عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Nov-2021

سيبقى الأردن صوت فلسطين والأمة والحق*رأينا

 الراي 

تم توقيع إعلان نوايا بين الأردن والإمارات العربية وإسرائيل، بحيث تدرس الدول الثلاث إمكانية القيام بمشروع مشترك يتعلق بالطاقة والمياه، وبموجبه تقوم الإمارات العربية بالاستثمار في الأردن بمشروع للطاقة الشمسية، ينتج بداية ما مقداره 600 ميغا واط يومياً ويصل إلى 3 غيغا واط، يتم بيعها لإسرائيل مقابل حصول الأردن على 200 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة.
 
ومع انتشار خبر إعلان النوايا حاولت قلة التهجم على الأردن معتبرة ما تم من باب التطبيع، وعلا صوتها مستندة إلى خطابها الشعبوي، هذا الخطاب المبني على العاطفة والبعيد كل البعد عن الحقائق والمصالح، ولأن حرية التعبير مصونة، فلكل طرف الحق بأن يعلن موقفه ولكن دون استخدام مصطلحات التخوين لمن يتبنى تصورات وآراء مختلفة.
 
الحقائق تقول إن الأردن دولة فقيرة مائياً، وهذا أمر يرتبط بطبيعة الجغرافيا، كما يتحمل الأردن عبء موقفه القومي المتمسك به كمن يقبض على الجمر، فالأردن كان ولا يزال حاضنا لكل العرب، يغيث الملهوف ويجير السائل والمحتاج، ولم يقصر يوماً بمسؤوليته القومية، وتحمل كثيراً آثار ما يحدث في المنطقة والجوار سياسياً.
 
وظل الأردن وفياً لقضيته المحورية، القضية الفلسطينية، وقدم لها أكثر من جميع العرب، وظل صوتها الصارخ في العالم، يضعها على الأجندة العالمية رغم كل المحاولات لتصفيتها، فظلت قضية حية، وظل جلالة الملك عبدالله الثاني صوت القضية والرافض لأية حلول على حساب القضية والشعب الفلسطيني، ومتمسكاً بحل الدولتين على أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة.
 
ومن منا لا يتذكر لاءاته الثلاثة (لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا لتهويد القدس)، تلك اللاءات التي كانت كافية لإفشال المشروع الترامبي المسمى بـ(صفقة القرن)، ولم تمنع اتفاقية الغاز مع شركة نوبل إنيرجي حينها جلالة الملك من الوقوف وحيداً قوياً منتصراً للقضية الفلسطينية.
 
فالأردن يدرك أن دوره الحيوي والمحوري ضروري للأشقاء الفلسطينيين كما هو للوجود الأردني، ويدرك تماماً مصالحه الوطنية العليا والاستراتيجية طويلة المدى، ولا يمكن أن تزوغ الأبصار أو تضعف الهمم أو ترتجف الإرادة، ولكنه في ذات الوقت يجد لزاماً عليه أن يحقق مصالحه الضرورية والحيوية، ومسألة المياه تتصدر الأجندة الوطنية الاستراتيجية.
 
هذا الملف الذي بات مقلقاً منذ فترة بسبب عدة عوامل، بعضها مناخي وبعضها الآخر سياسي، يجب التعامل معه على المستوى السياسي، وبعيداً عن تجاذبات المصالح الضيقة والأصوات العالية، والتي تريد الصعود باللعبة السياسية الداخلية في هذه الفترة التي تمثل منعطفاً سياسياً مؤثراً على شكل الأردن السياسي لعقود قادمة.
 
من يعلي الصوت اليوم وهاجم سابقاً اتفاقية الغاز مع شركة نوبل إنيرجي حينها لا يريد الاعتراف بأن هذه الاتفاقية وفرت على الخزينة الأردنية ما يقارب ملياري دينار منذ بداية العام الحالي، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الغاز عالمياً، وساعدت الاتفاقية على استدامة الإمداد الكهربائي في الأردن، بل وستساعده أن يصبح مركزاً للطاقة الكهربائية على مستوى الإقليم، ولا أدل على ذلك من اتفاقيات الأردن مع لبنان والعراق الشقيقين لتزويدهما بالكهرباء.
 
اليوم تلتزم الحكومة بإعلان النوايا، وستدرس من خلالها جدوى المشروع التشاركي، وسيكون لممثلي الشعب بحكم الدستور الأردني، الذي يعترف أن الأمة مصدر السلطات، الكلمة الفصل، وحينها تستطيع كل القوى السياسية ممارسة دورها السياسي الوطني وتأييد الموقف الذي يمثلها.
 
في الأردن لا نخشى أن نقول مواقفنا أو أن نعبر عن آرائنا، ولكننا نخشى على الأردن ممن يحاول اختطافه بصوت عالٍ أو بمحاولات استعراض القوى، ولنتذكر جميعاً أن الوطن أكبر منا جميعاً وأننا نرخص الدماء فداء للوطن، فلنفكر بهدوء ما دام ذلك ممكنا، ولنمارس أدوارنا بوعي سياسي، لا لتكميم الأفواه ولكن لا للصوت العالي أيضاً.
 
الأردن سيبقى كعهده دائماً صوت القضية الفلسطينية، وحامل لوائها، لا شيء يمنعه أن يقول موقفه الواضح ولا شيء يضعفه، وسيبقى جلالة الملك عبدالله الثاني كلمة العروبة الحقة في جميع المحافل والميادين، وسيبقى صوت الحق حين تسكت الألسن ولا يسمع للأفواه نطق.