ماراثون لم يكتمل: «وفدا» فتح وحماس.. «غادرا» القاهرة ولم «يُوقِّعا»؟*محمد خروب
الراي
يبدو أن مُعجزة وربما ما هو أكثر من المعجزة, هي الكفيلة بوضع حد أدنى من «التوافق» بين حركتي فتح/السلطة وحماس, ليس فقط قبل ملحمة «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/023, بل خصوصا بعدها. في ظل ما طرأ من تحوّلات عميقة على المشهدين الفلسطيني والإقليمي, دون تجاهل «جدول أعمال» حلف الشرّ الصهيوأميركي, الذي بات يتوافر على أوراق ضغط, ثمينة, في ظل تمزّق إقليمي/ عربي, وانعدام قدرة دول عديدة في المنطقة, على التأثير في قرارات تل ابيب وواشنطن. وتحديداً في ما خص وقف النار في القطاع الفلسطيني المنكوب, الذي يتعرّض منذ عام ونيّف، لحرب إبادة وتطهير عِرقِي وتجويع وخراب عميم.
ما نحن بصدده في هذه العجالة, هو الإضاءة على النتيجة «المُؤسفة/الصادمة إن شئتم», التي آلت إليها محادثات فتح وحماس في العاصمة المصرية. حيث كان لافتا تضارب التسريبات والتصريحات, المنسوبة الى مصادر في هذه الحركة او تلك. عِلما ان جدول أعمال لقاء القاهرة الأخير الذي إنتهى اول أمس, لم يكن مُكرّسا لـِ«المصالحة» بينهما. مُصالحة «استعصت» وما تزال لما يزيد على 17 عاماً. ما أسهمَ من بين أمور أخرى, ليس فقط في عزوف الجمهور الفلسطيني وإدارة ظهره, لكل ما يصدر عن الحركتين من تصريحات وبيانات صاخبة لا تساوي الحبر التي كُتبت به, بل خصوصا ودائما في إضعاف الموقف الفلسطيني, وتعريض المشروع الوطني الى مَخاطر جمّة, وصولا الى بروز مشروعات لتصفية القضية الفلسطينية. على نحو لا يتردّد حلف الشر الصهيوــ اميركي ومَن حالفه, بالدعوة اليها علناً, والعمل الميداني لترجمتها على الأرض.
في التفاصيل والتسريبات أن الوفدين (غادرا من أجل التباحث مع «قيادات الحركتين»، للرد على مسودة الاتفاق المصرية». حيث حصلَ توافق ـ تقول التسريبات ــ على «بعض» البنود، منها ــ على سبيل المثال ــ تبعية «لجنة الإسناد» وميزانيتها للحكومة الفلسطينية، لكنها/ التسريبات تلفِت الى «وجود فجوات» لا تزال تُشكل عائقا أمام توقيع الاتفاق، من بينها «ملف الأمن والمعابر في غزة»). في وقتٍ ــ وِفق التسريبات ذاتها ــ تُحاول فيه حركة حماس «ضمان استمرار موظفيها الإداريين والعسكريين، وتلقّيهم رواتب من اللجنة التي تتبع لسلطة الحكومة الفلسطينية». اما في شأن ما تُريده السلطة/ فتح فيدور حول مطلب لافت هو الآخر, يقول إن «يُدار قطاع غزة من قِبل لجنة الإسناد المستقلة, التي تتبع للحكومة الفلسطينية المستقلة، من دون محاصصة الفصائل في الإدارة والأمن.
التدقيق في نقاط الاختلاف بين الحركتين, يُفضي بالضرورة الى عمق الشكوك وإنعدام الثقة بين الطرفين, إن لجهة تمسّك السلطة بضرورة التحكم بميزانية «لجنة الإسناد» وتبعيتها, ام خصوصا في الإمساك والسيطرة على ملف الأمن والمعابر في القطاع. ومن المقلب الآخر, مطلب «حماس» الأساسي بـ» ضمان استمرار مُوظفيها الإداريين والعسكريين، وتلقّيهم رواتب من اللجنة/الإسناد التي تتبع لسلطة الحكومة الفلسطينية». ما يعني رفض اي طرف منهما, طرحَ مقاربة تتوسّل تنازلات مُتبادلة, بعيدا عن المُحاصصة الفصائلية وإدعاء الشرعية او البحث عن اوراق ضغط, للتفوّق على الآخر وإبتزازه, او دفعه الى الصفوف الخلفية».
ثمة أيضا من «سرّب» تفاصيل عن «مُسوّدة» الاتفاق العتيد الذي لم يوّقع بالمناسبة, ولم يؤكدها أحد من الطرفين كما يجب التنويه. حيث قيل انها/المُسوّدة تنص على ان تتولى اللجنة «إدارة شؤون قطاع غزة» وتكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية. وتكون مسؤولة عن «كل» المجالات، الصحية والاقتصادية والتعليمية والزراعية والخدمية، وأعمال الإغاثة ومعالجة آثار الحرب والإعمار». كما ان اللجنة ذاتها تتشكل من 10 إلى 15 عضوا «من الشخصيات الوطنية, ذات الكفاءات والمشهود لها بالنزاهة والخبرة والشفافية». أما عمل اللجنة فيبدأ (عقبَ عقد اجتماع لـ«كافة الفصائل» الفلسطينية, للإتفاق «النهائي» على تشكيلها في القاهرة بدعوة من رئيس دولة فلسطين». إضافة الى تَوَلِّي اللجنة «العمل في منافذ القطاع مع الجانب الإسرائيلي, وإعادة تشغيل منفذ رفح» بين غزة ومصر، وفقا لاتفاق عام/2005 الذي أُبرِمَ بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وينص على «تشغيل منفذ رفح، وتواجد مُراقبيين أوروبيين في الجانب الفلسطيني من المَنفذ»).
متى وكيف؟, وهل وافقَ العدو الصهيوني على ذلك؟. وهل سيتم العمل بهذه الصيغة قبل وقف النار, الذي يرفض مجرم الحرب/نتنياهو مجرد التفكير به؟.. وماذا عن «المنطقة العازلة» التي أكدت صحف أميركية ان العمل على إقامتها قد إكتمل,؟. زد على ذلك لقواعد العسكرية التي أقامها جيش الفاشية الصهيونية بالقرب من «حاجز نتساريم», الذي يقسم القطاع الى نصفين؟. دون إهمال دعوات الاستيطان «في القطاع», التي تعلو اصواتها في أوساط قطعان المستوطنين, الداعين الى «تهجير أهالي القطاع او «تقليل عددهم الى النصف»؟.