عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-May-2019

التربیة الرقمیة ضرورة في عالم تتسارع فیھ خیارات الذكاء

 

أخر الاسبوع
التربية الرقمية ضرورة في عالم تتسارع فيه خيارات الذكاء
تامر الملاح
باحث ومطور في مجال تكنولوجيا
التعليم والتربية، ومهتم بمشكلات التعليم
الراي - تتسارع التكنولوجيا من حيث التقدم والتطور يوماً بعد يوم، فتصبح التقنيات أكثر ذكاء، والأجهزة أكثر تطورا، لتتجول في حياتنا بكامل الحرية والتحرر، لدرجة أصبحنا معها أسرى في سجون التكنولوجيا المتطورة، وأصبحنا نتحرك وفقاً لما تُمليه علينا تلك الرقميات، بل ونُدير حياتنا وفقاً لما تُنتجه لنا، خصوصا أنها يسرت علينا الكثير من الأعمال الشاقة، ووفرت علينا الكثير من الجهد والوقت، وتلك من أهم إيجابيات التكنولوجيا.
لكن، وبموازاة مع هذا التطور ومخرجاته التأملية العلمية، واستنتاجاته حول المستقبل الذي ستغزو فيه التكنولوجيا الكوكب بأكمله، لابد أن نستحضر عملية التربية الرقمية، والتي قد يسميها البعض بالـ "المواطنة الرقمية". لكن بما أننا نخوض في العلوم التربوية فمن الأفضل أن نسميها التربية الرقمية، فقبل أن نتعرف على التكنولوجيات والرقميات، لابد أن نتعرف على قيمها ومبادئها من حيث التعامل معها واستخدامها ودورها في حياتنا. فعندما يغيب القانون عن أي مؤسسة أو مجتمع سرعان ما يفسد ويضمحل ليسود الظلم والتجاوزات، ولذلك عندما تغيب التربية الرقمية عن المجتمع الرقمي لا شك أن العشوائية والتجاوزات والتدخلات السيئة هي التي ستسود، بل قد يصل الأمر إلى الإدمان الإلكتروني، مما يجعل الفرد يتأثر بالسلب تجاه الأعمال اليومية والاجتماعية والعملية في حياته، وهذا ما نرفضه ونسعى لمحاربته.
تعتبر التربية الرقمية بمثابة القانون المُنظم للعمل في العالم الرقمي، والتي مع هذا التطور الهائل في عالم التكنولوجيا أصبحت ضرورة لا غنى عنها أبداً، وفي حالة إهمالها سيختلط الزيت بالماء، وسنندم كثيراً لحدوث العديد من التجاوزات أقلها الجرائم الإلكترونية، فالوقاية دائماً خير من العلاج، ووجود قانون رقمي يُنظم
التعاملات التكنولوجية ويضمن احترام الحريات، ويسمح باستخدام التكنولوجيا بما لا يؤثر على حياتنا الطبيعية لهو الأمر الأكثر أهمية في السنوات القادمة.
علينا الشروع في إعداد قانون رقمي يناسب بيئتنا العربية والإسلامية، وقواعد أخلاقية للتعاملات الرقمية، ونضع معايير قيمية لاستخدام وتوظيف التكنولوجيا في مؤسساتنا التعليمية، بل ولابد أن تكون ضمن أهم معايير الاعتماد والجودة لتلك المؤسسات التعليمية.
التربية الرقمية ماذا تعني؟
هي مجموعة من العادات والتقاليد والقيم والمهارات والأعراف والمعارف وقواعد السلوك المتعلقة باستخدام والتعامل مع التكنولوجيات والرقميات الافتراضية المختلفة، وكذا الأفراد، مما يجعلها أداة جيدة لإنجاز المهمات والأنشطة التي يمارسها الإنسان على الجانب العملي والعلمي والاجتماعي، فهي حجر الأساس للمجتمع الرقمي المعاصر. (تامر الملاح، 2016.( التربية الرقمية في العالم الرقمي توازي التربية الاجتماعية في العالم الحقيقي، فلكل مجتمع أعرافه وقيمه، وبما أن المجتمع القادم هو مجتمع المعرفة والرقميات، لذا فإن له قيماً وعادات وتقاليد.
التربية الرقمية تنظم العمل أن تعرف حدودك في العمل هو مفتاح إنجاز المهام، فالتجاوز في استخدام التكنولوجيا أمر مضر صحيا ونفسيا واجتماعيا وعمليا، لذا فإن المتوخى من التربية الرقمية أن تنمي لدى الإنسان قيماً إلكترونية من شأنها أن تجعله يُنظم ويضع قواعد لاستخدام التكنولوجيا في حياته عامة، الشيء الذي يجعله يستفيد منها الاستفادة القصوى.
أهمية التربية الرقمية
تنبع أهمية التربية الرقمية من التحدي التكنولوجي والتقني الذي نعيشه اليوم، ومدى ارتباط ذلك مع الفروق التربوية والثقافية بين المجتمعات المنتجة للتكنولوجيا والمجتمعات المستخدمة والمستهلكة لها، فليس كل ما لدى الغرب يناسبنا .
ضبط عملية الانفتاح الثقافي التي توفرها التكنولوجيا، فمن الضروري أن تكون لدينا مصفاة تقوم بتنقية ما نتعلمه من قيم مختلفة من الثقافات والحضارات الأخرى.
وضع ميثاق أخلاقي للتعامل مع الأفراد من مختلف الجنسيات والدول، ينبع من أخلاقياتنا المحلية.
تعليمياً: تمكن المؤسسات التعليمية من توظيف التكنولوجيا بطريقة حكيمة تجعلها تحصل على الاستفادة القصوى مما هو متاح لديها.
اجتماعيا: تجعل التكنولوجيات أدوات مساعدة على الحياة، وليست هي كل الحياة.
عملياً: تجعل الموظف قادرا على أداء مهام عمله بكفاءة عالية بتوظيف التكنولوجيا في نطاق عمله بطريقة تساعده على الارتقاء بمؤسسته.
جوانب التربية الرقمية
الجانب المعرفي: والذي يشتمل على كافة البيانات والمعلومات والمعارف المتعلقة بالتكنولوجيا والرقميات، وهذا الجانب متوفر في بيئتنا العربية، بقي فقط وضع ميثاق أخلاقي معرفي للتربية الرقمية.
الجانب المهاري: ويشتمل على المهارات التكنولوجية التي يتمتع بها الأفراد، والتي يستطيعون من خلالها تنفيذ أعمالهم من خلال التكنولوجيا، ويكمن دورنا في هذا الجانب في تعليم النشء المهارات التي تساعدهم على التعايش في عالم تغزوه التكنولوجيا.
الجانب السلوكي: ويتضمن الأخلاقيات والقيم التي تُمليها علينا ثقافتنا العربية والتي يجب علينا أن نحولها إلى تطبيقات عملية عند التعامل مع الرقميات، ويكمن دورنا في هذا الجانب في ضبط سلوكيات الأبناء والتلاميذ من خلال ما ينص عليه ميثاق الأخلاقيات الرقمية.
التكنولوجيا تُربي الأجيال
يتواصل أبناؤنا وتلاميذنا اليوم مع التكنولوجيا أكثر من تواصلهم مع الأسرة والأهل والمعلمين، لدرجة أصبحت معها تأثير التكنولوجيا عليهم أكبر من التأثيرات الاجتماعية، حيث نشأ الجيل الحالي في عالم تتسارع فيه التكنولوجيات، أصبح معه فريسة لهذا التسارع الهائل، وبالتالي فإن المُتوخى من التربية الرقمية أن تقوم بوضع ضوابط تجعل تلك الأجيال تستخدم التكنولوجيا في النطاق الذي لا يؤثر على حياتهم الواقعية، لأننا إذا تركنا الأمر على مصراعيه سنجد أنفسنا وأبناءنا، بعد سنوات، نسبح في عالم من الرقميات بعيدا عن الواقع، وهذا الأمر غير مقبول على الإطلاق.