الدستور - لم أجد أفضل من عنوان قصيدة محمود درويش «مديح الظل العالي « لاستعيره عنوانا لهذا المقال..
فالقصيدة ، تذكرنا بالخريف... خريف العمر.. الذي بدء يظلنا.. ويدثرنا بطقوسه.. انها سنة الحياة.. ولن تجد لسنة الحياة تبديلا، ولا تغيرا..!!
خريف العمر ..ليس محصورا بالافراد، بل الامم والامبراطوريات تمر بهذه الحقبة الزمنية، والتي تعتبر مؤشرا على قرب زوالها، وافول شمسها..... وهي فعلا ما تؤشر عليه الحقبة الاميركية في التاريخ..
فدولة تسخر القوة الباغية لفرض سيطرتها على العالم، هي امبراطورية في طريق الزوال حتما.. بعد ان لوت اعناق الحقائق، وسخرت تفوقها العلمي ..و القيم النبيلة «حقوق الانسان»..لتحقيق مصالحها الامبراطورية..في السيطرة والسطو والهيمنة..الخ، على العالم أجمع..
بحر لايلول الجديد..
خريفنا يدنو من الابواب..
«الظل العالي» وهي القصيدة الاشهر لدرويش، تقترب من الملحمة،لم تجسد معارك الشرف والصمود والبطولة الاسطورية التي خاضها الفدائيون الفلسطينيون وحلفاؤهم اللبنانيون في بيروت فحسب، ولم تجسد معاناة الناس والحرب القذرة التي شنها العدو بالاسلحة المحرمة عليهم، بل تدين العالم كل العالم، الذي دفن راسه في الرمال «89» يوما.. وكان اجبن من ان يقول « لا» كبيرة للعدو الصهيوني ولحليفته واشنطن.
هذه القصيدة الملحمة التي تخشى على الثورة من الخريف، وقد باتت ملامحه ترتسم علي جسدها الجميل.. حذرت وكأن الشاعر كان يرى المستقبل بعيون زرقاء اليمامة.. من كمين، لا بل كمائن بانتظار هذه الثورة ، لاغتيالها.. فهي تحذر من كذبة الدولة، وهيلمانها الخادع...
وهو ما وقعت فيه الثورة، حينما وافقت على «اوسلو» وتخلت عن 78 % من ارض فلسطين التاريخية للصهاينة المجرمين
ما اوسع الثورة.
ما اضيق الرحلة.
ما اكبر الفكرة.
ما اصغر الدولة
وقبل ذلك وبعده، وقفت القصيدة مطولا امام الحالة الفلسطينة..
«يا وحدنا»..كما تجلت في بيروت، في صورة هي اقرب الى التراجيديا..
كم كنت وحدك يا ابن امي..
يا ابن اكثر من اب..
كم كنت وحدك
وها هي اليوم تتكرر في القدس وغزة ، وفي كل فلسطين من جديد..
ويصرخ المرابطون «يا وحدنا»..كا صرخ ضحايا «مجزرة»صبرا وشاتيلا».. التي تحل ذكرها الفاجعة في «16» من هذا الشهر، فيما كانت سكاكين وخناجر الكتائبيين الجبناء، وحلفائهم الصهاينة المجرمين تنغرس في لحمهم، ويشربون من دمهم، ويفقؤون عيونهم، ويقطعون اذانهم.. ويعملون منه قلائد تزين صدور القتلة الفاشيين، في صورة مرعبة تشي بمقدار الحقد الذي يملأ نفوسهم على الشعب الفلسطيني..
يا وحدنا صرخة اهلنا في صبرا وشاتيلا..
صرخة بيروت وهي تقاوم «89» يوما..اشرس اعتداء همجي فاشي عرفه التاريخ..وتنتصر.وتنتصر..
ويخرج الفدائيون مرفوعي الرأس.. مرفوعي السلاح، تزين هاماتهم اكاليل الغار والياسمين، وقد سلموا راية المقاومة لاشقائهم في لبنان.. وهاهم يزرعون سهول وتلال وجبال الجنوب سلاحا ورجالا اشداء يهزمون العدو، ويجبرونه على الفرار..
في ايلول
شعبنا يؤكد..
انه طائر الفينيق..
والعدو الى زوال..ِ