عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Nov-2021

السودان: هل ينجح «أصدقاء» الجنرال في..«تعويم» انقلابه؟*محمد خروب

 الراي 

واحد وعشرون يوماً انقضت على الانقلاب, الذي قاده الجنرالان.. عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو/حميدتي, على «شركائهما» في الثورة التي أطاحت نظام الديكتاتور المخلوع/عمر البشير, وأفضت ضمن أمور أخرى إلى ارتفاع منسوب التفاؤل باحتمال تخلّص السودان والسودانيين من حكم العسكر, الذي انتهى طوال أزيد من نصف قرن إلى وضع السودان في قائمة الدول الفاشلة وانهيار مكانته ودوره الإقليميين، وخصوصاً في عزلته وتقسيمه واندلاع الحروب الأهلية ذات الطابع العِرقي/والإثني/والمناطقي، على نحوٍ بات ساحة للتدخّلات الأجنبية من دول الجوار ?ما الدول الإقليمية/العربية وغير العربية، وعلى رأسها إسرائيل التي نجحت في استدراج البرهان/وحميدتي إلى مربع التطبيع، ما عجّل بظهور دور إسرائيلي رئيسي في انقلاب الثنائي العسكري, مع بروز مؤشرات على استمرار وتنامي الدور الصهيوني في وقائع اليوميات السودانية, والأحداث التي تلت انقلاب 25 تشرين الأول المُتواصِلة تداعياته على السّودانيين الرّافضين له.
 
وإذ يواصل الإنقلابيون سفك دماء السودانيين العُزّل في مليونياتهم العارمة والمتجدّدة, تبرز المواقف الرخوة الأقرب إلى الموافقة على ما جرى ويجري في السودان التي تتخذها الترويكا الغربية: الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج، إزاء ما قام به الجنرالان البرهان/حميدتي، خاصّة بعد لقاء سفراء تلك الدول مع البرهان مؤخراً, وإبلاغهم إياه «ضرورة» العمل وفق الوثيقة الدستورية وإعادة رئيس الوزراء/عبد الله حمدوك إلى منصبه, كأساس لـِ"النقاش» بشأن كيفية تحقيق شراكة مدنية–عسكرية, وحكومة انتقالية يقودها مدنيون.. فإنّ «الشروط» الغر?ية الثلاثة تعكس بطريقة لا لبس فيها, قبولاً غربياً وخصوصاً أميركياً لانقلاب البرهان/حميدتي، خاصّة أنّ الدول الثلاث عبر سفرائها, تصرف النّظر عن «العبث» الذي قام به البرهان في الوثيقة الدستورية, عندما «شطب» كلّ عبارة أو مصطلح يشير إلى قوى الحرية والتغيير كشريك مدني في الوثيقة، والأكثر أهمية وخصوصاً تجاوزه/تجاهله الموعد المحدّد لتسليم قيادة مجلس السيادة الانتقالي للمدنيين/قوى الحرية والتغيير, والذي كان مقرراً في 19 تشرين الثاني الجاري/يوم الجمعة.. القريب.
 
أضِف إلى ذلك أنّ الدول الثلاث تدعو رئيس الانقلاب إلى إعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (وليس هو وحكومته) كأساس للنقاش (..) حول كيفية تحقيق شراكة عسكرية/مدنية, بمعنى قبولها قرارات البرهان شطب وإلغاء أيّ دور لقوى الحرية والتعبير, وإخضاع حمدوك الذي يرفض (حتّى الآن) الانخراط في مساومة كهذه. ما يثير الريبة بأنّ القوى الغربية ذات الدور الفاعل في المشهد السوداني, تُوشك أو هي قررت التعاطي مع «الأمر الواقع» الذي فرضه أو طُلِب من البرهان العمل عليه منذ انقلابه في 25 تشرين الأول الماضي..
 
البرهان/وحميدتي.. لم يخفيا ذات يوم توجّهاتهما لإعادة إنتاج نظام الديكتاتور المخلوع عمر البشير, وهما خصوصاً حميدتي منذ ارتكبت القوات التي يقودها «التدخل السريع» مذبحة فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة السودانية، لم يتوقفا عن اتّخاذ أي إجراء يحول دون إلغاء دور قيادات وأجهزة نظام البشير، الأمر الذي تجلّى لاحقاً في إطلاق سراح رموز نظام البشير الذين تمّ زجّهم في السجون بعد إطاحة الديكتاتور المخلوع، إضافة إلى قرار البرهان الأخير (بعد انقلابه) حلّ لجنتيّ تفكيك التمكين (تفكيك نظام البشير) والاستيلاء على أموالها, وا?ثانية حلّ لجنة التحقيق في فضّ الاعتصام أمام قيادة الجيش المتّهم فيها حميدتي/قائد قوات الدعم السريع/ الجنجويد سابقاً وشريك البرهان في الانقلاب الأخير.
 
ماذا عن مجلس السيادة الجديد؟
 
في خطوة استبطنت رسالة واضحة لواشنطن وخصوصاً تلّ أبيب، قام الجنرال البرهان بتعيين «13» شخصية عسكرية وأخرى مدنية في مجلس السيادة الجديد, على أنقاض المجلس الذي قام بحلّه مُستبعِداً أربعة من ممثلي قوى الحرّية والتغيير. برز من بين «السياديين الجُدد» أحد أبرز المطبّعين مع إسرائيل واسمه «أبو القاسم برطم», المؤيد للعدو الصهيوني والذي يعتبره السودانيون خائناً، ناهيك عن كونه نائباً سابقاً في آخر برلمان في عهد عمر البشير، وثمة بين القوى السياسية والمدنية في السودان, من لا يتردد في القول: إنّ الموساد الإسرائيلي هو الذ? «فرضَ» تعيينه على الجنرالين، أو أنّ الأخيريْن إختاراه..«هديةً» لإسرائيل.
 
مأزق الجنراليْن يتفاقم، ومحاولاتهما الواضحة لإعادة إنتاج نظام البشير ربما تصيب بعض النجاح لكنّها غير مرشّحة للاستمرار. اللهم إلّا حال مضت واشنطن قدماً في توفير مظلّة أمان لهما, بعد أن تفرض عليهما كلّ ما تريده منهما، بدءاً بتفعيل اتفاق التطبيع والبدء بخطوات عملية ومُعلنة في إبرام «تحالف» مع تلّ أبيب, إضافة إلى أدوار إقليمية يتمّ تكليفه بها لاحقاً. ونحسب أنّ البرهان/حميدتي لن يَرفضا ذلك، خاصةً أنّ البرهان كان أعلن عقب انقلابه الأخير, التزامَه «كلّ» الاتفاقات الدولية.