عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Feb-2020

مشاكل وخلافات الصغار تتسلل للكبار.. وتصل للقطيعة

 

مجد جابر
 
عمان–الغد-  لم تتوقع الثلاثينية ريما محمود يوما بأن ابنتها الصغيرة ومشاكلها ستكون سببا في حرمانها من زيارة بيت والديها، بعد أن قرر زوجها إقحام نفسه في خلافات الصغار ومشاجراتهم.
تذكر ريما حادثة خلاف الأطفال، بقولها “اعتاد صغار العائلة على اللعب مع بعضهم بعضا، وفي أحد الأيام نشب شجار بينهم، وبدأ كل منهم بضرب الآخر”، مبينة أن هذا الأمر يحدث عند اللقاءات ولدى جميع العائلات، ومن ثم يتصالحون، وبعد خمس دقائق يعاودون اللعب من جديد وكأن شيئا لم يكن.
وتوضح، الى أن ما حدث هذه المرة أن ابنتها قامت بالاتصال بوالدها، وهي تبكي، مما أفزعه وجعله يفقد أعصابه، ولم يكن منه سوى إطلاق يمين الطلاق إن عادت لزيارة عائلتها برفقة الأولاد.
فتقول ريما “بالرغم من أن اللوم على ابنتها، التي افتعلت المشكلة، وبادرت بالاتصال بوالدها، الا أن زوجها لم يفهم القصة على الإطلاق، ومنعها من الذهاب لزيارة عائلتها”، لافتة إلى أن الأصل ألا يتدخل الكبار بمشاكل الأطفال، كونها قصصا تحدث يومياً، وتنتهي في اللحظة نفسها.
في حين أن رانيا سليمان هي الأخرى كانت تعتقد طوال عمرها بأنها شخصية “عاقلة”، بحسب وصفها، ولا تقف عند الأمور الصغيرة، إلى أن وصل الأمر لابنتها، التي اضطرت بسببها لأن تقاطع أخاها لمدة خمسة أشهر، والسبب وراء ذلك، شعورها بالاستياء جراء ضرب ابن أخيها “متعمدا” ابنتها الصغيرة في كل لقاء يجتمع به أفراد العائلة.
وفي كل مرة تنتظر رانيا من أخيها أو زوجته ردة فعل جراء سلوكيات طفلهما العدوانية، لكن بدون جدوى، معتبرين أنهم صغار يمرحون ويختلفون في الوقت ذاته، إلا أنها مع الوقت أصبحت ابنتها تتأذى نفسياً من الأمر، وترفض التواجد في أي مكان يتواجد به ابن أخيها.
وفي إحدى المرات التقى جميع أفراد العائلة، وكالعادة قام ابن أخيها بضرب ابنتها، ما جعلها تفقد أعصابها وتنتابها نوبة من الغضب والصراخ لشدة زعلها على ابنتها، وتقوم بضرب الصغير، وتوبيخ والديه بصوت عال، ما خلق بين العائلتين خلافا كبيرا، تخاصما على إثره خمسة أشهر.
وحال الأم هند كذلك، فلديها عائلة كبيرة وممتدة، وعدد الأطفال فيها يفوق الكبار، مبينةً أنها في بداية الأمر كانت تتضايق عندما تحدث مشكلة بين الأطفال وتزعل على زعل ابنتها، الا أنها مع الوقت وجدت أن الأمر غير مجد، ولا يمكن أن تدمج خلافات الأطفال بالكبار.
وتضيف أنها بعد فترة اتخذت قرارا بعدم الاهتمام لأي مشكلة تنشب بين الصغار، حتى إن جاء إليها أحد أبنائها واشتكى، بل سترد عليه بأنهم إخوة ويجب أن ينهوا الخلاف وألا يؤذي أي منهم الآخر، وهذا ما لاحظته، بأن صغارها يعاودن اللعب من جديد بعد سلوكها هذا.
وحول ذلك، يقول الاختصاصي الأسري الاجتماعي مفيد سرحان “إن الإنسان بحاجة إلى العلاقة والتعامل مع الآخرين، وخصوصا الأرحام والأقارب. والتعامل يجب أن يقوم على أسس، منها الاحترام المتبادل ومشاركة الآخرين في المناسبات، وعدم التدخل في خصوصياتهم، والعمل على حل المشكلات بالحوار”.
ويضيف “البعض تتأثر علاقاته بتصرفات أبنائه، حتى وإن كانوا صغارا غير مدركين لتصرفاتهم، بل إن تصرفات الصغار هي التي تحكم علاقات الكبار وتوجهها. فإن كانت جيدة انعكس ذلك إيجابيا على الكبار، وإن كانت سلبية يشوب التوتر والمشكلات علاقات الكبار، بل ربما يصل الأمر لحد القطيعة، حتى لو كانوا إخوة أو أخوات”.
ويعلق “وهذا بسبب جهل الكبار، وليس تصرفات الصغار غير المدركين وغير المميزين. وهنا تكمن أهمية حسن التربية والتوجيه من قبل الأهل، وعدم تشجيع الأبناء على تصرفاتهم الخاطئة مع الآخرين سواء كانوا كبارا أم صغارا، والعمل على تطويق المشكلات أولا بأول”.
“وأن يدرك الكبار أن طبيعة علاقاتهم ستنعكس على سلوكيات أبنائهم”، وفق سرحان، “وأن صلة القرابة والجيرة والصداقة تتطلب إقامة علاقات حسنة مع الجميع، وعدم تربية الأبناء على الحقد والكراهية والقطيعة، بل المحبة والتسامح، فما يغرسه الآباء من سلوكيات في الصغر سيكون له أثر كبير في بناء شخصية الأبناء وعلاقاتهم مع الآخرين في المستقبل”.
ويلفت “وهنا تأتي أهمية عدم تشجيع الصغار على نقل الكلام والتجسس على الآخرين، حتى في حال وجود مشكلات بين الكبار، فإن علاقات الصغار يجب ألا تتأثر، حتى لا يورث لهم الحقد والكراهية والقطيعة، بدل تربيتهم على المحبة وصلة الرحم”.
ويضيف “ربما يكون للأمهات الدور الأكبر في كل ذلك بحكم القرب من الأبناء، والأم الواعية تعمل على تطويق الخلاف، وعدم نقله للزوج، وتجمع الأبناء وتوجههم”.