للضغط على حماس.. زيارة بلينكن للمنطقة بلا حلول ولا جدوى للمفاوضات
الغد- نادية سعد الدين
تخلو زيارة وزير الخارجية الأميركي، "أنتوني بلينكن"، الحالية للمنطقة من أي حلول جدية للعقبات التي تواجه مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، باستثناء ممارسة الضغوط على حركة "حماس" مقابل الانحياز للاحتلال.
ولم تقدم الإدارة الأميركية رؤية واضحة لكيفية تذليل العراقيل أمام المفاوضات، أو أي التزام أو تأكيد بانسحاب قوات الاحتلال من محور "فيلادلفيا" (صلاح الدين) في قطاع غزة، وهو الأمر الذي يرفض رئيس حكومة الاحتلال، "بنيامين نتنياهو"، تنفيذه، بإصراره على بقاء جيش الاحتلال وعدم مغادرته كلياً.
وعلى خلفية زيارة "بلينكن" إلى القاهرة؛ فقد جددت كل من مصر و"حماس" تأكيد رفض بقاء جيش الاحتلال في محور "فيلادلفيا" (صلاح الدين) والمطالبة بانسحابه بالكامل، وهو موقف يمثل المقاومة الفلسطينية الذي يصر على وقف عدوان الاحتلال ضد غزة وانسحابه بالكامل من القطاع، وضمان عودة النازحين الفلسطينيين.
وعلى وقع ذلك الحراك؛ أكد نصف أعضاء الائتلاف اليميني الحاكم في الكيان المُحتل مطالبته باحتلال شمال قطاع غزة، بما ينسجم مع ما يسمى "خطة الجنرالات" التي طرحتها حكومة الاحتلال مؤخراً وتدفع باتجاه ضمّ شمال غزة للكيان المُحتل، بما يشمل تهجير سكانه الفلسطينيين.
ووجه 27 عضو "كنيست" من الائتلاف، بينهم وزراء، رسالة إلى "نتنياهو"، طلبوا فيها عقد مجلس الحرب "الكابنيت" لبحث مسألة إخلاء شمال قطاع غزة من سكانه وسبل توزيع المساعدات الإنسانية.
وبدأ الأسبوع الماضي عضو "الكنيست"، المتطرف "أفيخاي بوفارون"، من حزب الليكود، في التوقيع مع أعضاء "الكنيست" على ما يسمى "خطة الجنرالات" تتضمن حصارًا كاملاً على شمال قطاع غزة.
وجاء في الرسالة: على الرغم من الإنجازات، إلا أن الاحتلال لم يصل بعد إلى خط النهاية في أي من الأهداف التي حددها مجلس الحرب، والمتمثلة في تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحركة "حماس"، وعودة الأسرى، وإنشاء وضع لا يوجد فيه أي تهديد من قطاع غزة للكيان المُحتل، وفق ما ورد في مزاعمهم.
واعتبروا، في رسالتهم، أن قرار مجلس الوزراء الصهيوني الأخير بشأن التواجد الدائم لجنود الاحتلال في محور "فيلادلفيا" يتطلب تكملة إستراتيجية بعمل آخر، وذلك من خلال السيطرة على المساعدات الإنسانية التي توزعها "حماس" اليوم ومنعها من السيطرة الكاملة، بحسب قولهم.
وأشاروا إلى أن الخطة قابلة للتطبيق وفق قواعد القانون الدولي، ولها جدوى عملية لتعزيز تحقيق أهداف حرب الاحتلال ضد قطاع غزة.
وفي الأثناء؛ يواصل الاحتلال عدوانه الهمجي ضد قطاع غزة، وذلك بارتكاب مجزرتين بحق العائلات الفلسطينية، مما أدى لارتقاء عشرات الشهداء والجرحى، وصل منها إلى المستشفيات 20 شهيداً، و54 مصابا، خلال الساعات الـ24 الماضية، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وأفادت "الصحة الفلسطينية"، في تصريح لها أمس، بارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى 41,272، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وأضافت أن "حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 95,551 جريحاً فلسطينياً منذ بدء العدوان، في حين ما يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
ولم تسلم جثث الشهداء الفلسطينيين من جرائم الاحتلال؛ إذ أكد "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" أن الاحتلال يجرف باستمرار المقابر الرسمية والمقابر الجماعية العشوائية، ويشوه جثامين الشهداء، ويسلب عددا منها، الأمر الذي يعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
ووثق "المرصد"، في تقرير له أمس، مواقع وتواريخ إنشاء نحو 30 مقبرة جماعية عشوائية تضم أكثر من 3 آلاف شهيد في محافظات غزة الشمالية والوسطى والجنوبية.
وأشار إلى أن "هناك أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية دُفن فيها ثلاثة أفراد فأكثر، استحدثت في قطاع غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث اضطرت العائلات لإنشائها بسبب صعوبة الوصول للمقابر الرئيسة نتيجة القصف المستمر واستهداف الأفراد، بالإضافة إلى تقسيم القطاع وفرض الحصار وتدمير البنية التحتية، وشح الوقود ووسائل النقل.
وأوضح بأن معظم المقابر العشوائية تبقى غير موثقة، حيث يوجد العديد منها داخل المنازل والأماكن الخاصة، ويجري نقل بعضها إلى مواقع مختلفة بين الحين والآخر، كما أن بعضها، طبقاً لتوثيقه، تضم جثامين لأفراد ما يزالون مجهولي الهوية، رغم دفنهم منذ أشهر خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على غزة.
وتحرم الهجمات العسكرية المستمرة، إلى جانب الاستهداف المباشر عن طريق القصف أو القنص العائلات الفلسطينية من الوصول إلى المقابر الرئيسة لدفن أبنائها بشكلٍ لائق، كما تجعل عملية حصر وتسجيل وتحديد هويات الضحايا شبه مستحيلة.
وكانت فرق "الأورومتوسطي"، قد وثقت منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة، اعتداء جيش الاحتلال على عشرات المقابر، من خلال تعمد قصفها ونبش وتخريب القبور فيها، وسرقة عشرات الشهداء.
وشدد "الأورومتوسطي" على أن ما يقوم به الاحتلال يعد انتهاكًا خطيرًا لأحكام القانون الدولي الإنساني الذي يكفل احترام كرامة الموتى ومعاملة الشهداء بطريقة لائقة.
ودعا المرصد، المجتمع الدولي للتحرك لإلزام الاحتلال بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام الجثامين وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، وضرورة اتخاذ الإجراءات الممكنة لمنع سلب الموتى كرامتهم وتشويه جثامينهم وتأمين الدفن اللائق لهم.
من جانبه، دان المجلس الوطني الفلسطيني، قصف الاحتلال مدرسة "ابن الهيثم" في حي الشجاعية، شرق غزة، والتي تؤوي نازحين أجبروا على ترك منازلهم بعد تدميرها.
وأشار المجلس الوطني، في تصريح له أمس، إلى أن تعامل دول العالم مع الاحتلال وكأنه فوق القانون، هو السبب الرئيس وراء استمرار انتهاكاته وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن الصمت الدولي يشجع الاحتلال على مواصلة سياساته الإجرامية والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووقف حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، والعمل على حماية الشعب الفلسطيني من الإبادة والتطهير العرقي.