عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Jun-2025

دخول أميركا على خط المواجهة مع إيران.. هل يفتح باب الحرب الكبرى؟

 الغد-محمد الكيالي

 تتزايد المخاوف من أن يؤدي أي تحرك عسكري أميركي ضد إيران، خاصة إذا اتخذه الرئيس دونالد ترامب، بشكل فعلي، ردا على التصعيد الإيراني الأخير، إلى تدحرج الأوضاع نحو صراع إقليمي واسع. 
 
 
وبحسب محللين وخبراء سياسيين وعسكريين تحدثوا لـ"الغد"، فإن أي ضربة أميركية قد تستجلب ردا إيرانيا مباشرا يستهدف قواعد الولايات المتحدة المنتشرة في الخليج العربي إضافة إلى سفنها الحربية، بل وربما يدفع طهران إلى إغلاق مضيق هرمز، ما يهدد الأمن الاقتصادي العالمي. 
وأشاروا إلى أن الدول التي تحتضن قواعد عسكرية أميركية قد تجد نفسها في مرمى النيران، مبينين أن التصعيد الحالي، رغم خطورته، لا يزال محصورا ولا يُرجح أن ينزلق إلى حرب شاملة، نظرا لانكفاء المواقف الروسية والصينية.
وذهبوا إلى طرح سيناريو أكثر تشاؤما، محذرين من أن تدخل الولايات المتحدة عسكريا قد يفتح المجال أمام مواجهة أوسع قد تشمل أطرافا من خارج الإقليم، وتحول النزاع إلى حرب عالمية غير تقليدية. 
ويُرجح أن تدفع الفوضى العسكرية جماعات كالحوثيين وحزب الله وفصائل عراقية للدخول على خط المواجهة، في حين قد تعتبر روسيا تغيير النظام الإيراني تهديدا إستراتيجيا يستدعي الرد. 
ولم يتم استبعاد أي تدخل باكستاني في حال تعرضت إيران لهجوم شامل. 
وبينما تتكثف المؤشرات الميدانية والسياسية نحو تصعيد وشيك، تبقى الإجابة عن سؤال الحرب الإقليمية مرهونة بنطاق الرد الإيراني وحدود القرار الأميركي.
تأثير الضربة الأميركية على الخليج
من هنا، حذر رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، من أن أي قرار أميركي يقوده الرئيس دونالد ترامب لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران قد يفتح الباب أمام رد إيراني مباشر يستهدف القواعد الأميركية المنتشرة في منطقة الخليج، لا سيما في قطر، إضافة إلى السفن والبوارج الحربية للولايات المتحدة الراسية في المياه الإقليمية.
وأشار شنيكات إلى أن من بين السيناريوهات المطروحة أيضا، احتمال إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز، وهو ما سيكون له تداعيات اقتصادية وأمنية إقليمية ودولية خطرة. 
وأضاف إن الدول التي تضم قواعد عسكرية أميركية على أراضيها قد تجد نفسها في قلب المعركة، بحكم أنها ستكون أهدافا محتملة للرد الإيراني.
وفي ما يتعلق باحتمالات توسع رقعة الحرب، رأى شنيكات أن اندلاع نزاع إقليمي شامل لا يزال مستبعدا في هذه المرحلة، باستثناء إيران والعراق اللذين قد يزج بهما في المواجهة بدرجات متفاوتة. 
واستبعد انخراط تركيا في هذا الصراع، كما استبعد تماما تدخل القوى الكبرى مثل روسيا والصين، رغم علاقاتهما الإستراتيجية مع طهران. وأوضح أن دخول الولايات المتحدة في هذا النوع من التصعيد قد يعرض وجودها العسكري في الخليج لخطر الضربات الصاروخية، ما قد يتسبب بتداعيات كبيرة على واشنطن نفسها، فضلا عن عواقب أشد على إيران، خاصة إذا ما قررت الولايات المتحدة اللجوء إلى استخدام أسلحة ذات قدرات تدميرية عالية.
وأكد أن هذا السيناريو- رغم بساطته في ظاهره- ينطوي على تعقيدات خطرة، قد تُدخل المنطقة في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، يصعب التنبؤ بنتائجها.
تصعيد إيراني ضد إسرائيل 
بدوره، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد أن الهجوم الإيراني الذي استهدف الأراضي الإسرائيلية صباح أمس قد يكون نقطة تحول حاسمة في الموقف الأميركي، مشيرا إلى أن قرار دونالد ترامب بالتدخل العسكري بات وشيكا، وربما يُتخذ قريبا.
وأوضح أبو زيد أن عدة مؤشرات سياسية تدعم هذا التقدير، أبرزها انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث الانتهاكات الإسرائيلية، إلى جانب اجتماعات مرتقبة لعدد من الدول الأوروبية لمناقشة التطورات الميدانية في إسرائيل.
وأشار إلى أن هذه المعطيات قد تدفع واشنطن نحو تسريع تحركها العسكري، خصوصا في ظل منح الكونغرس الضوء الأخضر لترامب لاتخاذ ما يراه مناسبا بشأن شن عملية ضد إيران.
وأضاف إن جلسة لمجلس الأمن القومي الأميركي عُقدت مؤخرا دون الإعلان عن نتائج واضحة، وهو ما يُفسر – بحسبه – بوجود توجه حذر نحو التصعيد. 
ولفت إلى أن معلومات استخباراتية تفيد بأن ضباطا إسرائيليين مُنحوا إجازات طارئة، بينما نُقلت إحاطات ميدانية حساسة إلى ضباط من القيادة الوسطى الأميركية، ما يعكس تنسيقا عسكريا متقدما.
أما على الصعيد العسكري، فسجلت تحركات إستراتيجية لافتة، منها وصول حاملة الطائرات الأميركية "نيميتز" إلى المنطقة، بالإضافة إلى نشر قاذفات "B-2" و"B-52" بعيدة المدى، إلى جانب دخول حاملة طائرات بريطانية إلى مياه الشرق الأوسط، ما يعزز فرضية استعدادات لتحرك مشترك.
وحول ما إذا كانت هذه التطورات قد تؤدي إلى انزلاق نحو مواجهة إقليمية شاملة، استبعد أبو زيد هذا السيناريو في الوقت الراهن، مبررا ذلك بانكفاء الموقف الروسي. 
ورغم تصعيد الخطاب الإعلامي في موسكو، إلا أن التحركات الروسية، كما يرى، لا تزال تدور في الفلك الدبلوماسي دون أي مؤشرات على نية المشاركة العسكرية.
أما الصين، فوقعت قبل أيام اتفاقا مع واشنطن، ومن غير المرجح، بحسب تحليل أبو زيد، أن تضحي بهذا الاتفاق مقابل الدخول في صراع إلى جانب طهران. 
وأما بالنسبة لدول المنطقة، فرأى أنها لا تملك لا الإرادة ولا الرغبة ولا حتى البنية السياسية أو العسكرية للدخول في مواجهة من هذا النوع، ما يضعها في موقع "المتفرج". واختتم بالقول إن المعطيات الراهنة ترجح أن يظل نطاق العمليات العسكرية محصورا بين إيران وإسرائيل، مع احتمال دخول أميركي مباشر على خط المواجهة، دون أن يتوسع إلى حرب إقليمية شاملة.
تدخل واشنطن في الحرب 
من جانبه، حذر الباحث والمحلل السياسي جهاد حرب من أن حسم الإدارة الأميركية لقرار التدخل في الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران، قد يدفع المنطقة نحو منزلق خطر تتسارع فيه وتيرة الأحداث باتجاه حرب إقليمية وربما عالمية.
وأوضح حرب أن أحد أبرز المخاطر يتمثل في احتمال نشوب مواجهة مباشرة بين القوات الإيرانية والجيش الأميركي داخل منطقة الخليج العربي، وهي منطقة تنتشر فيها القواعد العسكرية الأميركية، إضافة إلى وجود بوارج وسفن حربية ترابط هناك، ما يجعلها أهدافا محتملة للهجمات الإيرانية، لا سيما في ظل امتلاك طهران قدرات بحرية متطورة.
وأشار إلى أن تطور التصعيد قد يفضي إلى إغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي سيُلحق أضرارا اقتصادية جسيمة على المستوى العالمي، نظرا لحساسية هذا الممر الملاحي الحيوي في تجارة النفط، وهو ما يعزز احتمالات تحول الحرب من نزاع إقليمي إلى صراع ذي طابع دولي.
وأضاف حرب إن جماعة "أنصار الله" في اليمن قد تعاود إطلاق الصواريخ وتعطيل حركة الملاحة في باب المندب والبحر العربي، ما يعني عودة جبهة اليمن إلى الواجهة عسكريا.
ورجح احتمال دخول "حزب الله" اللبناني وفصائل عراقية على خط المواجهة من خلال تنفيذ هجمات ضد إسرائيل، ما يوسع رقعة الاشتباك.
ورأى أن القوى الدولية لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء التدخل الأميركي، خصوصا روسيا، التي قد تعتبر أن تغيير النظام في إيران لا يستهدف فقط البرنامج النووي، بل يشكل تهديدا مباشرا لمصالحها الإستراتيجية والاقتصادية في المنطقة، وهو ما قد يدفعها للتدخل، ولو بشكل غير مباشر. ولفت إلى التصريحات الصادرة مؤخرا عن وزير الدفاع الباكستاني، والتي عبرت عن قلق متزايد من تهديد إسرائيلي محتمل على باكستان في حال سقوط إيران أو السيطرة عليها عسكريا، وهو ما يفتح الباب نظريا لاحتمال تدخل إسلام آباد، باعتبار الباكستان دولة نووية ترى في ما يحدث تهديدا لأمنها القومي.
وفي السياق ذاته، حذر حرب من العواقب البيئية الكارثية في حال أقدمت الولايات المتحدة على قصف المفاعلات النووية الإيرانية، مشيرا إلى أن أي تسرب إشعاعي قد يطاول مناطق شاسعة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والغربية، ما قد يستدعي تدخلا دوليا واسع النطاق.
ولفت إلى تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، والتي تضمنت تهديدات بإحالة مدن إيرانية مثل "هيروشيما" و"ناغازاكي" في حال اندلاع حرب شاملة، معتبرا أن هذا النوع من التصريحات يرفع منسوب التوتر، ويزيد احتمالية انفجار الوضع إلى مستويات غير مسبوقة.