عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Sep-2019

محمود باشا كريشان.. شيخ الرايتين.. وبصماته الخالدة في بناء الدولة الأردنية الهاشمية الأبية

 

الدستور- محمود عطاالله كريشان - انها معان.. منزل الضيف وبيت العائدين لنقاء التاريخ، وموطن الكرامة وجذوة الكبرياء وحجر الأساس في جدار الوطن البهي، وبوابة الفتح للصحابة الكرام.. وهي محطة آل البيت الهاشمي الكريم عندما اسرجوا خيولهم لترتوي من معين معان.. طهرا وزمازم..
هذه المدينة التي جاورت الغمام والتصق اسمها بالماضي.. وأهلها الكرام.. القابضون على الثوابت الوطنية الأردنية مسلكهم الفعل الناجز والانتماء وعشقهم الطاهر للمجد المسكون في نبض القيادة الهاشمية الأبية، واهلها كما قال عنهم جلالة المغفور له بإذن الله «عظام الرقبة».
مكارم ونخوة
اذًا.. الحكاية مشرقة بمواقف نخوة وشهامة وغوث.. وطنية وانتماء.. احد زعماء مدينة معان الشيخ محمود باشا كريشان، الذي توفاه الله عام 1963 بعد حياة حافلة بالنخوة والقومية المجبولة بمواقف عروبية اصيلة حافلة بالرجولة والشهامة، وقد نذر فيها النفس والنفيس كما يقولون لخدمة محافظته ومدينته الجنوبية العزيزة، حيث يقول التاريخ انه لم يتوان يوما عن اداء واجب ولم يتخلف يوما عن نصرة مظلوم، واغاثة ملهوف، ولم يتخاذل لحظة اذا ألمت بالقوم نازلة او اصاب القوم جرح، تقدم يوم عز الجود وغلت التضحية، بمواقف منذورة لوجه الله تعالى.
شيخ الرايتين
الباشا محمود كريشان الذي كان بمعية والده  شيخ الرايتين  الشيخ حسين باشا كريشان في استقبال الثائر باسم العروبة والدين والحرية المغفور له الشريف الحسين بن علي  طيب الله ثراه والهاشميين الغر الميامين يوم وطئوا  ثرى معان  بوابة الفتح وبداية تأسيس الدولة الأردنية الفتية، وكان حينها ديوان الشيخ حسين باشا كريشان اول بيت ينال شرف استقبال رسل الحرية، وجحافل الثورة العربية الكبرى وطلائعها المباركة.
لقب الباشوية
المرحوم محمود باشا كريشان الذي تلقى في ذلك الوقت رسالة ملكية سامية من الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين طيب الله ثراه  يُنعم عليه فيها لقب الباشوية  الذي كان ممنوحا لوالده في العهد العثماني، نظرا لدوره مع بعض تجار ووجهاء مدينة معان في تجهيزات وامدادات لجيش الثورة العربية الكبرى.
الجهاد في فلسطين
والتاريخ ايضا يكتب بأحرف من نور مواقف الكبار والزعامات الوطنية في نصرة الأهل في فلسطين بالجهاد؛ إذ ان الباشا كريشان كان من اوائل من هب مع رفيق دربه الزعيم الكبير المرحوم حامد باشا الشراري حيث قاما بتجهيز وتسليح عدد من الفرسان وقد وصل عددهم الى نحو (150) فارسا من ابناء مدينة معان ليندفعوا للجهاد في فلسطين وهم يهزجون بمورثات الشهامة والنخوة التي جاء في بعضها: صهيوني وإرحل يا لعين.. هذي البلاد.. بلادنا.. جيناك يا القدس الشريف.. نفداك بدم ارقابنا..
الباشوات الشراري وكريشان
فيما يسرد كتاب (ملامح من الحياة الشعبية في مدينة عمَّان ــ 1878 ـ 1948 م) لمؤلفه الدكتور عبد الله رشيد عن الحاج حسن النسعة أن المعانية بنوا مسجدا في الحي، ويروي حادثة طريفة جرت في أواخر العشرينيات من القرن العشرين المنصرم، حيث انقسم سكـَّان حي المعانية إلى فريقين، فريق يطالب بأن يكون الشيخ حسين المدلل القادم من مدينة جرش وكان يعلم الاطفال الذكور فقط مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم إماما للمسجد، أما الفريق الثاني فقد كان يطالب بأن يكون إمام المسجد الشيخ سالك الشنقيطي، وتفاقم الخلاف حتى صار كل من الفريقين يصلي خلف إمامه، وكاد هذا الخلاف يؤدًّي إلى تناحر سكان حي المعانية، فتوسط في حل المشكلة وجهاء مدينة معان حيث حضر كل من  محمود باشا كريشان وحامد باشا شراري الذي كان رئيسا لبلدية معان في تلك الفترة وعرضا الأمر على الأمير عبد الله بن الحسين، فقام باستدعاء كل من إمامي المسجد الشيخ المدلل والشيخ الشنقيطي، وقام بالتباحث معهما في العديد من المسائل الفقهية فكانت أجوبتهما متقاربة، وأخيرا خطرت للأمير أن يطلب من كل منهما على حدة ان يتوضأ أمامه، فلم يقم الشيخ المدلل بتخليل لحيته، بينما خلل الشيخ السالك لحيته، فأمر الأمير عبد الله بتثبيت الشيخ سالك الشنقيطي إماما لمسجد المعانية.
هذه الحكاية
ايضا نسرد قصة- منقولة عن اردني مسيحي من ماعين ويدعى ابومنصور حدادين، وهي تؤكد ان الاردن وطن التعايش والتسامح، وكان حدادين يعمل موظفا في مدينة معان-  اثناء قدوم زوار له من احد رجال الدين المسيحي في العقبة ومعه عدد كبير من الضيوف، حيث يقول مدير الاعلام في وزارة الزراعة د. نمر حدادين ان الباشا كريشان قام باعطاء حدادين مفاتيح منزل واسع مجهز بكافة الاحتياجات لاستقبال ضيوفه معززين مكرمين في مضارب الباشا محمود كريشان.
الباشا توفيق
وبقي ان نردد المقولة المشرقة هذا الشبل من ذاك الاسد ونحن نشير الى ان نائب رئيس الوزراء الاسبق الباشا توفيق كريشان هو نجل الزعيم الوطني الباشا محمود كريشان، الذي مضى بعزيمة لا تفتر وارادة لا تلين على خطى والده وجده ناذرا نفسه لخدمة ابناء الوطن ومعتبرا انه احد الجنود المخلصين للعرش الهاشمي النبيل، حيث ان الاردن بالنسبة له انتماء وعطاء وولاء ونخوة منذورة لأبناء هذا الحمى الهاشمي من شتى اصولهم ومنابتهم الكريمة.
وقد اجاب الباشا توفيق كريشان على سؤال طرحته عليه احدى وسائل الاعلام.. لماذا يقولون لك  باشا ..؟.. فرد الباشا قائلا: لم يأت اللقب من خدمة عسكرية فأنا لم أخدم بالجيش وان كان شرفا عظيما لي لو خدمت، لكن الباشوية قديمة في عائلتنا وهي وراثية عن جدي حسين إلى والدي محمود من زمن تركيا والامارة، وبقي اللقب متوارثاً.
وابناء الباشا كريشان هم الشيخ قاسم والشيخ نايف ابوهاني والمحامي الالمعي زهير ابومحمود والباشا توفيق ابوعبدالله، وقد تم اطلاق اسم محمود باشا على اكثر من شارع ومكان ومدرسة في معان وعمان بالاضافة الى تسمية احد الميادين في مدينة الحسين الطبية باسمه.
ايضا فإن المرحوم محمود باشا كريشان دخل المعترك السياسي والبرلماني حيث فاز بمقعد المجلس التشريعي الثالث عام 1934 عن لواء معان كأول ممثل لمعان في عهد الامارة بالاضافة لمشاركاته الفاعلة في المؤتمرات الوطنية المهمة العديدة والتي ارست مداميك الشموخ في بناء الدولة الاردنية الفتية.