في صباح أحد الأيام قبل عشر سنوات، استيقظ الممثل الأميركي ذو الأصول المصرية رامي يوسف لتنظيف أسنانه، ولاحظ أن هناك مشكلة ما في وجهه، فبينما كان يسيل لعاب النعناع إلى أسفل ذقنه لم يكن فمه يتحرك.
بحث رامي يوسف عبر غوغل عن "فم لا يتحرك"، ليحصل على جواب قبل أن يشخصه الطبيب، لقد أصيب رامي بما يسمى "شلل بيل"، أو ضعف مؤقت أو شلل في عضلات الوجه، ولم يكن واضحا كم سيطول هذا الضعف أو الشلل المؤقت، فقد يستمر بضعة أيام أو أسابيع، وربما أشهر.
كان رامي يوسف حينها يبلغ 19 عاما فقط، عالقا في دوامة روتينية بولاية نيو جيرسي الأميركية، بين محاضراته في قسم العلوم السياسية والاقتصادية بجامعة روتجرز، وعمله في أحد متاجر شركة "أبل" في منطقة مانهاتن، ودروس التمثيل مساء في أستوديو ويليام إسبر.
بعد ستة أشهر من ذلك الصباح، بدأ وجه رامي يوسف التحسن تدريجيا، وعندما عاد إلى طبيعته تماما، قرر أن حياته يجب أن تتغير، فترك الجامعة وضاعف ساعات دروسه في التمثيل، ولم يمض وقت طويل حتى تم اختياره ضمن فريق المسلسل الكوميدي "Nickelodeon: See Dad Run"، وينتقل رامي للعيش في لوس أنجلوس، أكبر مدن ولاية كاليفورنيا الأميركية.
من هناك بدأت القفزات الكبيرة في حياة رامي يوسف، حيث اختارته شركة بث البرامج التلفزيونية والأفلام عبر الإنترنت "هولو" ليكون بطلا لمسلسل يحمل اسمه، ويتمحور حول مسلم أميركي من الجيل الأول يقوم برحلة روحية في حي نيوجيرسي المنقسم سياسيا، ويستكشف تحديات الوقوع بين مجتمع مصري يعتقد أن الحياة عبارة عن اختبار أخلاقي، وجيل الألفية الذي يعتقد أن الحياة ليست لها عواقب.
كما منحته شركة "إتش بي أو" ساعة خاصة يقدم فيها فقرة كوميدية بعنوان "مشاعر" (Feelings)، ولكن ذروة الأحداث الكبرى كانت فوزه بجائزة "غولدن غلوب" لهذا العام، عن أدائه دور "رامي"، متغلبا على مايكل دغلاس وبيل هدير.
تحول رامي يوسف إلى حالة نادرة في هوليود، وحالة نادرة على شاشة التلفزيون، فهو شاب مصري أميركي مسلم، مثّل جيلا كاملا من العرب والمسلمين في الغرب والولايات المتحدة على الشاشة، وعندما صعد إلى المسرح لتسلم جائزته أظهر امتنانه لله باللغة العربية عندما قال "الله أكبر".
وفي خطابه قال يوسف "لقد قدمنا مسلسلا عن عائلة عربية مسلمة تعيش في نيوجيرسي، وهذه الجائزة اعتراف على مستوى عال جدا وتعني الكثير". ورغم أن الجميع لم يكن يعرف من هو، فإن خطابه اخترق قلوب الجميع، وكان من الواضح أن الجميع بحاجة إلى سماع ذلك الآن.
حصل يوسف على واحدة من أعلى الجوائز في عالم الفن عن دوره في مسلسل غير مستحب، كل ذلك لأن فمه تخلى عنه لفترة قصيرة، وعندما سُئل رامي في أحد اللقاءات عن ثقته في وصوله لذلك النجاح، قال "كان لدي إيمان، وهناك خط رفيع بين الإيمان والثقة، فالثقة تعتمد على الذات، أما الإيمان فيتعلق حقًا بالاستسلام لله".
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية