عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Mar-2020

تداعيات الفيروس على الأمن القومي الإسرائيلي - علي ابو حبلة

 

الدستور - انتشار فيروس «كورونا» بات يعكس تداعيات على الأمن القومي الإسرائيلي، ويشل المؤسسات في إسرائيل ويضرب عصب الاقتصاد ويعطل خطط الجيش. 
 
ففي منطق الاستخبارات، أتى هذا المستجدّ من خارج نطاق التقديرات والسيناريوهات التي وضعتها الأجهزة الاستخبارية كافة في إسرائيل وخارجها بحسب التقييمات للسنة الجارية ، والتي كانت حسب التقديرات باحتمالات تصعيد متدحرج على خلفية التطورات الإقليمية. 
 
إلا أن انتشار «كورونا» عالمياً ألقى بظلاله على المعادلات الدولية و الإقليمية بحسب التقديرات الاستخبارية، بين السيّئ والأشد خطورة.
 
 تتعدّد الأبواب التي يؤثر من خلالها انتشار «كورونا» على الأمن القومي الإسرائيلي. والمحدِّد الأكثر حضوراً لدى جهات التقدير والقرار، يتمثل بمدى انتشاره وتأثيره على حياة الأفراد، إضافة إلى العامل الاقتصادي الذي يُتوقع أن تتوالى تداعياته كلما طال أمد الأزمة، وصولاً إلى خيارات حكومة الاحتلال ومخططات لبناء القوة والمناعة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي. 
 
وقد بات واضحاً في تل ابيب أن الاقتصاد العالمي والإسرائيلي سيدخل في ركود عميق، ما سيؤدي إلى تراجع حادّ في الناتج المحلي والعالمي. نتيجة ذلك، لم يعد الحديث عن الآثار الكارثية لانتشار الفيروس على الاقتصاد الإسرائيلي مجرد تقديرات مُرجحة، بل حقائق يسلم بها الخبراء الاقتصاديون، وإن كانت تقديراتهم تتفاوت بحسب سوء السيناريو الذي ينطلقون منه لجهة انتشار كورونا والمدى الزمني الذي سيستغرقه. على المستوى الداخلي، وبفعل التضارب في تحديد الأولويات، تشهد الساحة الإسرائيلية تجاذباً بين منطقين: أحدهما يدعو إلى إغلاق فعلي للمرافق الاقتصادية والإعلان عن حال طوارئ، انسجاماً مع توصية وزارة الصحة، بهدف الحدّ من اتساع نطاق انتشار الفيروس. 
 
وفي المقابل، تعارض جهات اقتصادية وفي وزارة المالية هذا الإجراء، وتدعو إلى فرض إغلاق على مناطق مُحدَّدة موبوءة، وتدعو إلى درس إمكانية اتباع النموذج البريطاني باكتساب «المناعة الجماعية» عبر «السماح» للوباء بالانتشار مع الاكتفاء بحماية المسنّين والمرضى المزمنين. 
 
ويُبرِّر هؤلاء موقفهم بأن اتباع توصيات وزارة الصحة تترتب عليه تكاليف اقتصادية هائلة، ولن يتمكن الاقتصاد من تكبّد تكاليف الإغلاق إلا لشهر أو شهر ونصف شهر، وسيؤدي ذلك إلى تراجع الناتج المحلي إلى أكثر من 4 %، وارتفاع نسبة الدين من الناتج إلى حوالي 70 %. وكلما طالت المدة ارتفعت نسبة الدين. 
 
وفي حال لم يتم القضاء على الوباء خلال هذه الفترة، لن تتمكن الدولة من مواجهة الوباء سوى باللجوء إلى وسائل أخرى، لأنها لن تكون قادرة على تحمل الكلفة الاقتصادية البالغة. حذرت مؤسسة التامين الوطني في إسرائيل أن إيقاف قطاعات كاملة من العمل سيؤي إلى شل المرافق الاقتصادية وخروج مئات الآلاف من دائرة العمل ، ما يكلف الدولة 2,5 مليار شيكل في شهر نيسان ، ونتيجة انخفاض صرف الليرة الإسرائيلية على الدولار ، بادر البنك المركزي الإسرائيلي إلى قرار دراماتيكي لم يسبق أن أقدم عليه في تاريخه، وهو ضخّ أموال توفر سيولة بالعملة الأجنبية، بقيمة 1,5 مليار دولار. 
 
وتشير مصادر اقتصادية في تل أبيب إلى أن تعطيل المرافق الاقتصادية لعدة أشهر، من دون نهاية معروفة مسبقاً، سيقود إلى سيناريوهات حرب يوم الغفران (1973)، عندما تراجع النمو خلال سنتين من 12 % سنوياً إلى 1.5 %، وستنتج عن ذلك خسارة هائلة سيكون من الصعب على الاقتصاد التعافي منها. هذا التهديد الاقتصادي يُفاقم التحديات الأمنية أمام جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية. وما يضفي مزيداً من الخصوصية على انتشار «كورونا»، بالنسبة إلى إسرائيل، أنه أتى في ظل أزمة سياسية مفتوحة، وتحذير خبراء ومؤسسات من تراجع نسب النمو (بسبب انتشار الوباء) والتوجّس من أثر ذلك على العجز السنوي، إضافة إلى تعدد التهديدات الأمنية. 
 
وقد بات الخبراء يجزمون بأنه في أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، فإن أولوية الصحة والاقتصاد ستجعل من الصعب جداً تنفيذ «خطة الجيش المتعددة السنوات لبناء القوة» (زخم).
 
 ويُجمع الخبراء على أن خطة «زخم» باتت تواجه عراقيل خطيرة. فقبل أزمة «كورونا»، تأخر انطلاق تنفيذ الخطة بسبب ثلاث جولات انتخابية، وبسبب العجز الكبير (20 مليار شيكل) في ميزانية الدولة. واغلب الترجيحات تشير بدخول الاقتصاد الإسرائيلي مرحلة الركود.