عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Oct-2019

جدل متواصل حول تأثيراتها السرطانية أو سلامتها اتصالات الجيل الخامس... هل تشكّل أضراراً صحية؟
 
لندن: «الشرق الأوسط» - بينما تسير خدمة الجيل الخامس للاتصالات 5G بخطى بطيئة في جميع أنحاء العالم، تؤكّد المنظّمات والوكالات الحكومية على أنّه ما من سبب يدعو للقلق من تأثيرات تردّدات الموجات الراديوية على الصحّة. ولكنّ خبراء آخرين يعارضون هذه التطمينات.
 
الجيل الخامس
 
تعود تسمية «5G» إلى الجيل الخامس من التقنية الخلوية. ومع الوعود التي ترافق هذه التقنية من سرعة أكبر في التصفّح، والبثّ، والتحميل، وتحسّن الاتصالات، تبدو خدمة الجيل الخامس وكأنّها ثورة طبيعية في عالمنا الذي ينمو اعتماده على التكنولوجيا يوماً بعد يوم.
 
لكنّ خدمة الجيل الخامس صُممت لما هو أبعد من تزويدنا ببثّ سريع لأحدث الأفلام، ومن أهدافها الأساسية توسيع إمكانيات المستخدم وتقليص وقت الاستجابة، أي المدّة التي تتطلّبها الأجهزة للتواصل مع بعضها البعض. وستلعب هذه التغييرات الدور الأكبر في تحديد مدى سرعة تبنّينا للتقنية في حياتنا اليومية، وتحديداً في التطبيقات المتداخلة، كالتطبيقات الروبوتية، والسيارات الذاتية القيادة، والأجهزة الطبية.
 
ترتكز خدمة الجيل الخامس على دعامة أساسية هي استخدام نطاقات تردّد ذات موجات عالية، مباشرة عبر طيف تردّدات الراديو.
 
في الولايات المتحدة، نظّمت هيئة الاتصالات الفيدرالية مزاداً لبيع أوّل نطاق عريض، 28 غيغاهرتز، والذي سيؤسّس شبكة الجيل الخامس، على أن تنظّم مزادات أخرى لبيع نطاقات عريضة بتردّدات أعلى في أوقات لاحقة من هذا العام.
 
موجات ضارة
 
ولكن ما علاقة خدمة الجيل الخامس بصحّتنا؟ الدكتورة يلّا هوينغز مارتن، والخبيرة جينا دي إميليو في مجلة «ميديكال نيوز توداي» تحدثت عن ماهية الأشعّة الكهرومغناطيسية، وكيف يمكن أن تؤثر على صحتنا، وعن الجدل الذي يحيط تردّدات الشبكات الراديوية وما تعنيه في ظلّ تقدّم تقنية الجيل الخامس.
 
* ما هي الموجات الكهرومغناطيسية؟ الحقل (أو المجال) الكهرومغناطيسي هو حقل من الطاقة ينتج عن وجود موجات كهرومغناطيسية، وهي نوع من الطاقة يتولّد نتيجة تدفّق الكهرباء.
 
تتولّد الحقول الكهربائية في أي مكان يحتوي على منافذ أو خطوط كهربائية، سواء كانت الطاقة الكهربائية تعمل أم لا. أمّا الحقول المغناطيسية، فتتولّد فقط عند تدفّق التيّارات الكهربائية. وعند اجتماع هذين النوعين من الحقول، فإنهما ينتجان معاً الحقول الكهرومغناطيسية. الموجات الكهرومغناطيسية تكون على شكل طيف بموجات وتردّدات مختلفة تقاس بالهرتز، ويرمز هذا المصطلح إلى عدد الدّورات في الثانية.
 
تعمل خطوط الطاقة الكهربائية بين 50 و60 هرتز، الذي يعتبر المستوى الأدنى في الطيف.
 
* الأشعّة غير المؤيّنة. وتشكّل هذه الموجات ذات التردّدات المنخفضة، مجتمعة مع الموجات اللاسلكية، ثم موجات الميكروويف الأعلى ترددا، والأشعة دون الحمراء، والضوء المرئي، وبعض الطيف فوق البنفسجي، الأعلى ترددا (والتي تأخذنا إلى ترددات ميغاهرتز، وغيغاهرتز، وتيراهرتز)، ما يُعرف بالأشعّة غير المؤيّنة، أي الأشعة التي لا تؤدي إلى تفكيك الذرات والجزيئات.
 
* الأشعة المؤينة. وفوقها، تأتي أطياف بيتاهرتز petahertz و«إكزاهرتز» exahertz، التي تتضمّن أشعّة سينية (أشعة إكس) وأشعة غاما، والتي تعتبر أنواعاً من الأشعة المتأيّنة، أي التي تحمل طاقة كافية لتفكيك وفصل الجزيئات، مسببة ضرراً كبيراً للجسم البشري.
 
تضمّ الحقول الكهرومغناطيسية بالتردّدات الراديوية موجات من جميع المقاسات، من 30 كيلوهرتز وحتّى 300 غيغاهرتز.
 
ترددات الأجهزة
 
يتعرّض الناس عامّة للحقول الكهرومغناطيسية بالتردّدات الراديوية من الأجهزة المحمولة، كالهواتف والأجهزة اللوحية، فضلاً عن قواعد الهواتف المحمولة، والتطبيقات الطبية، وهوائيات أجهزة التلفزيون. إنّ التأثير الحيوي الأكثر وضوحاً لهذه الحقول هو ظهور التسخين، إذ إنّ الجرعات المرتفعة منها قد تؤدّي إلى ارتفاع في درجة حرارة النسيج المكشوف المتعرض لها، مما قد يسبب حروقاً وأضراراً أخرى.
 
ولكنّ الأجهزة المحمولة تصدر حقولاً كهرومغناطيسية بالترددات الراديوية بمعدلات منخفضة. ولهذا السبب، سواء كانت هذه الحقول سببا للقلق أم لا، عادت لتشكّل مسألة جدلية من جديد مع وصول اتصالات الجيل الخامس.
 
تأثيرات سرطانية
 
هل الموجات بتردّدات الرّاديو... سبب «محتمل» للسرطان لدى البشر؟ في عام 2011 اجتمع 30 عالما من أنحاء العالم شاركوا في مجموعة عمل تابعة للوكالة الدولية لبحوث السرطان، لتقييم خطر المعاناة من السرطان نتيجة للتعرّض للحقول الكهرومغناطيسية بتردّدات الراديو. ونشرت مجموعة العمل ملخّصاً لنتائج بحثها في دورية «ذا لانسيت أونكولوجي».
 
دقّق الباحثون في دراسة مراقبة تتضمن مجموعتين إحداهما معرضة لعامل خطورة والأخرى غير معرضة لعامل الخطورة، إضافة إلى خمس دراسات للحالات والشواهد أجريت على البشر، وكلّ واحدة منها كانت تهدف إلى التحقيق في وجود رابط بين استخدام الهاتف الخلوي والورم الدبقي glioma، وهو نوع من السرطان يضرب الجهاز العصبي المركزي. والورم الدبقي ينشأ من الخلايا الدبقية، وهو نوع من الأورام التي تبدأ في المخ أو العمود الفقري.
 
وبناء على دراسات عالية الدقّة، خلص الفريق إلى نتيجة مفادها أنّ «التفسير السببي بين الحقول الكهرومغناطيسية التي يبثّها الهاتف والورم الدبقي موجود وممكن».
 
وعمدت بعض الدراسات الصغرى أيضاً إلى دعم خلاصات مشابهة لورم العصب السمعي acoustic neuroma، إلّا أنّ الأدلّة لم تكن دامغة بالنسبة لسرطانات أخرى. وورم العصب السمعي هو ورم حميد داخل جمجمة الرأس.
 
راجع الفرق أيضاً أكثر من 40 دراسة استخدمت الفئران والجرذان. وبسبب محدوديّة الأدلّة في التجارب التي أجريت على البشر والحيوانات، صنّفت مجموعة العمل الحقول الكهرومغناطيسية بالتردّدات الراديوية على أنّها «مسبب محتمل للسرطان لدى البشر». وكتب العلماء المشاركون في ورقة بحثية أنّ «التقييم كان مدعوماً من قبل غالبية أعضاء مجموعة العمل».
 
جدل متواصل
 
أما منظّمة الصحة العلمية تقول: «هذه الحقول ليس لها تأثيرات سلبية على الصحّة».
 
وعلى الرغم من تصنيف الحقول الكهرومغناطيسية بالتردّدات الراديوية كمسبب للسرطان لدى البشر، توصّلت منظّمات أخرى إلى خلاصات مختلفة.
 
تنضوي الوكالة الدوليّة لبحوث السرطان تحت لواء منظّمة الصحة العالميّة، إلّا أنّ الأخيرة تبنّت «تقييماً صحياً مختلفاً حول مخاطر هذه الحقول» سيتمّ نشره على شكل رسالة علمية في سلسلة معايير الصحّة البيئية. وتجدر الإشارة إلى أنّ البرنامج الدولي للحقول الكهرومغناطيسية والذي تأسّس عام 1996 هو المسؤول عن هذا التقييم.