عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Feb-2019

محمد حجیر .. حلاق الملك

 

وليد سليمان
الراي - الحلاق والمُزيِّن محمد عبد السلام حجير له عدة ألقاب منها: حلاق الملك.. حلاق المدينة..
عميد المُزينين الأردنيين!. فقد تعلم حجيرهذه المهنة من والده عبد السلام منذ كان فتىً في الـ « 13 «من عمره.. والآن فقد مرَّعليه في مهنة فن الحلاقة والتزيين ما يقارب الستين عاماً وبالضبط "59" عاماَ.. حيث التحق للعمل في محل والده" صالون الكرمل" منذ منتصف ستينيات القرن الماضي.
حلاق الملك
وفي صالون الحلاقة الواقع في إحدى دخلات شارع الملك فيصل بعمان حدثنا حجير عن مناسبة إطلاق تلك الألقاب السابقة عليه حيث فقال:
لقد أكرمني االله سبحانه وتعالى ان اكون في فترة ماضية المزين الخاص لجلالة سيدنا الملك عبداالله الثاني- عندما كان أميراً- وكانت تلك الفترة من السنين من اجمل ايام حياتي.. إذ انني تعلمت من جلالته حب التواضع والتعامل اللين مع الجميع.. فجلالته مدرسة في الحياة يعتز بها الانسان دائماً.
وسبق ان كان لي الشرف ان قمت شخصياً بتزيين شعر جلالته يوم زفافه على جلالة الملكة رانيا العبداالله في العام 1993.
وبمناسبة حلول ذكرى ميلاد جلالته مؤخراً فان الحلاق والمزين محمد حجير يعلن مبتهجاً ووجهه يشرق بالفرح والمحبة قائلاً: أهنئ مليكنا المفدى بعيد ميلاده الجميل, واعلن دائما وابداً انتمائي وحبي وولائي الى مقام سيدي الغالي ابي الحسين أدامه االله لنا جميعاً في هذا الوطن الآمن بالمحبة.
وكان الحلاق محمد حجير ابو العبد قد بدأ كحلاق ومزين خاص لجلالة الملك عبداالله الثاني في منتصف الثمانينيات حيث كان اول لقاء معه عبر موقف ظريف!! فقد طلب جلالته ولضيق الوقت ولارتباطه بمواعيد هامة ان يزين ويحلق له شعره خلال عشر دقائق فقط!! فما كان من الحلاق محمد حجير الا ان يثبت وجوده في هذا الموقف الصعب, فقال في الحال: سيدي عندما اضع الفوطة وتعطيني الامر بالبدء فانني ان شاء االله سوف انجز عملي خلال خمس دقائق.. وهذا ما كان فعلاً!! فأعجب جلالته بهذه الدقة!!.
ويتابع قائلاً: فشكرني وشكرته.. حتى انني ذات مرة أديت العمرة برفقته فقد كان دائماً كريماً ومحباً.. أمَّا سمو الامير حسين نجل جلالته فقد قمت بحلاقة وتزيين شعره في العام 1995 ,وقد التقطت جلالة الملكة رانيا العبداالله صورة تذكارية لنا بهذه المناسبة حيث ظهر فيها جلالة الملك عبداالله وسمو الامير حسين وهو صغير السن وانا معهما, حيث ما زلت احتفظ بهذه الصورة واعتز بها في صالون الحلاقة.
وعن كيفية تعرف جلالته قديماً على الحلاق حجير!! قال: ذات مرة أعجب جلالته بحلاقة شعرأحد أصدقائه, فسأله عن الحلاق الذي يحلق عنده؟! وهكذا ذهبت إليه كي أحلق وأزين شعر جلالته لأول مرة, وقد استمررت حلاقاً لجلالته مدة » 12 «سنة.
شخصيات ومشاهير عمان
أما عن لقبه بحلاق المدينة–أي مدينة عمان–فقد أشار بذلك الى زبائنه و أصدقائه الذين أطلقوا عليه هذا اللقب!! بسبب شهرة بعض شخصيات عمان من السياسيين والفنانين والموظفين المعروفين الذين كانوا من زبائنه وما زال بعضهم حتى الآن.
ومن تلك الاسماء مثلاً نذكر- مع حفظ الألقاب -:
وصفي التل, احمد طوقان, موسى ابو الراغب, عبدالمجيد المجالي, حسين ابو الراغب, رجب خشمان, عبدالودود شلبك, اسماعيل خضر, موسى عمار... الخ.
لكن من الاسماء التي ما زالت من زبائن هذا الصالون سواء بالقدوم اليه للحلاقة او بالذهاب بعض المرات للحلاقة لهم في بيوتهم, يذكر محمد ابو العبد الاسماء والشخصيات التالية- مع حفظ الالقاب-: طاهر حكمت, هاني الخصاونة, نصوح محيي الدين.. الخ.
عميد المزينين
وعن آخر الألقاب التي حصل عليها حجير كان لقب «عميد المزينين الاردنيين» وعن ذلك أوضح بقوله:
حصل ذلك الأمر في منتصف شهر تشرين الثاني من نهاية العام الماضي 2018 ,فبعد خدمتي في مهنة التزيين والحلاقة للرجال مدة شارفت على ال «60 « عاماً قامت شركة شركة تعنى بمواد التجميل والتزيين ممثلة بالسادة محمد الجراح ورائد دبش بتكريمي ومنحي لقب عميد المزينين الاردنيين في مهرجان كبير أقيم في فندق الرويال في مدينة عمان.
ومؤخراً تمت كذلك دعوتي للمشاركة في شهر تشرين الأول القادم لتكريم المزينين العرب, في كل من هوليوود ولاس فيغاس في أمريكا.
مُزين أم حلاق!
وعند سؤالنا لأبي العبد–لماذا يُقال عن الحلاق مُزين!؟ أجاب يقول: إن الأصل في هذه العبارة هي «المزين» وهي كلمة عربية قديمة, لأن صاحب هذه المهنة لا يقوم فقط بقص شعر الرأس؛ بل يقوم بأعمال أخرى منها حلاقة وتشذيب وتزيين لِحى و شوارب الرجال وتنظيف بشرة الوجه والشعر الزائد على الأذنين وربما صبغ وغسل الشعر لمن يريد,و تصفيف الشعر بالسشوار, ثم استعمال البودرة والعطور والشبة والكريمات للوجه, والخيطان.. كذلك فان لديَّ خبرة لعلاج تواليل الجلد وثعلبة الرأس...الخ.
وهل لك أسلوب خاص في الحلاقة والتزيين؟! قال: لا أستغني عن استعمال المقص والمشط.. لِما للمقص من نغم جميل عند تحريكه لقص شعر الرأس.. بعكس بعض الحلاقين الجدد هذه الايام, الذين لا يستعملون المقص! بل فقط ماكينة الحلاقة الكهربائية.
البدايات مع فن الحلاقة
وعن بدء تعلقه وممارسته بهذه المهنة قال ابو العبد موضحاً:
كان والدي عبدالسلام حجير حلاقاً قديما منذ ايام حيفا في فلسطين في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي.. ثم ان والدي رحل الى عدة مدن منها حمص ثم اربد ثم عمان حيث استقر به المقام في عمان الحبيبة.
وكان للحلاق عبدالسلام حجيرعدة صالونات للحلاقة والتزيين في عمان بطريق المحطة وفي فندق الاردن, وهذا الصالون بشارع فيصل دخلة قردن.. حيث عمل الابن محمد مع والده في صالون الكرمل هذا منذ كان عمره (13 (عاماً في منتصف الستينيات من القرن الماضي.
وخلال هذه الفترة الطويلة من ممارسة مهنة الحلاقة للرجال في تلك الصالونات فقد تدرب العشرات من معلمي الحلاقة والمزينين من تحت يدي الوالد والابن ابو العبد اللذين يُذكران بالفضل والمحبة والتقدير.
يقول حجير صاحب الـ (70 (عاماً مستذكراً انه كان قديماً يستخدم موسى حلاقة الذقن بِسَنِّهِ–ليجعله حاداً- على القايش «قشاط جلدي", وكانت ماكينة الحلاقة يدوية وليست كهربائية, وان أجرة الحلاقة كانت لا تزيد عن (20 (قرشاً في الستينيات, وكان يستعمل عطر الكالونيا المعروف آنذاك «دنيا زاد», وزيت الشعر للرأس بدل الكريمات والجِل, كذلك استعمال الشبة وهي نوعان: حجر دم, وحجر لاطفاء الحرارة, وذلك اذا ما جُرح ذقن الزبون في حالات نادرة.
لكنه يشير الى ان حلاقة الذقن خفت هذه الايام.. فأكثر الرجال يحلقون ذقونهم في البيت بسبب انشغالهم وضيق الوقت.
وعن الايام القديمة والسنوات السابقة يتذكر ابو العبد مع ابتسامة على وجهه لا تفارقه قائلاً:
في فترة الستينيات والسبعينيات كُنَّا قبل عيدي الفطر والاضحى بثلاثة ايام مثلاً لا نُغلق الصالون نهاراً ولا ليلاً !! بسبب ازدحام الزبائن الذين يحلقون حلقة العيد.. وكانت تلك ايام لها بهجة وسعادة خاصة.. لقد اختفت هذه الظاهرة الآن.. ولكن ربما هي موجودة حتى الآن في صالونات الاحياء الشعبية في عمان.
اما عن قصات الشعر قديماً فقد كان هناك موديل حلاقة الشعر الانجليزية والشركسية وهي قريبة او تشبه حلقة شعر المارينز.. وظهرت في السبعينيات حلقة الخنافس مع استعمال سشوار تمليس الشعر وظلت حتى منتصف الثمانينيات تقريباً.
والحلاق حجير مزين شعر متطور.. فقد قام قديماً بزيارات استطلاعية الى كل من القاهرة وبيروت, لمواكبة طُرق وموديلات الحلاقة الحديثة وأدواتها هناك, ولينقل ذلك الى صالونه في عمان.. وهو يجيد قص الشعر لجميع الموديلات القديمة والحديثة ويساعده أيضاً بعض الموظفين الحلاقين من اصحاب الخبرة.
شارع فيصل قلب عمان النابض
وعن الذكريات القديمة التي ما زال يحملها حجير في وجدانه عن أهم وأجمل شارع في عمان قديماً منذ منتصف ستينيات القرن الماضي–حيث افتتح صالونه فيه- وهو شارع الملك فيصل الاول؛ حدَّثنا بقوله:
من المعروف ان مركز عمان والقلب النابض فيها منذ القديم هو شارع فيصل الذي كان يمتاز باتساعه وبكثرة محلاته ودخلاته الفرعية وبحركته التجارية والسياحية, حيث التجوال فيه متعة جميلة.
فقد كان هذا الشارع يضم العديد من محلات التصوير الفوتغرافي والمطاعم الشهيرة مثل: دار السرور والسلام والسردي.. والآن ابو زغلة والشهرزاد وغيرها كذلك, والبنك العثماني الذي حل مكانه مخفر المدينة والبنك العربي في الجهة المقابلة.. وسينما الفردوس والحسين وعمان التي توقفت عن العمل.. ومقاهي العاصمة وكوكب الشرق والعمال وخبيني.. وأسواق مثل: الذهب ومنكو والبشارات والحايك.. ومحلات بيع الملابس والاقمشة النسائية مثل: الاهرام والطباع, والملابس الرجالية مثل القيسي وعزت وحداد وابو لبن, ومحلات الاحذية الراقية مثل: باتا والكردي, ومحلات بيع بُن القهوة مثل: المدني والبدوي والفيومي.. و الحلويات مثل: ابوسير والشهرزاد وحبيبة..
ومحلات اقمشة الجوخ الفخمة مثل المعشر وغيرها.. والفنادق مثل: بالاس وحيفا والقاهرة والرياض والنصر ومنصور.. وأكشاك الصحف والمجلات مثل: كشك حسن ابو علي, كشك سليمان الحوراني, كشك احمد الكايد.. وصالونات الحلاقة مثل: الحريري, وشقير, والكرمل المتواجدة صالوناتهم في دخلات شارع فيصل.
ومن خلال شارع الملك فيصل كان في ستينيات القرن الماضي لا بد لضيوف الاردن كالملوك والرؤساء ان يمروا بمواكبهم من هذا الشارع الحيوي, حيث كان الجمهور الاردني يصطف على جانبي هذا الشارع للإستقبال والترحيب بهؤلاء الضيوف وسط الهتافات والتصفيق الحار والبهجة بمشاهدة هؤلاء الضيوف الأكارم على الاردن.
وحدثنا الحلاق حجير مستذكراً: ولقد كان جلالة المغفور له الملك الحسين كثيراً ما يمر من هذا الشارع مع مواكب ضيوف الاردن, وفي مرات أخرى لوحده في سيارته دون حراسة.. مع إلتزامه بالوقوف على إشارات المرور في الشارع!!حيث كان الناس ممن يشاهدونه يتبادل معهم التحيات وبعض الحديث السريع.
وأقدم من ذلك... فقد كان شارع فيصل يُسمى بساحة فيصل وساحة البلدية وساحة الساعة.. فقد كان في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي مكاناً رئيسياً لإقامة الاحتفالات الوطنية والشعبية التي كان يحضرها عادة المغفور له الملك المؤسس عبداالله الاول ابن الحسين, ويُلقي خُطبه من على منصة- تُقام وسط الشارع- ومن حوله حضور جماهيري كثيف... حيث كان الناس يتجمعون في ساحة هذا الشارع الواسع, ومنهم من يقف على شرفات وأسطح المحلات والبيوت والمقاهي والفنادق من أهالي عمان والمناطق الاردنية الأخرى.