الدستور- يترقَّب العالم بكثب ما سَيحدُث بالإنتخابات الرئاسية القادمة من الآن لأن نتائجها ستكون حاسمة لجميع الدُول وليس فقط فيما يتعلق بالشأن الداخلي وقضايا الشعب الأمريكي ومكانة أمريكا بين الأُمَم. وإذا أحببت أن تُتابع الانتخابات خُطوة خُطوة من الآن، على أساس ان نتائجها ستُؤثِّر على مُستقبَلك ومستقبل أولادك وحال قضاياك الرئيسة وكأنَّك أمريكي أصيل، وبِما أن النظام الأمريكي معقَّد لدرجة أن الكثير من الأمريكان لا يفهمونه، سأُفسِرَه لك بهذا الدليل:
بدأ الحزبان الجمهوري والديمقراطي يوم الإثنين الماضي بانتخاب من سَيُمثلهُم بالإنتخابات الرئاسية التي سَتُعقد بالثالث من شهر نوفمبر من هذا العام وبهذه المناسبة أُطالب بِعُطلة رَسمية في ذلك اليوم الحاسِم فالمُواطن العربي عُموماً بِحاجة لمُتابَعة النتائج مثله مثل المواطن الأمريكي.
الأحزاب الأمريكية لامركزية. بينما لكُل من الأحزاب قيادة وطنية تُنَظِم أعمال الحزب بأمريكا، لكل ولاية قيادة حزبية صاحبة ولاية عامة على شؤون الحزب بتلك الولاية. سيَختار أعضاء كل حزب بكل ولاية ممثلي أعضاء الحزب الذين سَيُشارِكون بمُؤتَمَر حزبي وطني جامع ينتخب مرشَّح ذلك الحزب للرئاسة وسَيستَمِر هذا المُسلسَل الشيِّق لشهر يوليو وعندها تبدأ الحملات الإنتخابية لرئاسة أمريكا رسمياً بين مرشَحَين لا ثالث لهُم على أرض الواقِع، ينجح أحدهُم «ليَفعَل بِنا ما لا يُفعَل» من نوفمبر هذا العام ولأربع سنوات، مِن المُمكِن عِجاف.
قُلنا سَيذهَب من كل ولاية ممثلو المرشحين الحزبيين الأكثر حظاً بانتخابات تلك الولاية. كالإنتخابات الرئاسية المنقوصة ديمقراطياً، من المُمكِن أن يَحصُد مُرشَّح ما أعلى الأصوات بالولاية بينما يَذهَب عدد أكبر من ممثلي مُرشَّح آخر للمُؤتمر الوَطَني وذلك لأن كل منطقة (بريسينكت) بالولاية لها عدد مُحدَّد من المُمثِلين في المُؤتمَر ولهذا لا يأبه مرشحو الحزب بعدد الأصوات التي حصلوا عليها بل بعدد المُمَثِلين التابعين لهُم الذين سيَتَّجِهوا للمُؤتمر لإختيار مُرشَّح الحزب. هذا أحد الأسباب التي يتفادى أنصار مشروع الدولة المدنية الديمقراطية بعالمنا النظام الأمريكي كَمِثال ويُفضِّلون النظر بالأنظمة الأوروبية الأكثر ديمُقراطِية.
لكُل حزب بولاية من الخمسين الذين يشكلون الإتحاد الحق باختيار نظام انتخابي من نِظامَين: نظام ال»بريميير» أو نظام ال»كوكس.» «البريمييرز،» الأكثر شيوعاً بين الولايات، يَستخدِم صناديق الإقتراع بالإنتخابات الحزبية ويُعتَبَر الأفضل ديمقراطياً لأنه يسمح للناخِب أن يُصَّوِت بالمكان الأقرب له وفي الوقت الذي يُناسبه يوم الإقتراع، مما يزيد من نسبة المشاركة. النظام القديم، نظام «الكوكَس» أي (التَجَمُع) يُحدِّد مواقع للتجَمُّع يوم الإنتخابات لمُدة ثلاث إلى خمس ساعات يَتَجمَّع بها «جماعة» كل مُرشَّح ويصوتون له علنياً. المُرشَّح الذي لا يَحصُل على نِسبة أصوات كافية (مثلا 15 % من أصوات المشاركين حسب حجم المنطقة) يَسقُط وتبدأ عملية إقناع مناصريه بالإنتقال الى مجموعة مُرشَّح آخر ومن ثُمَّ يتم عد الأصوات علنيا مرة أخرى. هذا ما حدث بأيوا التي ما زال الحزب الديمقراطي فيها يُحاول إصدار النتائج النهائية لمرشحي الحزب الديمقراطي لحين كتابة هذه السطور. أيوا، كَمِثال، عقدت «كوكَسِز» ب1683 منطقة محددة مُسبَقاً بالولاية وستُرسِل 49 مُمَثلِاً عن مرشحي الحزب الديمقراطي للمُؤتمر الوطني الذي سيُعقَد بحُضور 4746 مُمَثِّل سَيختارون مُرشَحهُم لمُواجَهة ترمب.
أما بالنسبة للحزب الجُمهوري بأيوا فحَصَد ترمب 97 % من أصوات أعضاء حزبه بغياب أي مُنافس حقيقي. وبهذه المناسبة أدعوكم لمُتابعة انتخابات الحزب الديمقراطي فقط لحين بدء الانتخابات الرئاسية في شهر يوليو، فأنتم الأدرى بنتائج انتخابات الحزب الجمهوري المُنعقِدة بمُرشَّح حقيقي أوحد حتى ولو احتفل ترمب بانتصاره الساحق على لا أحد بكل ولاية من الخمسين.