عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Oct-2024

ما هو قائم وما يجب أن يكون*د.نهلا عبدالقادر المومني

 الغد

مرحلة قادمة تشهدها المملكة عقب الانتخابات لمجلس النواب العشرين، فالجميع ينتظر من مجلس النواب المقبل أن يكون الأداء الخاص به يحاكي التطورات التشريعية التي مهدت الطريق نحو إفراز مجلس ذي تركيبة مختلفة وذات تمثيل حزبي واضح للعيان ويضم أطرافا فاعلة في مجتمعها ومحيطها.
 
 
التغيير المنتظر يتوجب أن يكون ابتداء في الوظيفة التشريعية وآليات أدائها؛ فالمجالس السابقة لم تمنح الشارع الأردني رؤية تشريعية واضحة المعالم، ذات منهجية قادرة على إخراج تشريعات قادرة على أن تكون مبنية على دراسات ذات أثر تشريعي اجتماعي واقتصادي وغير ذلك من الأبعاد التي من شأنها أن تجعل من جملة القوانين الناظمة لحياة الأفراد عاملا في تحسين وتطوير أوضاعهم.
 
على غير صعيد لم تحقق العديد من التشريعات المقرة أو المعدلة من قبل المجالس السابقة فكرة الأمن القانوني للأفراد؛ فكانت عاملا في أحيان كثيرة في فقد الثقة في العملية التشريعية وأطرها وفي إحداث جدل مجتمعي خلف آثارا واضحة على اليقين القانوني لدى الأفراد وقدرتهم على الالتزام الطوعي بهذه النصوص إيمانا بها والتزاما بمضامينها كأحد أسس المواطنة الصالحة.
غياب الأمن واليقين القانوني عن العديد من التشريعات الناظمة لحياة الأفراد ساهم في ترسيخ جذوره غياب النهج التشاركي في وضعها أو تعديلها في العديد من الأحيان وفي تشريعات ذات أثر مباشر على حياة الأفراد؛ فالنهج التشاركي التفاعلي الحقيقي هو البوصلة التي كانت غائبة أحيانا أو محدودة أو شكلية في بعض الأحيان ما أدى إلى اتساع الفجوة بين من يعبرون عن ضمير الأمة وارادتها وبين من منحوهم هذه الثقة والمسؤولية.
مسار آخر ينتظر على اعتاب المجلس النيابي المقبل يتمثل في الوظيفة الرقابية التي وعبر المجالس المتعاقبة كانت تفتقر لآليات واضحة في المتابعة والخروج بنتائج حقيقية قادرة على إحداث التغيير أو على أقل تقدير تحريك ما هو ساكن في العديد من القضايا والملفات التي تستوجب تضافر جهود الأطراف كافة. 
الوظيفة الرقابية في عيون المراقبين والأفراد في المجالس السابقة هي وظيفة يمارسها النائب في إطار شكلي أو لغايات تحقيق شعبية ما دون خوض حقيقي في الجذور الحقيقية للتحديات بما يضمن وضع نهج متكامل قائم على تحديد الأدوار والمسؤوليات، فقلما نذكر رقابة نيابية أدت إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع أو تغيير في قضية مفصلية في حياة الأفراد.
حقيقة لا بدّ من ادراكها جيدا وهي أن الوظائف المناطة بمجلس النواب وعلى رأسها الوظيفة التشريعية هي الحلقة الأولى في إحداث التنمية المستدامة وعامل محوري في تحريك عجلتها وأهدافها؛ فالتفكير بتنمية مستدامة شاملة يجب أن ينعكس في مضامين التشريعات لذا فإن الدراسات القائمة على تقييم الجدوى الاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من القوانين التي يتم تعديلها أو اقرارها تنعكس بصورة مباشرة على عناصر التنمية التي يتم العمل على تحقيق أهدافها، وبالنتيجة سينعكس ذلك على جملة حقوق الإنسان التي يسعى الأردن جاهدا إلى تطويرها وتمتين جذورها كأولوية وهدف إستراتيجي يضعه الأردن في مئويته الثانية.  
هذا كلّه لا يمكن تحقيقه الا بوجود فهم عميق متجذر لوظائف مجلس النواب ومحوريتها وضرورة وجود رؤية وسياسة تشريعية متكاملة تُرسي قواعدها بدراسة شاملة لما هو قائم وما يجب أن يكون.