عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jun-2019

تفاهمات حول مستقبل سوریة - تسفي میغن

 

صحافة عبریة
 
لقاء مستشاري الامن القومي للولایات المتحدة وروسیا واسرائیل في نھایة شھر حزیران یعتبر
انجازا لسیاسة اسرائیل التي تتلمس الطریق بین مصالح موسكو وواشنطن وتثبت نفسھا كعنصر في
الحوار بین الدول العظمى في موضوع مستقبل سوریة والتدخل الایراني في الدولة. من جھة،
واشنطن وموسكو ھذه تعتبر خطوة اخرى في اطار الجھود لتعزیز الحوار وتركیزه على المسائل
الخلافیة. اختیار الملعب الاسرائیلي استھدف بالتأكید ھدفھ الاقلیمي، وكذلك یمكن أنھ لامیركا
وروسیا توجد مصلحة في اظھار الدعم لاسرائیل، سواء في السیاق السوري أو في السیاق
الایراني. اسرائیل من ناحیتھا لھا مصلحة في أن تكون مشاركة في النقاشات، ولكن اثناء ذلك ربما
أن تأخذ على مسؤولیتھا مخاطرة معینة. ھذا لأنھ في النقاشات سیتم التوصل إلى تفاھمات بالاساس بخصوص تسویة سیاسیة وتثبیت الاستقرار في سوریة بدون أن یتم اعطاء رد على المصالح
الاسرائیلیة في ھذا السیاق.
مضمون ھذا اللقاء الذي مضمونھ استثنائي، لم یتم نشره بعد. من وسائل الاعلام الدولیة یتبین أن
ھدفھ ھو البحث في تسویة في سوریة. في ھذا الاطار سیتم مناقشة استمرار تدخل إیران في ھذه
الدولة، لكن یمكن التقدیر بأنھ مقابل تعزیز الحوار بین روسیا والولایات المتحدة سیكون لھذا اللقاء
ایضا اھمیة سیاسیة بذاتھ، وسیتناول كما یبدو ایضا مسائل دولیة توجد على اجندة ھذه الدول
العظمى.
یبدو أن القصد ھو (على الاقل بالنسبة للولایات المتحدة واسرائیل) ھو مناقشة بلورة سیاسة مشتركة تجاه سوریة وایران. بالنسبة لسوریة بالذات من المعقول أن تعمل على تحقیق تسویة على اساس مضمون المحادثات التي تقودھا الامم المتحدة في جنیف، خلافا للاتصالات التي تجري في
الاستانة، التي تشارك فیھا روسیا وإیران وتركیا. ھذا بقصد اجراء اصلاحات سیاسیة في سوریة.
روسیا من ناحیتھا ستطلب موافقة امیركا على المكانة الرسمیة للرئیس بشار الاسد، وبأنھ یستطیع
التنافس في الانتخابات القریبة القادمة على رئاسة سوریة. على خلفیة اشتداد الازمة بین إیران
والولایات المتحدة في الخلیج ھناك توقع امیركي لدعم روسي لسیاستھا في الشأن الایراني، مع
التأكید على تفعیل العقوبات من اجل اعادة إیران إلى المفاوضات التي ھدفھا تحسین الاتفاق في
المجال النووي. وكذلك التوصل إلى تقلیص نفوذ إیران في سوریة بشكل خاص وفي الشرق الاوسط بشكل عام.
لا یجب استبعاد من مجمل الاحتمالات أن الانعطافة في السیاسة الروسیة في الشرق الاوسط والتي تظھر في التقارب مع اسرائیل وفي التعاون المتزاید معھا بعد فترة معینة من الجمود وكذلك التوتر المتزاید سواء مع إیران أو مع نظام الاسد، ینبع بالاساس من جھود التقارب مع الولایات المتحدة. اللقاء المخطط لعقده في اسرائیل ھو كما یبدو تعبیر آخر عن ذلك.
التقارب بین واشنطن وموسكو تم التعبیر عنھ في الاتصالات المستمرة التي جرت مؤخرا بین شخصیات رفیعة المستوى من الطرفین. على الاجندة ایضا ھناك لقاء قریب بین الرئیس الامیركي
ترامب والرئیس الروسي بوتین على ھامش قمة الـ ”جي 20 ”التي ستعقد في طوكیو. ھذا رغم أنھ
ما یزال من السابق لأوانھ تقدیر حجم نجاح ھذه العملیة – ضمن امور اخرى، بسبب الضغط الداخلي الذي یستخدم على الرؤساء من اجل الامتناع عن تبني بادرات حسن نیة لتحسین العلاقات.
من ناحیة الرئیس ترامب یبدو أنھ بعد نشر تقریر المحقق الخاص مولر، ھو متحرر اكثر، على الاقل بالنسبة للدفع قدما بحوار مع روسیا، حیث یبدو أن الادارة الامیركیة معنیة في الوقت الحالي بمحاولة زیادة استعداد روسیا لمناقشة اخراج القوات الایرانیة من سوریة بالتعاون مع اسرائیل، وربما حتى العمل امام إیران من اجل تخفیف التوتر في الخلیج وحثھا على الموافقة على استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي. في الخلفیة، مصلحة روسیا ھي تحسین العلاقة مع الولایات المتحدة والرغبة في التوصل إلى انھاء قریب للازمة السوریة، من خلال استخدام الاوراق التي راكمتھا في ھذه الدولة، وكذلك ھناك توق لتحسین العلاقات مع الغرب، أي مع اوروبا، بخصوص
الفضاء ما بعد السوفییتي. وھذا على أمل رفع العقوبات التي فرضت علیھا في اعقاب الازمة في
اوكرانیا.
حتى الآن لیس من الواضح ھل الطموح الامیركي لبلورة تفاھمات مع روسیا سیتم تجسیده حقا.
علینا تذكر أن روسیا وإیران ھما شریكتان في ادارة الحرب في سوریة إلى جانب نظام الاسد. وكما
قلنا، منذ فترة تتسع بالتدریج الفجوات في مواقفھما بخصوص مستقبل سوریة. مؤخرا زاد التوتر
بینھما على خلفیة الازمة بین إیران والولایات المتحدة.
یمكن التقدیر بأن نیة روسیا لتغییر مضمون التعاون بینھا وبین ایران، إلى جانب التقرب من الغرب
واسرائیل، تمت بلورتھا قبل نحو سنة. تعبیرات عن ذلك كان یمكن ملاحظتھا في الاقتراحات الروسیة على امیركا واسرائیل لازاحة إیران من سوریة التي طرحت في قمة ھلسنكي التي عقدت في تموز 2018 وبعد ذلك في المؤتمر الذي عقد في باریس في تشرین الثاني من نفس السنة.
ولكن یبدو أن تنفیذ الخطة ووجھ بمعارضة جھات لھا تأثیر في روسیا والتي خشیت من التقرب من
امیركا والتخلي عن ایران، وكذلك فضلت استمرار المواجھة بین الدولتین العظمیین التي في اطارھا إیران ھي شریكة مناوئة للغرب. مع ذلك، یبدو أنھ مؤخرا نجح الرئیس بوتین في دفعھا قدما رغم أن جمرات قوى المعارضة تواصل الاشتعال. لذلك، من المبكر التقدیر إلى أي درجة القیادة في روسیا جدیة بشأن الخطة. المسافة عن تجسیدھا زادت ایضا في اعقاب معارضتھا من قبل إیران ونظام الاسد.
بالنسبة لاسرائیل، مؤخرا ظھر ایضا جھد من جانب القیادة الروسیة لتحسین العلاقات معھا. ھذا
الجھد برز بالتحدید على خلفیة معارضة في روسیا لتغییر سیاسة روسیا في الشرق الاوسط. الازمة
بین الدول تم اشعالھا من قبل المعارضة في اعقاب حادثة اسقاط طائرة التجسس الروسیة في سماء سوریة في ایلول 2018 ،لكنھا انتھت في نھایة شباط 2019 اثناء لقاء بین الرئیس بوتین ورئیس
الحكومة نتنیاھو، تم الاقتراح على اسرائیل انشاء اطار جدید للتعاون في التسویة في سوریة من
اجل اخراج القوات الاجنبیة مع التأكید على إیران من الاراضي السوریة.
یمكن أن تھدف ھذه الخطوة إلى المساعدة على الدفع قدما لتفاھمات بین موسكو وواشنطن. ایضا
من المعقول أنھ كان لاسرائیل دور حقیقي في تحقیق مصلحة سوریة وتعزیز الحوار مع الولایات
المتحدة، لھذا حظیت اسرائیل باعتراف روسیا بالجمیل.
یبدو أن روسیا ستحاول أن تدفع قدما بخروج القوات الامیركیة من سوریة. وإن كانت ستطالب أن
یتم تنسیق الخروج مع موسكو لتمكینھا من الاستعداد لملء الفراغ سیخلفھ الامیركیون في الفضاء الشمالي – الشرقي للدولة على السیطرة والنفوذ في المجال الذي یتنافس فیھ نظام الاسد والایرانیون الذین یریدون السیطرة على الحدود بین العراق وسوریة وحقول المحاجر في شرق سوریة. اضافة إلى ذلك القوات الكردیة المنظمة (قوات الدیمقراطیین السوریین وتركیا) التي ستفعل كل ما في استطاعتھا لمنع وجود حكم ذاتي للاكراد في الشمال.
بالاجمال، یبدو أن اللقاء بین روسیا وامیركا واسرائیل والمخطط لھ ھو مرحلة اخرى في استئناف الحوار بین امیركا وروسیا الذي ھدفھ الاساسي ھو الدفع قدما بالمواضیع الحیویة للاطراف في
النظام الدولي. في اطار اللقاء یتوقع أن یجري نقاش ھدفھ بلورة سیاسة مشتركة حول سوریة ونفوذ
إیران ھناك. وضمن ذلك اخراج القوات الاجنبیة من سوریة ومحاولة بلورة الاستعداد لعملیة مشتركة من اجل حل تحدیات المنطقة. بالنسبة لسوریة بشكل خاص النقاش سیتركز حول استقرار الدولة وحول التسویة السیاسیة فیھا، رغم أن ھناك شك اذا كانت الولایات المتحدة ستكون مستعدة للدفع مقابل التعاون من جھة روسیا بعملة الاعتراف بنظام الاسد أو المشاركة في تمویل اعادة الاعمار في سوریة. بالنسبة لایران، الاطراف ستسعى إلى التوصل إلى اتفاق تفاھمات مشتركة حول انھاء الازمة معھا.
اختیار الملعب الاسرائیلي لاجراء النقاش استھدف التأكید على ھدفھ الاقلیمي، وخاصة على خلفیة
حقیقة التقارب بین روسیا وامیركا. فانھا ما تزال لا تحظى بدعم كبیر سواء في الولایات المتحدة،
وعملیا ایضا من روسیا. كما أنھ یمكن أن تكون لواشنطن وموسكو مصلحة في اظھار الدعم لاسرائیل سواء في السیاق السوري أو السیاق الایراني. لاسرائیل توجد مصلحة في أن تكون مشاركة في النقاشات حول الجوانب الاقلیمیة المتعلقة بسوریة وایران. إلا أنھ خلال ذلك ربما ستأخذ اسرائیل على عاتقھا مخاطرة معینة لأنھ یمكن أن یتم التوصل في ھذه النقاشات إلى اتفاقات تتعلق بالاساس بتحقیق تسویة سیاسیة واستقرار في سوریة دون اعطاء رد على المصالح الاسرائیلیة في ھذا السیاق.
على كل الاحوال، لقاء مستشاري الامن القومي في اسرائیل یعتبر انجاز سیاسي بالنسبة لاسرائیل، حتى لو كان المشاركون لن یتوصلوا إلى تفاھمات عملیة حول مستقبل سوریة واخراج القوات الایرانیة من الدولة، ومجرد عقد اللقاء یرفع مكانة اسرائیل واحتمال أن تستطیع التأثیر على اتفاق مستقبلي في سوریة. روسیا وعدت في السابق بتقیید نشاطات إیران وھي تجري بین الحین والآخر خطوات من اجل تجسید تنفیذ ھذه الوعود ومنھا ابعاد القوات الایرانیة ومبعوثیھا عن الحدود مع
اسرائیل.
في اللقاء سیحاول المستشار الروسي تحقیق شرعیة لاستمرار حكم الاسد في سوریة والاعتراف
بأنھ العامل الذي انتصر في الحرب الاھلیة، ولا بدیل لھ، على الاقل في السنوات القریبة. لذلك
توصى اسرائیل بأن تطلب مقابل الاعتراف بحكم الاسد تعزیز قناة اتصال عسكریة مع النظام السوري من اجل تنسیق التوقعات ومنع حدوث سوء فھم والتأكد من أن النظام یمنع انتشار عناصر ارھابیة ومبعوثین من إیران في ھضبة الجولان ومنع التصعید بسبب تقییمات خاطئة بالنسبة لنوایا ونشاطات الطرف الثاني