عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jan-2022

هل الأردن بخير؟* سامح المحاريق

 الغد

استقبلت قبل يومين صديقاً قادماً من بيروت، أخبرني بارتياحه لما يراه في الأردن ولمسارات الأحداث في الأشهر الماضية مقارنةً بالوضع قبل سفره للعمل، صديقي نفسه كان يبدي شعوراً من عدم الارتياح أثناء اقامته في الأردن، ومع معرفتي بالحالة التي يعايشها، طلبت منه ألا يكون أساس المقارنة تجربته في لبنان، فهناك فرق شاسع، ففي الأردن نتحدث عن دولة مستقرة.
قبل أيام كنت أيضاً مع صديق مغترب، وخلافاً لرؤيته السابقة كان يتحدث غاضباً تجاه وصف الأردن بالدولة الوظيفية، وهذا التغيير في التفكير وبصورة عميقة تأثر بتجربة الاغتراب الطويلة.
الصديقان يعملان في المجال الإعلامي، يفتتحان يومهما بمطالعة الأخبار ووكالات الأنباء، ولذلك لا يمكن وصف وجهات نظرهما بمجرد ترجمة لمفاعيل الحنين للوطن، والانتشاء بالعودة في عطلات قصيرة تبقيهما فعلياً خارج إطار المشكلات اليومية، فكلاهما ليس مضطراً للتعامل مع شرائح الكهرباء الجديدة ولا يبدي موقفاً من الاعفاءات الجمركية الأخيرة.
وبمناسبة الكهرباء، فنحن على غير مبعدة من بلدان تعاني من أجل الحصول على بضع ساعات من التيار الكهربائي، سورية ولبنان والعراق، ولكن هل يمكن الحكم على وضع بلد والإجابة بثقة أن الأردن بخير لمجرد أننا ننعم بالكهرباء على مدار الساعة؟
بالتأكيد يتوجب عند هذه المرحلة تفريغ المقارنة مع هذه البلدان من أساسها، ومع ذلك يمكن القول بأن الأردن لم يتمكن من التقدم في تعزيز مكتسباته نتيجة التداعيات المرتبطة بأحداث المنطقة، ويتعذر أن نتعرف على التكلفة الكلية لأزمة اللجوء، أو التكاليف الأمنية المباشرة وغير المباشرة لمواجهة الإرهاب، والضغط المترتب نتيجة احتواء الفكر المتطرف.
هذه أسباب مباشرة، ولكن ثمة توجهات جديدة دخلت الأردن بتأثير من الربيع العربي مثل التخندق والتعطيل السياسي، وعلى الأقل محاولة تبني هذه الاستراتيجيات، وكان المدخل في لبننة الاعلام الأردني، أي تبنيه لأدوات الإعلام اللبناني وتمثيله لفئات معينة تتناقض رؤاها وأهدافها، وعلينا أن نتجنب الوصول إلى لبننة السياسة الأردنية.
أيضاً لا نتطلع إلى إعلام يتبنى النموذج المصري في ترتيل المنجزات وتغييب المقاربة الواقعية للمشكلات، ولا لحياة سياسية مماثلة لمصر حيث تنحصر المعارضة في مجلس النواب في ثلاثة نواب، ويوجد لهذه النمطية دعاتها والمنظرون لها.
تمكن الأردن من بناء دولة مستقرة في بنيتها ومجتمعها ومعظم مؤساساتها، ولكن مشروع الدولة متغير لأنه دائم الاستجابة، ونحن نبني داخل السيول وتحت العواصف، ولذلك أجبت صديقاً ثالثاً يسأل عن رؤيتي لحل مشكلات الأردن جذرياً، فأجبته أن ننقل الأردن إلى المحيط الهادئ، والحقيقة أنه لا يمكن تقديم حلول نهائية لمشكلات الاردن، أو أي بلد آخر، ولكن آليات الحل وفعالية الحلول تختلف حسب الضغوط الماثلة أمام كل بلد.
الأردن بخير لأنه تمكن من تجاوز العقد الماضي وخرج وهو يمتلك النية للتغيير والتصحيح، والأردن يجب أن ينتبه لمشكلة التواصل والهروب تجاه التحالفات التي تمليها الرؤى الخاصة بالفئات على حساب مشروع الدولة، فالأساس هو بناء المحددات والأسوار والسدود وداخل ذلك يمكن إدارة الصراع السياسي في حدوده الطبيعية، صراعاً منتجاً يعمل على تطوير الدولة والمجتمع.
نحن مختلفون بشكل عام، ولذلك علينا أن نقدم اجابات مختلفة من غير مقارنة تجربتنا بأحد، وبعيداً عن التأثر بأي نموذج سلباً أو ايجاباً.