عمان -الدستور- نضال برقان - يحمل الحادي والعشرين من آذار مواسم فرح متعددة للعالم أجمع بعامة، وللأردنيين بخاصة، إذ تعبق ذكرى معركة الكرامة الخالدة، بأنسام عيد الأم، ويوم الشعر العالمي، وهي مناسبات تجسد بطولات الجيش العربي الأردني من جهة، والفرح العالمي بعيد الأم التي تجسد أسمى تجليات العطاء والتضحية والمحبة، إضافة لإبراز الدور الذي يقوم به الشعر على صعيد التعبير عن شجون الناس واستشراف مستقبلهم والتعبير عن أحلامهم.
«الدستور» استطلعت آراء مجموعة من المبدعين بمناسبة ذكرى معركة الكرامة الخالدة، وعيد الأم، ويوم الشعر العالمي، فكانت هذه الآراء:
د. زياد أبولبن
يحمل آذار هذا العام مناسبات خالدة في التاريخ الحديث من ذكرى معركة الكرامة وعيد الأم ويوم الشعر العالمي، لكن هذه المناسبات جاءت في وقت نشهد فيه آلام العالم على وقع وباء كورونا، ويُعدّ إحياء ذكرى معركة الكرامة انتصاراً حقيقياً لإرادة الشعوب في التحرر من الاحتلال والتبعية، وإن تلك المعركة سجّلت بطولات الجيش العربي الأردني من جانب وبطولات الفدائيين الفلسطينيين من جانب آخر، وإنه انتصار قد تحقق عام 1968 على غطرسة العدو الصهيوني، وإن تلاحم الأردنيين والفلسطينيين في معركة النصر (الكرامة) إنما يدل دلالة واضحة على عمق التاريخ والمصير المشترك لكلا الشعبين، وسوف تبقى أسماء شهدائنا مشاعل نور تهتدي بها الأجيال.
وتأتي مناسبة عيد الأم بما تحمله من معاني الوفاء والتكريم والحبّ نقطة مضيئة في بناء الأسرة، وقد رفعت الأديان جميعاً من مكانة الأم ومنزلتها بين المنزلات، كذلك قال فيها الشعراء والأدباء والفلاسفة والمفكرون كلاماً يتفق مع الفعل الإنساني الراقي في بناء منظومة مجتمعية متماسكة.
ومناسبة ثالثة يوم الشعر العالمي، حيث يبقى الشعر حالة إنسانية تنطلق من أنا الشاعر الفرد إلى الأنا الجمعي في التعبير عن المشاعر والأحاسيس والآلام والبهجة، ويحمل الشعر رؤيا تستشرف المستقبل، شعر يتجاوز السائد وينحاز للإنسانية بكل معانيها، وعلى الشعراء أن يأخذوا مكانتهم ودورهم في الحياة، فالكلمة سلاح مقاتل في وجه التخلف والظلامية والكراهية. وهذه المناسبات الثلاث تردّ للحياة شيئاً مفقوداً في زمن الحروب والصراعات والكوارث والأوبئة، تردّ لهم الأمل والفرح وما تبقى من إنسانية غائبة.
الناقد محمد المشايخ:
نرفع رؤوسنا عاليا ونحن نستذكر معركة الكرامة، كرامة الأردن، وكرامة الأمة التي ما زالت ذكراها تحيي فينا نشوة الانتصار وتعطينا الأمل المشرق بالغد الآتي، وتـُعد صفحة من صفحات الكبرياء الأردني، ورمزاً من رموز التضحية والفداء، ومفصلاً هاماً في تاريخ الوطن والأمة.. فيها ارتفعت راية عز ومجد وفخار وعنوان كبرياء وغنوة انتصار، أحيت آمال العرب وقدمت لهم القناعة الأكيدة بأن النصر وتحقيق الفوز ليس ضرباً من المستحيل.
ويذكرنا، عيد الأم، بدور الأم الأردنية في النهضة التي تشهدها المملكة، منذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، ونستذكر من خلاله رائدات الحركة النسائية وطلائعها، ودورهن في الانطلاق من الاجتماعي المجرد، إلى الثقافي العام. وإنه لمن شبه المستحيل، عرض أي مشهد للأردن اليوم، في كل ميادين النشاط والحياة الاجتماعية والثقافية والحركات المدنية، دون أن تحتل الأم مساحة مضيئة فيه.
أما يوم الشعر العالمي، فهو ناقوس يذكرنا أن الشعر تعبير أساسي عن السلام، بل هو التعبير الأسمى عن الطابع العالمي للتجربة البشرية، والتطلع إلى الإبداع الذي يتجاوز كل الحدود والتخوم، من حيث الزمان والمكان على حد سواء، ويوم الشعر العالمي هو الذي يؤكد على الدوام أن البشرية أسرة واحدة، وأنه هو الأقدر على إثراء الحوار المُحفز لتقدم البشرية، وعلى ربط الثقافات بعضها ببعض، وهو الذي يذكر الناس جميعا بمصيرهم المشترك.
الدكتورة ليندا عبيد:
في آذار يتفتح الزهر، وتتخلق الحياة من رحم الشتاء لنحتفي بالبدايات الجديدة، ونخفق لميلاد الفرح. في آذار ترتدي الأمهات البهيات زينتهن، تتوهج الغراس احتفاء بزراعها، وتكتب حكايات الوفاء.
في آذار نحتفي بالبطولات والشهداء الذين قدموا أرواحهم هدية إلى الموت لنحيا، على أرض هذا الوطن المحتقنة بدمائهم وقصصهم وأحلامهم وذكرياتهم،
ويظل الإبداع بوابة العبور إلى الجمال والى القلب والوجدان، ووسيلة للتأريخ للمجد والبطولات، نصنع به عالما، وخلق فسيفساء لحياة كاملة على سطح البياض فيأتي دور المثقف والمبدع ليحتفي بكل هذا البهاء:الأم والكرامة والربيع.
وبلا شك أن الأمم التي تحترم التضحية وتقيم يوما من كل عام للاحتفال بها- سواء كانت لبطولات قدم أصحابها أرواحهم فداء لتراب الوطن والقيم النبيلة التي يؤمنون بها ذودا عن كرامتهم وترابهم، أو كانت لأمهات عظيمات يذبن ذواتهن من أجل أبناء كانوا غراسهن الصغيرة اللاتي تعهدنها بالعناية إلى أن أصبحت أشجارا وارفة الظلال- هي أمم تعي قيمة الإنسان، وتحرص على غرس قيم مشابهة بالأجيال المتتابعة تمهيدا لخلق تضحيات جديدة تأتي. ويأتي الشعر ليكون المؤرخ والشاهد على هذه التضحيات، فالمثقف والأكاديمي هو جزء من نسيج هذا المجتمع ينفعل بتفاصيله، ويشكل رؤاه وتصوراته، ويصنع من الكلمة طرائق متعددة متحضرة للتعبير عن رسالته تجاه المجتمع بغية الارتقاء به، أو التأريخ للمضحين فيه ولبطولات أفراده.
والجميل في هذا اليوم أن تطل ذكرى الكرامة لتستنهض الهمم لرفع القهر والظلم عن بلادنا العربية المكلومة. إلى جانب عيد الأم ويوم الشعر ضمن دائرة إنسانية واسعة تشجب سياسة التفرقة والقتل؛ فالبشر متشابهون بآلامهم وتطلعاتهم وأفراحهم، وينبغي التفتيش عن نقاط مضيئة للتكامل خلقا لرؤية جديدة تحفل بالإنسان وكرامته، وتسمو بالحرف واللغة بوصفها الطريقة المتحضرة للتغيير ومواجهة العتمة والقبح.
سعيد يعقوب:
ارتبط الحادي والعشرين من آذار بعدد من الأعياد البهيجة كعيد الأم ويوم الكرامة ويوم الشعر العالمي وهذا أمر يدعو إلى الارتياح والبهجة لأن هذا التاريخ تحديدا يرمز إلى التجدد والخصب والحياة بل هو إشارة إلى الانعتاق من الظلم والتحرر لدى عدد من الشعوب والأمم الذي يرتكز على الميثولوجيا لديهم فاتخذوا منه عيدا قوميا كما هو الحال لدى الفرس والأكراد وغيرهم من الأمم والشعوب الأخرى التي ترى في هذا التاريخ الذي يتساوى فيه الليل والنهار وهو بدء الاعتدال الربيعي بداية جديدة للحياة تنطوي على التجدد والخصوبة ودوران مياه الروح في نسغ الوجود.
ولذلك فهذا التاريخ يشكل نقطة انعطاف هامة في الحياة حيث يبدأ مهرجان الربيع وتنطلق الكائنات في الوجود من جديد لتشعر بالدفء والنشاط بعد بيات شتوي طويل وما أجمل أن يرتبط هذا التاريخ برموز على قدر كبير من الأهمية كالأم التي تعني العطاء والخصوبة والفداء والتضحية والكرامة التي انتصر فيها جيشنا العربي الباسل على قوى الشر المتمثلة في العدوان الصهيوني على بلدنا الحبيب الأردن عام 68 وكذلك يوم الشعر العالمي بما يمثله الشعر من قيمة إنسانية عليا باعتباره صوت الروح وترانيم الوجدان والقيثارة التي تفيض منها ألحان الشعور وأنغام الإحساس العميق المعبرة عن آمال وآلام وقلق الإنسان في سعيه الدائب للوصول إلى ضفاف السعادة والراحة في عالم لا يمنح الكثير من الأمل والتفاؤل في ظل حرب ضروس بين الخير والشر والحق والباطل أنا شخصيا لا أخفي سعادتي وابتهاجي بهذا التاريخ واحتفائي بما فيه من مواسم وأعياد أشارك بها وأنغمس بكليتي فيها لشعوري العميق وإيماني الأكيد بقداسة الحياة وضرورة الاحتفال بتجلياتها ومفرداتها السامية والنبيلة.