عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Sep-2020

العودة من سوريا*محمد سلامة

 الدستور

أثارت تصريحات الوزير اللبناني جبران باسيل حول عودة حزب الله من سوريا،تساؤلات حقيقية عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التصريح، ولماذا الآن، خاصة أن الحرب لم تضع أوزارها بعد، ومما لا يمكن تفسيره أن قيادات حزب الله  نفسها لم تنطق بكلمة واحدة حول هذا الموضوع، مما يعني أن هناك أشياء أخرى غير المعلنة ،نؤشر على بعضها:-
-- أولا .. الوزير  باسيل يرأس التيار الوطني الحر  المتحالف مع حزب الله، وتصريحاته بعودة حزب الله من سوريا، وطلبه من اللبنانيين تأييد هذا الأمر، دون أن يشير إلى هذا الخبر النائب محمد حسن رعد رئيس الكتلة النيابية لحزب الله في البرلمان ولا اي مسؤول آخر  من حزب الله حول وجود قرار بالخروج من سوريا،ولا حتى تعليق على أقواله، يعني ببساطة أنه جرى تفاهم حول اصدار هكذا تصريح وأنه لا يعني الحزب لا من قريب ولا من بعيد كما أن اللافت في أقواله (أي الوزير) أنه لم يذكر كلمة مقاتلي حزب الله،مما يفسر ربما أنها عودة لبعض المستشارين وممن لا  يحملون السلاح ويقاتلون في الميدان .
--الاستنتاج المقبول لاقوال الوزير  باسيل تندرج في إطار تحسين صورة حزب الله داخل لبنان وخارجه ،ممن يعارضون مشاركته الحرب إلى جانب النظام السوري، وأنه يمكن رصد ردود الأفعال على الساحة اللبنانية ،وقياس مدى قابلية تفاعل الرأى العام العربي والعالمي مع هكذا تصريحات، قد تفسر وجود خلافات بين الحزب ودمشق، وهو أمر بدا لكثيرين دعاية إعلامية لامتصاص غضب الشارع اللبناني وضيقه من سلوكيات الحزب والتيار ،  وتدخلاتهما في الشأن السوري.
-- التعاطي اللبناني مع تصريحات باسيل كانت حذرة ومشككة، وكثيرون قابلوها ببالون إختبار ليس إلا، ولهذا كانت الردود محدودة، وآخرين انتظروا تأكيدها من أحد قيادات حزب الله أو من أطراف أخرى متحالفة معه،ولم يصدر حتى كتابة هذه السطور اي رد أو تعليق من حزب الله ، مما يعني أن هناك إتفاقا على جعل الوزير يطلق هذا التصريح، والانتظار لعدة أيام لتاكيده أو نفيه، وإذا لم يكن هناك تفاعلا معه، يصار إلى اهماله وكأنه لا يعني أحدا، ويمثل رأيا  وامنيات للوزير ليس إلا.
تصريح الوزير باسيل لم يأت من فراغ، وما يمكن تأكيده أنه جاء في إطار تخفيف الانتقادات الموجه لتحالف التيار الوطني الحر  الذي ينتمي إليه والمتحالف مع حزب الله،فلا يوجد دخان بلا نار، ولهذا يمكننا تفسير تصريحاته على أنها بداية للابتعاد ولو قليلا عن سياسات حزب الله، وبنفس الوقت تخفيف التوتر القائم بعد تفجير مرفأ بيروت، ورحيل حكومة حسان دياب، والأهم داخليا أن تتهيأ الأجواء لقبول تغيرات سياسية واقتصادية تلبي احتياجات الشارع اللبناني، ولا أظن أنه ورغم الضغوط الدولية والإقليمية، يمكن أن يصار إلى تفكيك نظام المحاصصة الطائفي، واستبداله بنظام ديمقراطي تعددي على الطريقة الغربية، بحيث يصار إلى التمهيد لعزل حزب الله سياسيا وأبعاده عن قرار المشاركة في الحكم، وبما يؤدي إلى دعوات من سياسيين كبار يتبعها تحرك في الشارع يطالب بنزع سلاحه، وحصر قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية،ولهذا فإن ما نشهده اليوم من تصريحات لهذا الفريق أو ذاك هي محاولات لاستقطاب الرأى العام ، والبقاء ما أمكن كلاعب قوي في الساحة اللبنانية.