الدستور- محمود كريشان - انها ظهيرة من رائحة نيسان، تمضي في جولة راجلة في وسط المدينة.. حركة مشاة خيفة.. وجوه متعبة.. عيون تجول بالدموع.. خطوات وئيدة تبحث عن قوت عيالها بأمل وتوسم الخير بأهل الخير!..

 

في شارع طلال الجميل.. فقراء يعرضون مقتنيات بسيطة وسجائر على بسطات تقطر بالقهر والوجع.. الصبر النبيل.. لا أحد يشتري.. الكل على «باب الله»..

 

أسواق مقفرة.. كئيبة.. قطط في أزقة المدينة وادراجها.. تنزوي وتصفن وتغرق في التساؤل؟.. ما الذي جرى لأهل المدينة؟.. أين هم؟.. وينهم!..

 

المدينة بلا ضجيج.. باعة سوق الخضار لا يصيحون: ثلاثة بليرة.. مال القويرة.. عجمي يا بيت انجان.. ابونملة يا موز.. بيضا حليب البطاطا.. والمعلم محبوس والمدام بدها فلوس!..

 

الأزقة حزينة.. الشوارع تتشح بالبؤس النبيل.. كشك حسن ابوعلي تتكدس به الكتب.. أين القراء؟.. أين جلسات محيط الكشك.. القضاة، الأعيان.. الوزراء والفقراء؟.. أين رائحة القهوة التي كانت تنبعث من محلات الشربجي ومطحنة الحمصي؟.. أين حمص العقيلي؟.. وين صواني ابومصباح «شهرزاد»؟.. أين السهارى وصوتهم وقهقهاتهم في الحانات التي تعج في الأزقة اللعينة؟..

 

مجمل الأمل.. راجعين يا هوى.. سيعود الوطن إلى سابق فرحه.. باذن الله رب العالمين.. ستفرج.. قسما بجلال الله.. «يا رب»..