الدستور
يذكر الجميع أن أحد أهم النجاحات في إدارة «أزمة جائحة كورونا» منذ بداياتها في الاردن كان «المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات» والذي ظهرت أهميته في توحيد القرارات وتنسيق الجهود، وأكد للجميع النظرة الثاقبة لجلالة الملك عبد الله الثاني يوم أمر بانشاء هذا المركز الذي لم يعرف كثيرون أهميته الا في جائحة كورونا، فكان مكسبا وطنيا وايجابية كبيرة في ظل هذه الأزمة المليئة بالسلبيات.
من تحت سقف هذا المركز كنّا جميعا نتسمّر أمام شاشات التلفزيون لنتابع القرار تلو الآخر، والمستجدات،والتوجيهات، والمؤتمرات الصحفية، ابان مرحلة «الحظر الشامل»، الى درجة أن هذا المركز كان سببا مباشرا باستعادة ثقة المواطنين بالحكومة وقراراتها آنذاك - رغم وقوع أخطاء - تجاوزها المواطنون اقتناعا منهم بأن القرارات - وان كانت اجتهادا - في مواجهة جائحة غير مسبوقة على مستوى العالم، الا أنها كانت تخرج بجهد جماعي منظم ومنسق، زاد من الثقة فيه وجود القوات المسلحة والامن العام بتنسيق منقطع النظير في ادارة الازمة داخل المركز، وعلى الميدان في الشارع، مما زاد من اطمئنان المواطنين والمقيمين وثقتهم بكل ما يتّخذ من قرارات.
جلالة الملك أشار - بل ثمّن - خلال زيارته مجلس الوزراء حزيران الماضي «التعاون والتنسيق بين الحكومة والمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والعمل بروح الفريق الواحد من دون أي حواجز خلال أزمة كورونا».. فما الذي حدث؟؟
في أواخر عهد الحكومة السابقة، بدأت القرارات تتشتت رويدا رويدا، وبدأ التزاحم على التصريحات يكثر - ربما لان الجائحة خلقت من خلال الاعلام نجوما يعدون على رؤوس أصابع اليد الواحدة شجعت آخرين على اقتحام المنابر الاعلامية عبر وسائلها المختلفة - واستمر الامر مع بدايات الحكومة الجديدة،
لا بل زاد كثيرا الى درجة أفقدت تركيز المواطن بكمّ التصريحات واختلاف مصادرها وتناقضها ( حتى من نفس الجهة أحيانا، وفي نفس اليوم !) وأدت بصورة أو بأخرى لتراجع ثقة المواطنين بما يسمعون من تصريحات.
من هنا كان لا بد من العودة الى أصول العمل في مثل هذه الازمة التي لا تحتمل التشتت ولا كثيرا من الاخطاء، ليعود جلالة الملك يوم أمس وخلال ترؤسه اجتماعا لمجلس السياسات بحضور سمو ولي العهد، ويوجه الحكومة الى ضرورة أن يكون «المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات» المرجعية لإدارة أزمة كورونا... ويؤكد برسالة أخرى على أرض الواقع، ومن خلال زيارة سامية لمديرية الامن العام على «أهمية دمج الأجهزة الأمنية في رفع كفاءة التنسيق والتكاملية بين مختلف المرتبات، والمساهمة في الاستخدام الأمثل للقوى البشرية وتخفيض النفقات».
تجربة دمج الاجهزة الامنية نجحت أيّما نجاح رغم كل التحديات، في حين تجربة دمج وزارات أو مؤسسات حكومية تتقدم خطوة لتعود للخلف أكثر من خطوتين.. وتجربة التنسيق الامني بين الاجهزة الامنية والقوات المسلحة الاردنية الجيش العربي خلال ازمة كورونا وبعدها موضع تقدير قائد الوطن وافتخار المواطنين.. في حين ما عدنا نلمس مثل هذا التنسيق الموحّد في ادارة أزمة كورونا تحديدا بين أجهزة الدولة المعنية من وزارات ومؤسسات..فأين الخلل؟
لذلك يجب العودة الى مربع النجاح الاول في مواجهة جائحة كورونا وهي: ضرورة أن يكون «المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات» المرجعية لإدارة أزمة كورونا.