عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Feb-2019

”ترتر“ لعبد الستار: استدعاء التاریخ لمناصرة العلم والخروج عن القطیع
بیروت –الغد-  قال الروائي العراقي نزار عبد الستار إن فكرة أحدث روایة لھ “ترتر” جاءتھ أثناء زیارة مقبرة السلطان العثماني عبد الحمید الثاني في تركیا مشیرا إلى أنھ استوحى الخط الرئیسي للعمل من واقعة تاریخیة استطاع من خلالھا نسج روایتھ الخیالیة.
وقال عبد الستار في مقابلة مع رویترز أثناء زیارة إلى بیروت “في العام 2009 كنت اتسكع في شوارع اسطنبول وإذا بي ألمح مقبرة مبھرة الأركان، فوجدت نفسي أتجول فیھا مشدودا لزینتھا الرخامیة وطابعھا التاریخي، وفجأة ظھرت أمامي قبة مھیبة لم أتمالك نفسي أمام سحرھا فدخلتھا منقادا لھاجس مبھم، فإذا بي أقف أمام ضریح السلطان عبد الحمید الثاني، وعرفت ھویتھ من خلال الصور التي كانت تزین الجدران”.
وأضاف “كان المكان خالیا تماما ولیس ھناك أي موظف استقبال أو حارس، جلست أمام الضریح أنظر إلیھ وأنا فارغ الذھن وغیر منتبھ للزمن، وھنا ولدت بذھني الصور ورحت أتذكر كل ما قرأت عن الرجل. لم أكن أملك نحوه أي إحساس عاطفي لكنني تذكرت مسألة سكة حدید برلین بغداد وحین خرجت بعدھا بساعتین كانت فكرة روایة ترتر قد ولدت برأسي”.
تدور أحداث “ترتر” في العام 1898 انطلاقا من واقعة تاریخیة ھي زیارة إمبراطور ألمانیا فیلھلم الثاني إلى اسطنبول للقاء السلطان عبد الحمید الثاني حیث یخططان لإنشاء سكة حدید برلین-بغداد بھدف منافسة التجارة الإنجلیزیة وقطع طریق الھند البري.
ولمواكبة المشروع یجب قبل كل شيء إدخال التجار الألمان إلى ولایة الموصل والعمل على تأسیس صناعة نسیج تتفوق على تلك الإنجلیزیة فلم یكن ھناك أفضل من آینور ھانز، ولیدة الأب الألماني والأم التركیة التي تعمل مرشدة سیاحیة في وكالة توماس كوك للسفر، للقیام بھذه المھمة.
لكن آینور المرأة المسكونة بالأحلام والمسیرة بالحب تذھب إلى أبعد من ذلك، متحدیة جبروت ثلاث دول عظمى ھي إنجلترا وفرنسا وروسیا.
ووصلت الروایة الصادرة عن دار ھاشیت أنطوان في بیروت في 278 صفحة للقائمة القصیرة بفرع الآداب في جائزة الشیخ زاید للكتاب في الإمارات والتي تعد من أبرز الجوائز الأدبیة العربیة وأعلاھا قیمة.
وتتنافس “ترتر” على الجائزة البالغ قیمتھا 750 ألف درھم إماراتي (نحو 205 آلاف دولار) مع روایة “غواصو الأحقاف” للسعودیة أمل الفاران وكتاب “الذات بین الوجود والإیجاد” للمغربي بنسالم حمیش.
تتمیز الروایة بدقة الوصف للأحیاء والأماكن والقصور في العراق وتركیا وكذلك المواكب الرسمیة والأثاث والعمارة في الحقبة الزمنیة التي تدور بھا الأحداث وھو ما أضفى علیھا مزیجا من الصدق والإبھار. ویرجع عبد الستار تمكنھ من ھذه التفاصیل إلى الاعتماد على مصادر متعددة منھا التركیة والألمانیة والإنجلیزیة ساعده فیھا عدد من الأصدقاء إضافة إلى مشاھداتھ الشخصیة.
وقال عبد الستار لرویترز “القصور والأماكن التي لم استطع الوصول إلیھا طلبتھا من أصدقاء وقاموا بتصویرھا لي، فمثلا قصر یلدز شالة تم تصویره لي بالفیدیو من الداخل، وكذلك غرفة فیلھلم الثاني، ومن خلال مراجعتي للمصادر العثمانیة استطعت الوصول إلى الشكل الحقیقي الذي كان علیھ القصر في تلك الفترة. والحقیقة غالبیة ما جمعتھ لم استثمره في الروایة وإنما استفدت منھ في استلھام وعي ذلك العصر وأثریت بھ خیالي، ومن خلالھ فھمت العصر وثقافاتھ”.
وأضاف “كنت أكتب وأنا بعقلیة وروح ذلك العصر، وكان علي أن اقرأ الكثیر كي امتلك وعي زمن الروایة، لھذا لا توجد في ‘ترتر’ مفردة واحدة من عصرنا الحدیث، كما أنني رجعت إلى اللغة العثمانیة القدیمة واستعملتھا في تحدید الأماكن، كما قرأت الكثیر عن السلطان عبد الحمید الثاني، والفصل الذي أظھره متكلما مع آینور ھانز (بطلة الروایة) أعدت كتابتھ قرابة تسع مرات حتى اقترب من الحقیقة”.
ویؤكد عبدالستار (51 عاما) أن معظم شخصیات “ترتر” لا وجود لھا في التاریخ لكنھ صنعھا من خیالھ واستنطقھا بأفكار ومشاعره ورؤاه حتى تكتمل رسالة العمل.
وقال “آینور ھانز شخصیة خیالیة تماما، أنا اعتمدت الإطار التاریخي المتمثل بالسلطان عبد الحمید الثاني والإمبراطور فیلھلم الثاني وزیارة الأخیر التاریخیة إلى الشرق كي أنسج روایة خیالیة تماما.
“المسألة تتعلق بمفھومي عن التحدیث وإیماني بمنطلقات التجدید، وأردت من خلال ھذه الروایة
التركیز على فكرة الجھل والتخلف وكیف بالإمكان محاربتھما، وما ھي الاشیاء التي خسرناھا وانتصر الجھل فیھا على العلم”.
ویتابع قائلا “ھذه ھي بالتحدید قضیتنا الآن كدول عربیة تحاول النھوض واللحاق بركب التطور، لكننا في كل مرة نقع فریسة للتطرف والجھل والاستسلام لفرضیات الإرھاب ومصادرة الحق الإنساني في الحیاة”.
واختتم حدیثھ قائلا “روایة ‘ترتر’ تناصر العلم وتدعو إلى الخروج عن القطیع المستسلم، فالشعوب لا تعیش بكرامة إلا إذا حاربت الجھل وقدست العلم”.
وروایة “ترتر” ھي الثالثة للروائي العراقي بعد “لیلة الملاك” التي فازت بجائزة أفضل روایة من اتحاد أدباء العراق العام 1999 و”یولیانا” التي صدرت في 2016 إضافة إلى مجموعتین قصصیتین “رائحة السینما” في 2002 و”بیجامة حمراء بدانتیلا بیضاء” في 2013– . (رویترز)