عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Mar-2021

عن وزير الإعلام واختصاصه*بلال حسن التل

 الراي

أكثر ما يهدد المجتمعات أن يسودها الجهل, ويرتفع صوته فوق صوت العقل, وهو خطر صار ماثلاً للعيان في مجتمعنا, والأدلة عليه كثيرة, منها على سبيل المثال اعتراض البعض على تولي بعض الذوات لوزارة لا تتوافق مع اختصاصهم العلمي, وهو اعتراض يقوم على الجهل بأبسط أبجديات العمل السياسي, ومن هذه الأبجديات أن الوزارة منصب سياسي, لا علاقة له بالاختصاص العلمي للوزير, ولذلك نرى في كثير من دول العالم مدنياً يتولى وزارة الدفاع على سبيل المثال, وقد كان الحال كذلك في بلدنا, فكثير من السياسيين الأردنيين كانوا يشغلون مواقع وزارية لم ?كن لها علاقة باختصاصهم العلمي. وكثيرة هي الوزارات التي سنقع في «حيص بيص» إذا أردنا أن نطبق عليها معايير التخصص العلمي, فما هو الاختصاص الذي يجب أن يحمله وزير الخارجية مثلاً وكذلك وزير الداخلية أو وزير الثقافة....الخ.
 
مما يدفعني للكتابة في هذا الموضوع, اعتراض البعض على أن يتولى وزارة الإعلام مهندساً معمارياً, وقد فات هؤلاء أن أنجح وزراء الإعلام في الأردن لم يكونوا خريجي كليات صحافة وإعلام, فقد كان الدكتور مروان المعشر مهندساً كهربائياً, كما تولى الموقع سابقاً مهندس معماري هو الدكتور طالب الرفاعي, وهذه حالة غير مقتصرة على الأردن.
 
كما فات هؤلاء أن الإعلام ليس دراسة, ولكنه ثقافة ورؤية سياسية تصقلهما عوامل كثيرة أقلها التخصص العلمي, ولا أريد الإطالة في هذه النقطة حتى لا أحرج أحداً, ممن اعترضوا على اختصاص وزير الاعلام صخر دودين وهو الذي يستند إلى مخزون ثقافي كبير تنعكس في لغته وفي قدرته على التعبير, وهو قبل ذلك صاحب سيرة بالعمل العام, وصاحب إرث سياسي لم يكتف به, بل بنى عليه, وهذه واحدة تسجل له, مقابل تخلي الكثيرين عن موروثهم السياسي, بل وإساءتهم إليه.
 
ما أريد ان أقوله في هذه النقطة: إن الاعتراض كان يجب ان ينصب على عدم تولي سياسيين محترفين وأصحاب خبرة للمناصب الوزارية, فهذا خلل نمارسه في بلدنا منذ سنوات, مما افقد الحكومات المتعاقبة الكثير من وهجها, وحول المنصب الوزاري في الكثير من الاحيان إلى مجرد وظيفة متقدمة, سامها في كثير من الاحيان من لا يستحقها, وهذه واحدة من ثمرات إضعاف الحياة السياسية في بلدنا, التي علينا أن نكافح من أجل أن تستعيد عافيتها, لأن في ذلك تقوية للدولة وأجهزتها المختلفة, التي صارت مثقلة بالموظفين, فقيرة للقيادات السياسية والإدارية صاحب ?لرؤية والتجربة.
 
ليس الحكم على توزير البعض على أساس عدم الاختصاص هو الحالة الوحيدة, على سيادة الجهل وارتفاع صوته في مجتمعنا, فالحالات أكثر من أن تحصى, منها أنه مازال بين ظهرانينا من يزعم أن كورونا مؤامرة, وبعض هؤلاء يحاجج أحذق الاطباء من أهل الاختصاص, الذين من حقهم أن يفعلوا كما فعل ابو حنيفة, عندما مد قدمه في مواجهة الجاهل, ومن حقنا أن نخاف على بلدنا من استشراء الجهل, رغم كثرة الشهادات, فبعض أصحابها ممن يصدق به قوله تعالى «كمثل الحمار يحمل اسفاراً».