بإطلاق النار، هو توقع غير واقعي. حسب قولهم، في الوقت الذي فيه تقريبا تفتح كل يوم بيوت عزاء بسبب موت شباب فلسطينيين في أحداث، فان السلطة لا يمكنها العمل على الأرض بشكل فعال. شخصيات رفيعة فلسطينية طلبت من إسرائيل تقليص نشاطات الجيش في شمال الضفة وتمكين رجالها من العمل بدلا منها على الأرض في الوقت القريب. وقد قالوا إن هذا نموذج عمل جرب بنجاح في السابق، في فترة التوترات، بهدف كبح تفشي العنف.
في جهاز الأمن يوجد نقاش حل مسألة هل يجب مواصلة اجراء الاعتقالات في شمال الضفة بنفس القوت التي تجري فيها في الأشهر الأخيرة. عدد من هذه الشخصيات يعتقد أنه لن يكون مناص من القيام بعملية واسعة النطاق في منطقة جنين بشكل خاص، كما يبدو حتى قبل الانتخابات الإسرائيلية في 1 تشرين الثاني. آخرون يعتقدون بأن إسرائيل أيضا تساهم في زيادة قوة اللهب، وبتصميمها على الاستمرار في عمليات الاعتقال كل ليلة، ومواصلة اعتبار هذه النشاطات جزء من العملية الخاصة، “كاسر الامواج”، التي بدأت في اعقاب سلسلة عمليات اطلاق النار داخل حدود الخط الاخضر في نهاية شهر آذار الماضي.
في نقاشات في القيادة الأمنية العليا طرحت توصيات من اجل السماح مرة اخرى للاجهزة الأمنية الفلسطينية بمجال أوسع للعمل في شمال الضفة. وحثها على العمل بذريعة أن السلطة الفلسطينية ايضا تعتبر حماس والجهاد الاسلامي أعداء رئيسيين لها، الذين سيسارعون الى استغلال الفراغ الذي نشأ على الأرض من اجل جذب الى صفهما الجماعات المسلحة وتعزيز سيطرتهما في شمال الضفة. بعض رجال الأمن اوصوا بتعزيز التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية واخلاء لها بالتدريج مناطق واوقات لاستئناف نشاطاتها. حسب قولهم، من الافضل أن يتم قريبا اقتصار عمليات الدخول الى المناطق المأهولة والمكتظة بالسكان في حالة وجود انذار فوري عن تنفيذ عمليات، “قنابل موقوتة”، وتجنب الاحتكاك العنيف الزائد. حسب رأيهم هذه هي العملية الاكثر اهمية من اجل تعزيز الاجهزة الامنية وتعزيز نشاطاتها.
إسرائيل والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة ناقشوا مؤخرا خطوات أخرى من أجل تحسين قدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية. ومؤخرا جرى تدريب عسكري لرجال الأجهزة بإشراف أميركي. إسرائيل لا تستبعد تقديم تسهيلات من أجل نقل السلاح والذخيرة للاجهزة بهدف تعزيز قوتها امام المجموعات المسلحة. وقد طرحت ايضا فكرة اقامة قوة فلسطينية خاصة، مدربة ومسلحة بشكل جيد من أجل ارسالها للتعامل مع اعضاء مسلحين من حماس ومن الجهاد الإسلامي.
في جهاز الأمن اشاروا إلى أنه رغم ارتفاع مشاركة نشطاء مسلحين في الأحداث، إلا أنه حتى الآن موجة العنف لا تجر معظم الجمهور في الضفة، لا توجد مظاهرات كبيرة في ارجاء الضفة، ورغم أن الفلسطينيين بدأوا يفقدون الثقة بالسلطة الفلسطينية، إلا أن الاغلبية المطلقة من السكان في الضفة يمتنعون عن المشاركة في العنف أو حتى في المظاهرات العنيفة. كثيرون في الضفة يعتبرون اعادة تفشي المجموعات المسلحة تهديد عميق للمجتمع الفلسطيني ويخشون من ارتفاع الجريمة.