الرأي -
احتوى كتاب «تأملات الفيلسوف ماركوس أوريليوس» لمؤلفه الأردني جورج مرار العزيزات الصادر في طبعة جديدة بعد صدور طبعته الأصلية بعمان العام 1938، جملة من الأقوال والنصائح والإرشادات التي تؤشر على العمل النافع للفرد والأمة.
تناول الأديب الأردني الراحل عيسى الناعوري الكتاب إبان صدور طبعته الأولى العام 1938، مثمنا مبادرة مرار بترجمة هذا الكتاب الفلسفي القيّم، إلى اللغة العربية كونه جديراً بالاطلاع لما فيه من توضيح للتائه وسبيل رشاد وفيه ما يهذب النفس ويسمو بها عن الجشع المادي وينأى بها عن التشاؤم، ويزيد من فعل الصلاح، ويحث على العمل الجماعي من أجل خير المجتمع.
وتوزعت صفحات الكتاب على اثني عشر فصلا، تفيض بأقوال من الحكمة، تتأمل واقع الإنسان ودواخل النفس البشرية ونزعاتها المادية والروحية، في نبل أخلاقي وفلسفي مزنر بتعاليم ودروس ممتعة، تنادي إلى الإخلاص والمودة والفضيلة والاخلاق التي ترى في الحياة هبة الله.
خصص الكتاب الفصل الأول من التأملات وقفا على ذكر اولئك الذين احسنوا إليه ماديا وادبيا، واشتملت باقي الأجزاء على خلاصة عقل ونبضات قلب الفيلسوف ماركوس اوريليوس، وصور لتأوهات النفس المتعبة الطامحة إلى المثل العليا، وفيها من لحظات من الإيمان بالقضاء والقدر، مثلما تحمل ملامح من التردد والحيرة، ومحاربة الشهوة والدعوة إلى الفضيلة والأخلاق، فالرجل أوريليوس يسجل لهفات نفسه بلا ترتيب ولا تنظيم فيها من أفكار رجل فيلسوف حاول وسعى أن يجد افضل السبل وخيرها لإسعاد نفسه وشعبه ومن يحيطون به.
يرى الكتاب أن تأملات أوريليوس هي خلاصة وافية للفلسفة، وأن الإنسان نفس عاقلة، وهو حر في أعماله، وفيها «الصالح والطالح: الصالحون من يتمسكون بالله أما الطالحون فيتلاشون».
وكتب المؤرخ الأردني روكس بن زائد العزيزي مقدمة للكتاب لحظة صدوره العام 1938 أوضح فيها: «أن الكتاب هو نظرة سريعة في تأملات ماركوس اوريليوس، نجح جورج مرار في عرضها على أبناء العربية»، لافتا إلى «غبطته في ظهور شاب من الأردن يتصدى لهذا الحقل المعرفي الفلسفي بمتانة وخلق وجلد في سبيل خدمة هذه اللغة العربية المحبوبة».
يحتشد الكتاب النفيس في المكتبة الأردنية خاصة، والعربية عامة، بالكثير من الأقوال والتأملات، التي ترصد اشواق الذات البشرية وفطرتها الإيمانية في ضرورة بناء مجتمع إنساني رحيم يعمل على الخير والصلاح وتحفيز وبناء الفرد والتمسك بالعطاء المتواصل والاستفادة من خيرات الطبيعة وجاء فيها: «يجب علي أن اكون رجل خير وصلاح مهما قيل ومهما جرى»، ثم «إن السعادة الحقيقية هي أن يكون للمرء فكرة سامية لعمل الخير»، و » لا تدع أحدا يكون اكثر منك إخلاصا للمصلحة العامة.. واكثر تسامحا لهفوات القريب».
يشار إلى أن مؤلف الكتاب جورج سليم مرار العزيزات، من مواليد مادبا العام 1910، تخرج من كلية الفرير في القدس، عمل في التدريس والترجمة والتجارة، ومن بين أعماله طباعة المصحف الشريف طبعة فاخرة لعدة مرات، وتوفي في عمان العام 2005.