عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Dec-2024

الأردن وسورية بعد سقوط نظام الأسد*نضال منصور

 الغد

بعد أن صمد النظام السوري خلال ما سُمي «الربيع العربي»، واستطاع أن يوجه ضربات موجعة لمعارضيه بدعم روسي إيراني، وبتواجد ميداني قوي لحزب الله في الأراضي السورية تداعى، وانهار نظام بشار الأسد بين ليلة وضحاها، وتكشف عن هشاشة مذهلة، ولم يكن المتابعون يتصورون أن يتقهقر الجيش، ويترك المدينة تلو الأخرى تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، والمؤكد أن تحرك المعارضة السورية كان في لحظة فارقة بعد ضعف، وتضعضع حزب الله إثر الضربات القاسية التي وجهها الاحتلال الإسرائيلي له منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، وكذلك إنهاك إيران في مواجهته مع إسرائيل، واستغراق روسيا في معركتها في أوكرانيا، وربما يضاف إلى كل ذلك الانهيار الاقتصادي للنظام بعد مرور ما يقارب 15 عاما من الحصار، والعزلة.
 
 
لم يكن يوما الرهان على أن الأنظمة المستبدة يمكن أن تستمر بقبضتها الحديدية، حتى لو وجدت من يساندها على الاستمرار، لكن المؤكد أن التدخلات الخارجية، وخاصة التركية، والسكوت والقبول الغربي كان لهما دور مباشر في سقوط النظام، وتقدم المعارضة للسيطرة، واختفاء الرئيس بشار، في صورة تُذكر بما حدث مع الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وهناك من يقول إن ما حدث أقرب لانقلاب عسكري متفق عليه مع قادة المؤسسة السياسية والأمنية، ولذلك لم تحدث مواجهات عسكرية واسعة تُذكر، ولم ترق الدماء، وهذا هو الأهم.
 
بعد سقوط النظام السوري.. الأردن اليوم أمام استحقاقات سياسية مهمة، ولا يمكن تجاهل حالة القلق، والمخاوف، وإن لم تكن علاقاته مع نظام الأسد «سمن وعسل» كل الوقت، فإنه كان يحرص على تماسك مؤسسات الدولة السورية، ووحدة أراضيه، والتوصل لحل سياسي ينهي حالة الصراع.
خلال 15 عاما من الأزمة والصراع لم تعرف علاقات الأردن والنظام السوري استقرارا، خلق الأردن وسائد حماية له على حدوده تحت مسميات مختلفة، كان الخطر الأكبر بالنسبة له اقتراب المليشيات الإيرانية من أراضيه، وكان هذا خط أحمر لم يقبل به، واعتبره تهديدا لأمنه الوطني، وتطور الأمر لاحقا ليصبح تهريب المخدرات، وأحيانا السلاح برعاية، ودعم رسمي ومليشياتي خطرا داهما فرض آليات مواجهة وتصد حاسمة، وقواعد اشتباك عسكرية جديدة.
التغيير الدراماتيكي في سورية يفرض على الدولة الأردنية مراجعات سياسية عاجلة، تتطلب مرونة، وبراغماتية، ودبلوماسية في التعامل مع الحالة الجديدة، وقد يكون هذا ضمن سياق إقليمي، ومرتبط بمواقف القيادة الجديدة من دول الجوار، وهذا يعني إعادة النظر في مكونات المعارضة القادمة للسلطة، والتعاطي مع الأفكار التي عرضتها، وقد تقتضي الضرورات إلى مراجعة التعامل معها على أنها تنظيمات «إرهابية»، وخاصة إن قبلها المجتمع الدولي لاعبا شرعيا في السلطة.
سورية في ظرف دقيق وصعب، والأولويات ان تستمر الحكومة في تسيير عمل الدولة، وتجنب حالة الفوضى، والتخريب، والتصدي لكل من يحاول جر البلاد لصراع، وحرب أهلية، والأهم الإبقاء على مؤسسات الجيش والأمن، ورفض نموذج اجتثاث البعث في العراق، والحفاظ على وحدة التراب السوري، ومنع التقسيم.
إذا نجحت السلطة الجديدة في تحقيق ذلك، فإنها تكون قد قطعت شوطا طويلا، وانتزعت شهادة حسن سلوك، وربما تخلق جسورا من الثقة مع العالم، والأردن سيكون أول الداعمين لاستقرار سورية.
يستطيع الأردن بحكم مكانته الدولية، وبحكم الجوار أن يلعب دورا في حفظ الأمن، والاستقرار، ويكون حاضنة حوار لبناء تفاهمات وطنية داخل سورية، ويساهم في المستقبل في إعمار ما خرب في السنوات الماضية، وبالتأكيد تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
ليس قدرا أن تبقى سورية رهينة لحكم مستبد، ولا أعتقد أن المجتمع السوري سيقبل بدولة دينية طائفية مهما كان مسماها، فهذه التضحيات التي قُدمت تستحق دولة ديمقراطية مدنية، وجميعنا سندعمها، ونقف إلى جانبها، وقادم الأيام سيجعل من التكهنات واقعا، وحقائق.