عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2019

”کنز في یافا“.. روایة جدیدة لفایز رشید

 

عمان – الغد – یستھل الكاتب روایتھ، فیكتب في مقدمتھا مقتبسات قصیرة للشعراء:لوركا، ّ سمیح القاسم، محمود درویش، توفیق زیاد ومحمد علي شمس الدین، وجملة من أقوال نیكوس كازانتزاكیس – في رائعتھ ”الإخوة الأعداء“(أیتھا الفضیلة تسلّحي، ایھا المسیح تسلّح، إنني سأعلن بعد الیوم الإنجیل... إنجیل السلاح). المختارات تضع القارئ في ظلال مضمون الروایة وأجواء ما سیقرأه فیھا.
تبدأ الروایة في مرحلة 1919 ،وتطرق الروایة إلى الأحداث والصراعات والمعارك، التي
جرت ضد العدو الصھیوني في فلسطین خلال الفترة ما بین 1919- 1948 وبخاصة في
ّ منطقتي القدس والخلیل. الروایة تمزج بین الواقع والمتخیل في إطار روائي یعكس علاقات
التآخي والتآلف الإسلامي – المسیحي في التصدي للمشروع الصھیوني.كما تتطرق إلى تداعیات
الأعراف والتقالید على زجر مشاعر الحب في الذات الإنسانیة، وفي النھایة أولا وأخیرا ھي
روایة علاقة الفلسطیني بأرضھ، وما یعانیھ في تیھ التشتت. الكنز في روایة رشید یتخذ معنى
عاما، بدءا بفلسطین التاریخیة، مرورا بالبیت والقریة والمدینة والأرض والحارة وصولا إلى
الذكریات الشخصیة: صور، ملابس، شھادات مدرسیة لعب مع أصدقاء، أشخاص... الخ. في
روایتھ یشیر الروائي إلى كل ھذه الأشیاء مجتمعة. فالكنز الذي قصده مسألة قد لا تخطر على
بال أحد! وھي إن لم یسمھا، فمرد ذلك إلى أنھ لا یرید حرق مفاجأة الروایة لكل من یرید
قراءتھا. للعلم، الروایة واقعیة من حیث التأریخ للأحداث، لكنھا تمزج بین الواقعي والمتخیل
بحیث تنقل الأخیر إلى الواقعي.
ّ الأدب بالنسبة لرشید ھو زاد روحھ. مارسھ في شبابھ من خلال خواطر دائمة كتبھا. ھو یعبر
في المقالة السیاسیة عن رؤاه وقناعاتھ. وفي الأدب یشعر أنھ وإضافة إلى ذلك، یكتب نفسھ بكل
ّ تفاصیلھا النفسیة والروحیة، الوجدانیة والوجودیة. ویؤمن بالواقعیة التي تحمل ھما وطنیا كنھج
أدبي. فھو لا یكتب ”الفن الفن“ وفق المبدأ الأفلاطوني. بل یؤمن بنھج بلزاك وفلوبیر بضرورة تطبیع الأدب بقلیل من الواقعیة، لیخدم قضیة شعبھ وأمتھ. من ھذه المنطلقات كما یوضح الكاتب
اتجھ للأدب: الروایة القصة القصیرة والشعر، یكتب أیضا أدب الرحلة .إنھ وكما یوضح یعاني ّ تشظیا في مواھبھ (إن جاز التعبیر) تماما كما تشظي الفلسطیني والإنسان عموما، بین الحلم والواقع، بین التاریخ والمستقبل، بین الرأي النابع من الذات والتعامل مع المرحلة بكل تفاصیلھا وتجلیاتھا.
یحضرالھم الفلسطیني في روایات رشید بكل تجرداتھ وإرھاصاتھ وتحولاتھ التي تصب في مجرى خدمة القضیة وتحریر الأرض، كما عموم المشروع الوطني ، البعید عن المساومات واجتزاء الحقوق الوطنیة، فالتناقض مع الأعداء ھو تناقض تناحري. كونھم یحاولون نفي ّ الفلسطینیین كشعب! لا یرید إفناءھم، بل یرید العیش قي دولة دیمقراطیة واحدة، لكن ھذا الحل لا یقبلونھ! ویتمنون – ومثلما قال رابین ذات یوم- أن یصحو صباحا ویكون الفلسطینیون قد اختفوا من الوجود بالكامل. الإنسان الفلسطیني یحضر بقوة في روایات رشید عموما، وبضمنھا روایتھ الأخیرة ”كنز في یافا“ : الإنسان بنضالاتھ وثوراتھ، بتضحیاتھ في سبیل الوطن، ّ بمشاعره الإنسانیة الراقیة: الحب، الحنین، المقاربة بین تفاصیل الحیاة الیومیة وذكریات الوطن ّ الجمیل، العذابات في النفي والتشرد، اللجوء، الإصرار على العودة وتحریر الوطن، الأمل المختزن في الذات والمتجدد بالمعاناة. الإنسان الذي یتقن أیضا الغضب على المحتل كشحنة ضروریة لاستمرار المقاومة وتجددھا، ھذا في ظل انتماء قومي عربي، وإنساني، ھذا یحضر في أعمال المؤلف . من خلال قضایا وعناوین ومواضیع تتضمنھا الحبكة الروائیة لدي، وبالطبع ّ في كل روایة تأخذ شكلا وطریقة للتعبیر جدیدة، كي لا یكرر الروائي نفسھ في صیغ وقوالب جامدة، وإلا فسینتھي الكاتب، فالتجدد والتجدید ھما سمتان رئیسیتان لاستمرار الحیاة وخلود الأعمال.
لا یعتمد رشید في روایتھ الأخیرة أسلوب السرد التاریخي للأحداث، فالروایة والحالة ھذه تأتي روایة سردیة جافّة للتاریخ، بمعنى ستكون كتابا تاریخیا عادیا، ولا یجوز أن یطلق على الروایة والحالة ھذه صفة ”الأدبیة“!. الأدب المتخیل في بعض ملامحھ ھو انعكاس لأحداث الواقع، فتعطي للأدیب أبعادا سلوكیة وأحداثا متخیلة، فیعمل الروائي على تجمیعھا في حبكة روائیة منسجمة مع الشخصیات المحددة في الروایة المعنیة، وإن كان الإنسجام تاما في الشخصیة، ّ ستقنع القارىء بأنھا وقعت فعلا. لذا یركز – كما یقول – فیما یكتب على شخصیات روایتھ لیس الرئیسیین منھم فحسب، بل الفرعیین أیضا.
جدیر ذكره أن الروائي رشید وقّع روایتھ ”كنز في یافا“ في معرض الكتاب في بیروت، الذي انتھت أعمالھ في 17 كانون الأول (دیسمبر) الماضي، كما وقعھا وسط حضور كثیف في مدینة صیدا، في مركز ”معروف سعد الثقافي“، وینوي أیضا توقیعھا في عمان.