عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jun-2025

غزة التي خذلها العالم*سلطان الحطاب

 الراي

تصمت الصواريخ وتتوقف غارات الطائرات ويعود القادة في اسرائيل وايران
 
للحظات مراجعة وحصر الخسائر المنظورة وغير المنظورة، ويبرز الردع المتبادل كأفضل وسيط لوقف الحرب.
 
ولكن غزة لا بواكي لها، فما زالت تنزف وتموت جوعاً وعطشاً، وما زالت القيم الانسانية تصادر، حتى لا تصلها ولا تفك طلاسم العدوان الاسرائيلي عنها.
 
وما زال الملك عبد الله الثاني يقول «قيم هذا العالم نحو انحدار اخلاقي، إذ تكشف أمامنا نسخة مخزية من انسانيتنا، وتتفكك قيمنا العالمية بوتيرة مروعة وعواقب وخيمة، يمثل هذا الانحدار بأوضح أشكاله في غزة التي خذلها العالم، واضاع الفرصة في اختيار الطريق الأمثل للتعامل معها.
 
الهجوم الاسرائيلي الهمجي على مستشفى الشفاء واستشهاد أكثر من 500 شخص مرة واحدة، صدم العالم وما زال يصدمه، استمرار ذلك، ومنذ ذلك الحين واسرائيل ماضية في القتل الذي يصيب المستشفيات والمدارس وخيم البلاستيك، وقد أحصت منظمة الصحة العالمة 700 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في غزة، وما هز العالم قبل عشرين شهراً في تدمير المستشفى على رؤوس المرضى والمصابين، يصبح الآن باستمرار العدوان، أمراً عادياً ويحدث كروتين تكرره اسرائيل يومياً.
 
لماذا يجري خذلان غزة على كل المستويات؟ ولماذا لا يثير ما يجري حتى الآن في غزة من ابادة ووحشية قلق العالم ليتخذوا مواقف عملية غير الشجب والاستنكار؟
 
لماذا بالكاد تذكر عمليات الابادة وقتل الذين يطلبون الطعام من مراكز الغذاء ليضعوا حياتهم مقابل وجبة طبعا سيئة لأولادهم الذين يفقدون حياتهم جوعاً؟.
 
لكم أن تتصوروا حالة الأم التي يطلب أولادها الطعام، فلا يستطيعون أن يناموا جوعى ويأتي القصف ليقتلهم، جياع وامام ابائهم الذين يعرضون أنفسهم للموت قتلاً في غارات اسرائيل، أمام مراكز توزيع الغذاء، حين ينظروا الى عيون أطفالهم وهم يتوسلون الطعام قبل سقوطهم.
 
كل ذلك، كما يقول الملك، يثير قلقنا جميعاً، وليس بوسعنا أن نتعجب مما يجري، لأن المجتمع العالمي قد فشل وما زال يفشل في صدع الفجوة بين القول والفعل، وكل ما يقال ويدعى هو فارغ ومستهلك.
 
ذر للرماد في العيون وتباكي لا معنى له في وقف الحرب.
 
نعم، نحن على مفترق طرق، كما يقول الملك، ونحن أمام لحظة حاسمة تتطلب الاختيار بين المبدأ والسلطة، بين حكم القانون أو حكم القوة بين التراجع أو التجديد، لأن كل ذلك أصبح الآن على المحك، وأصبحت الانسانية في الامتحان الذي يقدم نتائج مخزية من السقوط.
 
ليست غزة التي تسقط القيم الانسانية أمام قتلها وحصارها، بل أيضاً، هناك من هو ضحية أنه هويتنا كمجتمع عالمي، نبدو عاجزين وفي كساح، لأن هناك من يتزود بالقوة والغطرسة وانعدام الضمير ويمعن في القتل.
 
ماذا يمكن أن يقال للأجيال التي تشاهد وتتعذب ولا تصنع شيئاً سوى الإحساس بالفشل والخذلان والتلاوم والبكاء.
 
من يحمي انسانية الانسان؟ من يحمي أمن الانسان وتأكيد انسانيته؟ لماذ ينشغل العالم بالصورايخ الايرانية وبالمفاعلات الذرية على الحرب الاسرائيلية – الايرانية، ويهتم بوقفها لخطورتها ويتعامى عن ملايين غزة من أطفال ونساء وطاعني في السن، يتمنون الموت على استمرار هذه الحياة، وكأنهم يقولون:
 
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً/ وحسب المنايا أن يكن أمانيا.
 
هل غزة جزء من هذه الأمة، وهل يتداعى لها سائر الجسد العربي والإسلامي بالحزن والسهر والحمى والألم، لما يراه أم أن ذلك مجرد كلام، جرى اختباره ولم ينجح، إذن من يعيد للكلام مضمونه وللعبارات دلالاتها، ومن يقف في وجه أطول حالة اشتباك في العالم وأكثرها تدميراً، وهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود.
 
أوقفت اسرائيل حربها عن ايران لانها مكلفة ولا تقوى على استمرار دفع هذا الاستمرار، ولكنها في غزة، لا تدفع الثمن الذي يجعلها تتوقف وهي تستغل العالم بمقولات لا صحة لها.
 
لو لم تكن ايران مسلحة وقادرة على الدفاع عن نفسها، لما توقفت الحرب عليها، ولكن غزة، أنفردوا بها وخذلها العالم، وضاعت بين تعريفات العروبة والاسلام، فمتى يصحو ضمير العالم وتزول الغشاوة عن عيونه، والى متى نبقًى نتسائل عن سبب الإرهاب والاستثمار في الإرهاب؟ دون ان يمنع القاتل من مواصلة جريمته ضد الضحية، غزة. ما زالت على الصليب، فإلى متى؟.