عمان– الغد- يحاول الزوجان إدراك التحديات التي تمر بها علاقتهما، فيقولان أو يقول أحدهما “نعم نحن مختلفان بعض الشيء، ولكنني أمثل طرفا جيدا في العلاقة، فأنا أعمل وأقدم من أجل عائلتي، وأعتني بالأطفال، وأنظم حياتنا الاجتماعية، وأطهو وأحافظ على نظافة المنزل، فلماذا إذن علاقتي غير ناجحة!”.
إن علاقات الحب لا تتمثل فقط في المساومة والتسويات، فعاجلا أم آجلا سيفقد الزوجان التواصل العاطفي بينهما.
ما علاقات الحب؟
إن علاقات الحب هي روابط عاطفية بين أشخاص بالغين، وتشبه العلاقة بين الأطفال ومن يقدم لهم الرعاية، فنحن كأطفال نشكل هذه الروابط مع من يرعانا بشكل أساس، ولكن عندما نصبح بالغين ونبتعد عن الأهل، نبدأ بالبحث عن شركاء حياة؛ لنشكل معهم هذه الروابط ونشبع حاجاتنا العاطفية.
إن الحاجة للتواصل العاطفي مع إنسان آخر لا تعد ضربا من الرفاهية، ولكنها حاجة فطرية وُلدت معنا وستلازمنا إلى نهاية حياتنا، ولن نتجاوز يوما حاجتنا إلى استجابة الطرف الآخر في العلاقة بشكل إيجابي لحاجاتنا العاطفية.
هذا ما يفسر شعور الكثير من الأزواج بالحزن حين يدركون أن الرابط العاطفي بينهم قد ضعف أو فقد من العلاقة مما سيدفع البعض منهم إلى البحث خارج إطار العلاقة عمن يشبع حاجاتهم، وبذلك نجد أن استعادة هذا الرابط هي المفتاح للخروج من هذه المحنة، كما أن المفتاح لحماية العلاقة من الخيانة، وذلك يعني أننا نبني الرابطة العاطفية، ونقويها عندما يحافظ الزوجان على استجابة عاطفية إيجابية مع الطرف الآخر.
كيف نكون “مستجيبين عاطفيا”؟
استنادا إلى علاج العلاقات العاطفي، فإن الاستجابة العاطفية لها ثلاثة مكونات؛ هي:
إمكانية التواصل العاطفي معكم: هل تجدون أنه يسهل التواصل العاطفي معكم؟
هل يمكنني التواصل معك؟ هل أنا مهمة/مهم بنظرك؟ هل أنت موجود عاطفيا من أجلي؟ هل سأجد استجابة عاطفية إذا طلبتها؟
إمكانية التواصل عاطفيا معكم تعني أن تكونوا منفتحين مع الطرف الآخر حتى ولو كنتم تشعرون بعدم الأمان أو بالشك، وذلك بالتوقف لحظة، لفهم وإدراك ما تشعرون به، بدلا من السماح لمشاعركم أن تسيطر عليكم، وهذا سيمنعكم من الانفصال العاطفي، بل سيساعدكم على الاستجابة الإيجابية للحاجات العاطفية للشريك بدلا من تجاهلها.
الاستجابة: هل تستجيبون لحاجات الشريك؟: هل تساعدني فيما أشعر به؟ هل يمكنني الاعتماد عليك بأن تستجيب لمشاعري؟ هل تبالي بألمي؟ أم أنك ستقول لي: “إنها مشكلتك أنك تشعرين بالسوء، فتعاملي مع هذا الشأن وحدك؟”.
الاستجابة العاطفية تعني التناغم مع الطرف الآخر في العلاقة، وإبداء اهتمامنا بمشاعرهم وحاجاتهم ومخاوفهم، وجعلها أولوية، وتعني أيضا إدراك متى يطلب الطرف الآخر الدعم والتفهم، والاستجابة بصورة إيجابية وحساسة لهذه الرغبة بالتواصل العاطفي.
إن استعادة الرابط العاطفي بين الشريكين هي ليست فقط المفتاح لإحياء علاقة بائسة فكذلك هو الأساس لحماية العلاقة من الخيانة.
الانخراط والمشاركة: هل ستبقى متواصلا عاطفيا معي؟
هل ستقدرني وتبقى إلى جانبي عاطفيا عندما أحتاج؟ هل ستكون حاضرا عاطفيا عندما أحتاج لذلك؟
الانخراط يعني الاستجابة برد فعل ذي معنى لمشاعر الطرف الآخر في اللحظة نفسها التي تظهر بها هذه المشاعر، وذلك بفهمها والاستجابة بصورة إيجابية وحساسة لحاجاتهم، فلا يقتصر الأمر على القيام بأمور من أجلهم، أو تقديم حلول، ولكن بالحضور بمشاعركم معهم. وبدلا من اتخاذ موقف دفاعي، ننصت للطرف الآخر بتعاطف من خلال تصور أنفسنا في مكانهم وتفهم وجهة نظرهم؛ أي أن نحاول تهدئة الطرف الآخر بإبداء اهتمامنا بهم، وبأن نكون حنونين ومراعين، فذلك سيساعدكم على الحفاظ على تواصلكم والتناغم مع حاجات شركاء الحياة الزوجية بدلا من الهرب منها، فعندما نستجيب بحساسية لحاجات شريكة أو شريك الحياة الزوجية العاطفية سيهدؤون؛ لأنهم سيشعرون أنكم تفهمونهم وتقدرونهم.
مريم حكيم
مستشارة في العلاقات الزوجية
مجلة “نكهات عائلية”