عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Aug-2019

مقاومة جدیدة تتطور جنوب سوریة - بقلم: تسفي برئیل
ھآرتس
لقد مرت أكثر من سنة بقلیل منذ أن تم التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار في جنوب سوریة.
قوات الشرطة الروسیة تقوم بأعمال الدوریة منذ ذلك الحین في المناطق المجاورة للحدود مع
إسرائیل في ھضبة الجولان.
كتائب سوریة تم نشرھا على مداخل محافظة درعا وفي المدینة نفسھا. ملیشیات مؤیدة لإیران
ومقاتلون من حزب الله تم تثبیتھم في مواقعھم، ویبدو أن الوضع القائم یمكن من روتین حیاة سلیم
لسكان المنطقة. ولكن في الأسابیع الأخیرة، لا سیما في نھایة شھر تموز (یولیو) الماضي، تتحدث
وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان في سوریة عن ازدیاد المواجھة العنیفة بین الملیشیات
المحلیة وبین قوات النظام والقوات المؤیدة لإیران.
حسب موقع ”شھداء درعا“ الذي یوثق عدد المصابین في درعا، قتل على الاقل 12 شخصا منذ
دخول وقف اطلاق النار الى حیز التنفیذ. ویضاف الى ذلك تقاریر عن اعدام نشطاء ملیشیات
متمردین، اختطاف مدنیین واعتقال وتعذیب في سجون النظام.
في المقابل، یقوم رجال الملیشیات بتنفیذ عملیات بصورة مستمرة ضد أھداف عسكریة سوریة،
یطلقون النار ویزرعون عبوات ناسفة في حواجز الطرق ویطلبون من المواطنین المحاربة ضد
السیطرة السوریة على المنطقة. رسمیا، قوات الشرطة الروسیة والجیش السوري ھي المسؤولة عن الأمن في المنطقة. ولكن ملیشیات المتمردین الذین تم اجبارھم على نزع سلاحھم، یملكون كمیة كبیرة من السلاح الشخصي والعبوات الناسفة التي تمكنھم من احیاء المقاومة.
النظام یقول إن الملیشیات ھي المسؤولة عن خرق النظام من اجل خدمة مصالح إسرائیل. في حین
أن الملیشیات تتھم النظام والقوات المؤیدة لإیران وحزب الله بضعضعة الوضع الراھن من اجل
السیطرة بشكل كامل على جنوب الدولة. على جدران المباني في درعا ظھرت مؤخرا كتابات
ھددت بـ ”كل من باع ضمیره وكرامتھ ودینھ. نحن نراكم وننتظركم، ثورة حتى النصر“. یبدو أن
ھذه الشعارات موجھة ضد رؤساء الملیشیات الذین وقعوا على اتفاق وقف اطلاق الذي یعتبر من
قبل عدد من الملیشیات خیانة لفكرة مقاومة النظام. ولكن لیس مستبعدا أن الشعارات كتبت من اجل التغطیة على منفذي العملیات الحقیقیین.
النظریة بأن إسرائیل ھي التي تقف من وراء التسخین في القطاع الجنوبي، تقول بأن طموح
إسرائیل ھو أن تطرد من المنطقة الفرقة الرابعة السوریة بقیادة ماھر الاسد، شقیق الرئیس، والتي
تشارك فیھا ایضا قوات إیرانیة ومقاتلون من حزب الله. بھذا فھي تظھر قدرتھا على ضعضعة
الھدوء في ھذه المنطقة. حسب ھذه النظریة، إسرائیل تفضل أن یقوم الطابور الخامس الذي اقامتھ
روسیا، على اساسات ملیشیات المتمردین الذین وقعوا على اتفاق وقف اطلاق النار، بالسیطرة على
المنطقة، وبذلك، ربما سیتم ضمان ابعاد القوات المؤیدة لإیران. النظریة المعاكسة تقول بأن
الإیرانیین وماھر الاسد ھم الذین یثیرون المواجھات من اجل الاثبات بأن الطابور الخامس
(الروسي) لا یستطیع السیطرة على المنطقة، وأنھم ھم الذین یجب علیھم تولي السیطرة الكاملة
ھناك.
ھذه النظریات التي ھي لیست أكثر من تخمین في ھذه الاثناء، تستند إلى اساس صلب واحد بحسبھ وجزء من القوات السوریة غیر راضیة عن السیطرة العسكریة الروسیة على المنطقة وعلى مناطق اخرى في الدولة، عن طریق شبكة وقف لاطلاق النار املتھا روسیا، ولیس اقل من ذلك من تدخل روسیا في اشغال الوظائف القیادیة الكبیرة في الجیش السوري. الخلاف بین الفرقة الرابعة
والطابور الخامس یلزم إسرائیل بأن تفحص عن كثب التطورات في المنطقة، حیث أنھ حتى روسیا
لم تقم بالوفاء بتعھدھا بابعاد القوات المؤیدة لإیران عن الحدود في ھضبة الجولان. وھي في ھذه
الاثناء الضمانة الاھم في أن لا تتمركز القوات المؤیدة لإیران، بما في ذلك حزب الله، وتوسع
سیطرتھا في المنطقة.
في درعا نفسھا عادت الحیاة حقا بالتدریج الى سابق عھدھا. المحلات فتحت من جدید، مئات
اللاجئین عادوا مؤخرا من الأردن الى بیوتھم، والمعبر الحدودي الجنوبي بین سوریة والأردن تم
فتحھ منذ فترة، لكن أجھزة الإدارة المدنیة السوریة ما زالت لا تعمل. حسب اتفاق وقف اطلاق
النار، قوات الجیش السوري یجب أن لا تدخل الى المدینة، لكن العلم السوري یرفع على المباني
الحكومیة وموظفو الحكومة یعودون الى عملھم ویقدمون الخدمات، مثل المدارس والمحاكم،
ویحصلون على میزانیات لاعادة الاعمار. تجدید ھذا النشاط یتباطأ، ومعظم الخدمات تدیرھا لجان
محلیة توزع المسؤولیات فیما بینھا حسب التنظیمات. جھاز القضاء یدیره رؤساء القبائل، الوجھاء
ورجال لھم نفوذ راكموا القوة خلال الحرب. النظام تعھد ایضا باطلاق سراح 4500 سجین وتم
اطلاق سراح 1000 فقط. وھو أمر یتسبب ایضا بتوتر وامتعاض عام یھدد اتفاق وقف اطلاق
النار.
روسیا التي اقامت جھازا خاصا لتثبیت اتفاق وقف اطلاق النار بین الجیش والمتمردین في ارجاء
سوریة كجزء من العملیة الاستراتیجیة لنقل السلطة في الدولة الى الاسد، نجحت في معظم الحالات بوقف المواجھات العسكریة بین الطرفین. ولكن انھیار كبیر لاتفاق وقف اطلاق النار مثل الذي
یمكن أن یحدث في جنوب سوریة، یھدد لیس فقط وقف اطلاق النار في مناطق اخرى، بل یمكنھ أن
یقلل من شرعیة النشاط السیاسي الروسي، خاصة في العملیة السیاسیة الواسعة التي تحاول الدفع بھا قدما قبل الحل الشامل.
ضعضعة الھدوء في الجنوب یمكن أن تؤثر على البؤرة الأكثر قابلیة للاشتعال والتي توجد في
محافظة ادلب، التي یتركز فیھا 50 ألف متمرد مسلح، الاعضاء في ملیشیات انتقلت الیھا من
مناطق اخرى. روسیا تطلب من تركیا أن تطبق الاتفاق الذي وقع بینھما في شھر ایلول (سبتمبر)
الماضي والذي بحسبھ تھتم بأن تبعد عن المحافظة السلاح الثقیل والمتوسط مقابل أن لا تشن قوات
الاسد والقوات الروسیة ھجوما شاملا یمكن أن یتسبب بموجة لاجئین كبیرة، الذین سیھربون من
ادلب الى تركیا.
تركیا لم تسارع حتى الآن في تنفیذ دورھا في الاتفاق، سواء لأنھا لا تنجح في اقناع الملیشیات
بالقاء سلاحھا الثقیل، أو لأنھا حولت وجود الاتفاق إلى رھینة لمطالبتھا بتأسیس منطقة آمنة في
شمال سوریة.
تركیا تصمم على أن ھذه المنطقة تشمل الاقالیم الكردیة، وأن یكون عمقھا 25 – 30 كم وطولھا
40 كم، وأن تكون تحت سیطرتھا الحصریة. ھذا الطلب وقف حتى ھذا الاسبوع في مركز الخلاف
بین انقرة وواشنطن، التي تعارض طلب تركیا خوفا من أن یكون الأمر لا یتعلق بمنطقة آمنة، بل
احتلال تركي مباشر سیضر الاكراد في سوریة، حلفاء أمیركا في الحرب ضد ”داعش“. ولكن بعد
ثلاثة ایام مكتظة ومتوترة من المفاوضات بین ممثلي البنتاغون ووزارة الدفاع التركیة، توصل
الطرفان الى اتفاق على اقامة غرفة عملیات مشتركة تشرف على ادارة المنطقة الآمنة بصورة أن
”تستخدم كمعبر للسلام وتمكن آلاف اللاجئین الذین یمكثون في تركیا من العودة الى بلادھم“.
التصریحات العلنیة القصیرة لم تفسر كیف ومتى سیتم انشاء المنطقة الآمنة، وما ھو حجمھا وكیف
سیدار الاشراف المشترك. ولكن ھذا الاتفاق سیمنع في الوقت الحالي تركیا من شن ھجوم عسكري واسع في شمال سوریة. واشنطن التي حذرت تركیا بصورة فظة من ھجوم كھذا یمكنھا ربما الآن أن تقلص وجودھا في سوریة اذا اثبت الاتفاق بینھما نجاعتھ وضمن أمن الاكراد.
في نفس الوقت، في القیادة الكردیة التي تخاف من أن التفاھمات بین تركیا وامیركا ستمنح تركیا یدا
حرة في محافظاتھم، یجري صراع قوى بین حزب الاتحاد الدیمقراطي والذراع العسكري فیھ وبین
المجلس الوطني الكردي، حول مسألة تمثیل الاكراد السوریین في العملیة السیاسیة. المجلس
الكردي الوطني، المدعوم من تركیا، والذي یستعین بقیادة الاقلیم الكردي في العراق، ھو عضو في
تحالف قوات المعارضة السوریة ضد بشار الاسد، وبصفتھ ھذه فھو مدعو للمشاركة في محادثات
السلام.
حزب الاتحاد وذراعھ العسكري (لجنة الدفاع الشعبي، التي تعتبر من قبل تركیا منظمة ارھابیة
متفرعة عن حزب العمال الكردي)، تركیا تعارض اشراكھ في أي عملیة سیاسیة وترى في دعم
الولایات المتحدة لھذه القوات دعما للارھاب. حزب الاتحاد لا یسعى الى اقامة دولة كردیة مستقلة،
وھو یؤید التعاون مع نظام الاسد ویأمل بھذا أن یحقق مكانة حكم ذاتي كجزء من الحل السیاسي.
في الاسابیع الاخیرة استقال عدة اعضاء من المجلس الوطني الكردي وانضموا لحزب الاتحاد.
وبھذا عزز مكانتھ السیاسیة وقوة مساومتھ للاعتراف بتمثیلھ.
ولكن الاتفاق الذي تم التوصل الیھ بین امیركا وتركیا، اذا خرج الى حیز التنفیذ، یمكن أن یكون لھ
تأثیر مھم لیس فقط على علاقة القوى السیاسیة في القطاع الكردي، بل ایضا على مكانة محافظة
ادلب. حیث أنھ لتركیا لن تبقى ذریعة لتأخیر تنفیذ نصیبھا في الاتفاق الذي وقعت علیھ مع روسیا،
وجعل الملیشیات تسلم سلاحھا الثقیل والمتوسط. لا توجد ضرورة لحبس الانفاس، لأنھ عندما ستبدأ تركیا في اجراء مفاوضات مع ھذه الملیشیات لن یكون ھذا عملیة سریعة وسھلة. بین قوات
المتمردین في ادلب تسود خلافات عمیقة حول حیازة السلاح واستمرار محاربة نظام الاسد
والضمانات التي ستمنح لضمان رجالھم بعد تسلیم السلاح. ولكن حتى اذا حدثت معجزة ونجحت
تركیا في ھذه المھمة، فان روسیا وسوریة ستقفان أمام معضلة شدیدة وھي أنھ سیكون علیھما تحدید موقف بالنسبة لمكانة تركیا كقوة محتلة في سوریة. ولكن ھذا موضوع آخر.