صحيفة الرأي.. صوت الأردن وذاكرة الوطن*عبدالكريم سليمان العرجان
الراي
حين تطلع الشمس على جبال الأردن، وتسكب دفءَ الكرامة في ثرى أمجادها، تبدو الرأي كصوتٍ خالدٍ عانق وجدان الأردنيين واستقر في قلوبهم، صادحةً بما يجل من الحق، ومحمولةً على أجنحة المجد، ما كانت الرأي مذ عام 1971 صحيفةً تُكتب فحسب، بل شعلةً وهاجة أضاءت دروب الإعلام الأردني، ورسمت بأحرف من وفاء تاريخا لا يُمحى، حيث الأصالةُ ميثاق والالتزام عهدٌ.
غَرْسٌ أصيل في تُرْبَة الأردن
حين قامت الرأي، كانت كمن يغرس شجرةً في قلب الصخر، لا يرويها إلا عرق الأردنيين، ولا تظلل إلا كرامتهم، منذ أول كلمةٍ نطقتها صفحاتها، حملت أمانة الوطن، وسارت في دربٍ وعر، لا يلين أمام سلطانٍ ولا ينكسر أمام فتن، فهي صوتٌ يجهر بالحقيقة حين تصمت الألسنة، وهي درعُ الكلمة حين تُسلُّ السيوف على الحق.
"الرأي» ما كانت يوماً لتهوى في حضيض الإغراء، ولا لتبيع أمانة الكلمة بثمنٍ زائل، هي ابنةُ الكرامة الأردنية، حفيدةُ الرمل والقيصوم، تقف كالطود أمام العواصف، ثابتةً كجبال مؤاب، شامخةً كقلعة عجلون.
نَفَسُ الأمة وصوتُ الشعب
إذا أردت أن تُصغي إلى نبض الأردن، فاستمع إلى الرأي هي التي حفظت الحكايات بين ثنايا صفحاتها، من قصص الفلاح الذي يعانق تراب الأرض، إلى أهازيج المقاتل الذي يحرس الحدود، هي التي وثَّقت حزننا وفرحنا، ودونت في دفاترها آمالنا ودموعنا، ما كتبت إلا بمداد القلب، ولا نطقت إلا بلسان الشعب.
في حِمى الرأي تجد الأردن كلَّه، تجد نخوة البدوي، وعزيمة الفلاح، وذكاء التاجر، وأحلام الشباب، هي ليست صحيفة تُقرأ في الصباح ثم تُنسى، بل هي ذاكرة الوطن التي لا تغيب، وشاهدٌ على أزمنةٍ تعاقبت كالموج، فبقيت الرأي كالسفينة التي لا تُغرقها العواصف.
زينة العصر وأصالة المملكة الهاشمية
"الرأي» ليست حديثة العهد بالكرامة، بل هي امتدادٌ لتلك الأرواح التي جابت الصحراء بحثًا عن الحرية، كلماتها كالسيوف، إذا خرجت من غمدها قطعت، وإذا استقرت صنعت مجدًا لا يُمحى، هي سليلة الأصالة، ولغتها تفوح بعبق الماضي الأنيق، لكنها لم تتشبث بقديمٍ دون أن تحمل في يدها شعلة المستقبل.
صرحٌ لا يَهْوى
وكما أن قلاع الأردن لا تسقط، كذلك الرأي، هي شاهقة،
هي أمانةٌ في أعناق رجالها ونسائها، ممن حملوا القلم كما يحمل الجندي سيفه، فكتبوا للوطن وعن الوطن، وحفظوا للحق مكانه في كل زمان.
عهدٌ ووعدٌ لا ينقطع
ستبقين يا الرأي كما الأردن عصيةً على الكسر، شامخةً على مرِّ الأزمان، محفورةً في قلوب الأردنيين كآثار البتراء، ومشرقةً كصباح الكرامة.
الرأ]، أنتِ في القلب نبضٌ، وفي الذاكرة تاريخٌ، وفي المستقبل وعدٌ لا يخون.