عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jul-2020

يا غيلون… أولا عليك أن تغسل أقدام الفلسطينيين - جدعون ليفي

 

هآرتس
 
كرمي غيلون هو الاسرائيلي الجيد، وهو يحمل صليب قتل رابين على ظهره ويعتذر عن خطأ الاحتلال. ومنذ تركه لرئاسة الشباك تحول الى ناشط سلام. وحتى عندما كان في وظيفته تميز بمسحة انسانية. ذات مرة دعاني الى لقاء، ومنظرنا ونحن نجلس على سرير مزدوج في غرفة فندق في تل ابيب –هو يسأل ويصغي جيدا وأنا أتحدث عن الجرائم– ترك لدي انطباعا لا ينسى. من استبدله، عامي ايلون، تماهى مؤخرا مع “نحطم الصمت”، ايضا هذا أمر مثير للانطباع. معظم اسلافهما ومن جاؤوا بعدهما، اكتشفوا النور، أو كما يقال الظلمة، ظلمة الاحتلال، بعد يوم من انهاء تعزيزه بنجاعة وبصورة قاسية تتميز بها المنظمة التي ترأسوها. هذا ما ظهر ايضا في مقابلة غيلون مع رفيت هيخت (“هآرتس”، أول من أمس). “سأقول لك ما الذي كان يجب فعله. كان يجب انهاء الاحتلال. فهو أم كل الخطابا”، قال غيلون وعلى الفور صحح: “ربما أكون شخصا لطيفا بالنسبة لك. ولكن ايضا الشخص الذي ألصق الهاتف برأس المهندس يحيى عياش”. يا حضرة المحتل الإسرائيلي المتنور والجميل يجب عليك انهاء الاحتلال ووقف الصاق الهواتف بالرأس. المحتل القاتل الذي يعرف أن الاحتلال هو أم كل الخطايا.
ولكن الخطيئة التي يعتذر عنها غيلون هي ليست الخطيئة التي يجب الاعتذار عنها. غيلون لا يعتذر عن الخطأ الاخلاقي، هو فقط يعتذر عن الخطأ النفعي: الاحتلال غير جيد لاسرائيل. لذلك، يجب انهاؤه. رئيس الشباك الذي يتفاخر فيه بالهاتف المحمول الذي وضعه، ولكن المتقاعد الذي فيه يعتذر عن الخطأ الشخصي وليس عن الخطأ الصحيح. اليسار الصهيوني في افضل الحالات: الهاتف المحمول كان يجب وضعه. والآن تعالوا لنكون اخلاقيين.
بكلمات اخرى، غيلون قال إنه نفذ الأوامر التي كانت مخالفة لموقفه أو أن موقفه تغير عندما تقاعد. هذا يبدو معروف تماما من التاريخ. الهاتف المحمول القاتل الذي ما يزال يتفاخر به تسبب بأربع عمليات انتحارية جبت حياة اكثر من ستين اسرائيلي. المهندس المقتول استبدله مهندس آخر. وهذا ايضا اغتالته قوات غيلون، الذي لا يندم للحظة على ذلك، “كل شيء تكتيك. الشباك يحارب الارهاب ويستخدم ضده كل الوسائل”. كل الوسائل استخدمها باستثناء الوسيلة الوحيدة التي كان يمكن أيضا أن تكون فعالة وهي انهاء الاحتلال. ولكن من اجل استخدام هذه الوسيلة لم تكن لدى غيلون القوة أو الشجاعة. ومثل الكثيرين استمر في عمله وانتظر الى حين تقاعده كي يقول الحقيقة. من السهل انتقاده ومن الصعب أن تكون في مكانه. عندما تكون جزءا من النظام أو برغي في آلة فأنت تقوم بتكييف نفسه وتعمل مثلما يعمل الجميع. هذا يمكن أن يكون مثيرا للقشعريرة. احيانا هذا ينتهي بمقابلة تعتذر فيها عن الخطأ. النظام الاخلاقي مجمد وهو ينتظر التقاعد. وعندها يستيقظ ويعمل، بتأخر مصيري. حينها لا يهم ما الذي يعتقده غيلون.
يجب علينا تصديق غيلون. فهو بالتأكيد شخص جيد، لكنه يريد أن يكون كل شيء مثل بعض الاسرائيليين، وهذا أمر مستحيل لأن التناقض لا يمكن أن يسوى. والضمير لا يمكن تخزينه حتى نهاية فترة العمل. والاحتلال أم كل الخطايا، استمر ضمن امور اخرى، بسبب مؤيدي غيلون وايالون. ليس لديهم أي سبيل للتملص من المسؤولية. والشباك الذي قادوه كان وما يزال جهاز طريقة عمله تثير الاشمئزاز. وهما لا يعتذران عن ذلك. ايضا ادريان بلوك كان المسؤول عن افعال حقيرة ومتوحشة مثل غيلون. فقد كان وزير العدل والنظام العام في جنوب افريقيا. وهو ايضا اعتذر عن الخطأ، لكنه فعل هذا بصورة مختلفة. ببادرة حسن نية مسيحية ذهب لغسل أقدام ماريا ناتوري السوداء، التي قتلت قواته ابنها وثمانية من اصدقائه الشباب. هذا الامر فطر القلب وعبر عن كفارة حقيقية. بلوك كرس سنوات حياته لتقديم المساعدة الرحيمة للسود وانتقل من بيت الى بيت.
في اليوم الذي سنشاهد فيه غيلون وايالون وهما يركعان على ركبتيهما أمام ضحاياهما الفلسطينيين ويقومان بغسل أقدامهم سنعرف حينها أنهما قد ندما عن الخطأ، فقط حينها.