هديل غبون
عمّان– الغد- تعكف مراكز حقوق إنسان ونشطاء حقوقيون، منذ إعلان العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 يوم السابع عشر من آذار (مارس) الحالي، على بث رسائل توعوية وإرشادية بمضامين القانون وتطبيقاته العملية للمواطنين، وسط تطمينات بأن العمل بالقانون لا يؤثر سلبا على مؤشرات حالة حقوق الانسان في البلاد لجهة التراجع، بل من شأنه أن يعززها استنادا إلى مسببات العمل به.
ويرى خبراء في حديثهم ل”الغد”، أن التجاوزات التي ارتكبها مواطنون بخرق حظر التجوال وتعرضهم للاحتجاز بموجب أمر الدفاع رقم 2 لسنة 2020، وما سبقها بعض التجاوزات حيال حزمة القرارات الحكومية للتصدي لفيروس الكورونا، مردها إلى غياب الوعي الكافي لدى المواطنين بمحاذير تلك الخروقات وتداعياتها وبعض التفسيرات الخاطئة التي يتم تداولها، فيما أكدوا أيضا أن قانون الدفاع بالمقابل نص على ضمانات أساسية مدنية وإدارية لحماية حقوق المواطن، في حال وقوع “تعسف” بحق المواطنين خلال فترة العمل بالقانون.
واشتملت التوجيهات الملكية التي تم بموجبها تفعيل قانون الدفاع، على ضرورة حماية الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين بالأساس، وتفعيله في أضيق حدود ممكنة.
المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبدالعزيز، التي أطلق مركزها حملة الكترونية لشرح قانون الدفاع، قالت، إن الحملة تهدف إلى توعية الأردنيين بعواقب خرق قانون الدفاع وتشجيعهم على الالتزام به، للتخفيف من حالات العقوبة وقرارات الحبس والتوقيف، خاصة وأن التقييد للحريات جاء في أضيق حدوده ولحماية حقوق أخرى كحق الصحة.
وبينت عبد العزيز، أن قانون الدفاع لا يعني بأي شكل من الأشكال التعسف اتجاه حريات وحقوق المواطنين أو الملكيات الخاصة، بل إن الإجراءات التي صدرت للان، حمت حق التعليم للجميع وحق الصحة والسلامة العامة دون استثناء، رغم أنه نص على الاحتجاز والحبس لمدة لا تقل تزيد على سنة في حال خرق حظر التجوال وتعليمات القرار.
وقالت عبدالعزيز، إن هناك قضيتين أساسيتين نص عليهما قانون الدفاع، في المادتين 8 و9، حيث منحت المادة 8 الحق لأي مواطن جرى توقيفه بموجب هذا القانون أو أي أمر دفاع بموجبه أو جرى وضع اليد على ماله الطعن لدى المحكمة الإدارية العليا، فيما منحت المادة 9 الحق بالمطالبة بالتعويض لكل من كلف بعمل أو أداء خدمة أو الاستيلاء على ماله أو نقله أو إتلافه ومحددات أخرى نصت عليها المادة.
وبالمجمل، تؤكد عبدالعزيز أن العديد من القضايا لا يعيها المواطنون في قانون الدفاع، يعتقد أنها ليست بحكم المخالفات، من بينها الخروج إلى الشارع سيرا على الأقدام، أو توصيل طبيب أو ممرضة ممن صدرت لهم استثناءات في التنقل إلى مكان خدمتهم وغير ذلك من القضايا البسيطة.
وشددت عبدالعزيز، على أن قانون الدفاع كقرار صدر استنادا إلى النص الدستوري، لا يعطّل القوانين النافذة إلا إذا صدر أمر دفاع محدد، مبينة أن هناك من يعتقد أن عمل إدارة حماية الأسرة قد توقف وأن العنف الاسري بات مباحا أو سوء المعاملة للموقوفين أو التعذيب أو أن حرية الرأي والتعبير لم تعد مصانة بموجب القوانين المعمول بها، وقالت: “هذا خطأ شائع.. الإرادة الملكية أكدت عدم المساس بالحقوق والحريات”.
وأشارت، إلى أن ممارسات فضلى طبقتها الجهات الرسمية في توظيف قانون الدفاع لصالح الحريات العامة، كالإفراج عن “موقوفي قضايا النشر والتعبير”، وأكدت أن ممارسات الدولة للان لم تظهر “تمييزا” في تطبيق أوامر الدفاع”، حيث إن إطلاق منصة للتعليم على سبيل المثال هو حماية لحق التعليم لكل الأردنيين دون تمييز.
من جهته، قال الخبير الدستوري، ليث نصراوين، إن صدور قوانين الدفاع في أي من بلدان العالم أو ما يوازي إعلان حالة الطوارىء لا تؤثر على مؤشرات حالة حقوق الانسان، بل تحميها ضمن الاسباب التي صدر قانون الدفاع من أجلها، وهو هنا مواجهة وباء الكورونا.
وبين نصراوين، أن تفسيرات خاطئة يتداولها البعض لتطبيقات قانون الدفاع، حيث إن العمل بالقانون كقانون استنادا إلى نص دستوري واضح “يسمح بتعطيل القوانين النافذة” كصلاحية ممنوحة لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، لكن القوانين السارية لا “تتعطّل تلقائيا” بمجرد صدور قانون الدفاع، إلا بصدور أمر دفاع واضح كما حصل في تعطيل قانون الضمان الاجتماعي.
كما لا يعطّل قانون الدفاع وفقا لنصراوين، المواثيق والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان أو مضامين العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، وقال، “إن فرض القيود على بعض الحريات لا يعني تقييدها على إطلاقها”.
ويذّكر نصراوين، أن الحديث عن جواز توقيف المواطنين وحبسهم “فورا” غير قانوني وغير دقيق، مؤكدا أن كل من تم القاء القبض عليه أو احتجازه لمخالفة أمر الدفاع 2 على سبيل المثال، لابد أن يخضع للإجراءات القانونية المعمول بها وعرضه على المدعي العام وفق ضمانات المحاكمة العادلة بطبيعة الحال.
ويمّيز الخبير الدستوري نصراوين بين حالة الطوارىء وبين الأحكام العرفية التي يعتقد بعض المواطنين أن قانون الدفاع يعني حالة أحكام عرفية، قائلا إن قانون الدفاع هو مرحلة تسبق بكثير مرحلة إعلان حالة الأحكام العرفية، بل وتختلف عنها تماما ولها متطلباتها، مشيرا إلى أنه “بحسب نص المادة 124 من الدستور، فقد سمحت بتفعيل قانون الدفاع كخط المواجهة الأول لحالات الكوارث والأوبئة فيما جاءت المادة 125 لتبيح إعلان حالة الاحكام العرفية التي ترتبط بالحاكم العسكري وليس برئيس الوزراء”، مشددا هنا على أن الفرق بينهما كبير جدا.
وبشأن الالتزامات الدولية، قال نصراوين، إنها نصت على ما يسمح للدول باتخاذ تدابير في الظروف الاستثنائية، منها قوانين الدفاع دون الاخلال بالحقوق الاساسية كحق التعليم والصحة وغيرها ولما يتوافق مع تلك الالتزامات.
أما بشأن ضمانات الطعن والتعويض استنادا لقانون الدفاع، أوضح نصراوين أن قانون الدفاع بحد ذاته ليس قرارا إداريا بل استنادا إلى نص دستوري بوصفه قرارا سياديا بحد ذاته غير قابل للطعن، فيما بيّن أن “أوامر الدفاع” الصادرة بموجبه هي قرارات إدارية قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية.
وقال، “هذا يعني أن تظلمّات المواطنين تبقى مسموعة”.