عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Feb-2019

عيون عليا...قرة العين - بلال حسن التل

الراي -  استوقفني قول المصور الخاص لجلالة المغفور له بإذن االله الملك حسين بن طلال طيب االله ثراه «زهراب» في حوار أجرته معه إحدى وسائل الإعلام عندما قال: إن صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا بنت الحسين سألته ذات يوم، عن لون عيون والدتها، جلالة المغفور لها بإذن االله الملكة علياء الحسين، التي اليوم ذكرى استشهادها طيب االله ثراها.

سؤال صاحبة السمو الملكي يحمل أبعادا ودلالات كثيرة، بعضها مؤلم إلى حد الوجع،يتمثل في أن يحرم طفل من أمه وهو بعد في أول مدارج طفولته، التي لا يستطيع معها أن يعرف عيون والدته، بكل ماتعنيه عيون الأم لأطفالها من حب وحنان ورعاية وحماية، فكيف إذا كانت الأم مثل علياء الحسين شابة في مقتبل العمر تضج حياة وحيوية وتفيض حناناً، قادها إلى التضحية بحياتها في سبيل الاستجابة لشكوى مواطنين جنوب الوطن كان يمكن أن يحل مشكلتهم مسؤول من الدولة، لكن حيوية الملكة الشهيدة وحنانها المتدفق دفعها إلى ركوب المخاطر، وعدم الاستجابة للتحذيرات من رداءة الطقس، فكان حنانها أقوى من الخوف، ومن ثم أقوى من الاستجابة للتحذيرات من الخطر، أو كأنما أراد لها االله أن تسلك درب الخالدين، الذين تكون ساعة موتهم جسدياً هي نفسها لحظة ولادتهم رمزاً خالداً في وجدان شعوبهم، كما هي حال علياء الحسين، التي صارت رمزاً للتضحية في وجدان الأردنيين, وهذه هي الدلالة الثانية لسؤال صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا، التي حُق لها أن تفخر بأنها من رحم سيدة عظيمة مضحية، كما أنها من صلب ملك عظيم، لتجمع سموها المجد من أطرافه.
سؤال صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا عن عيون والدتها رسم في خاطري خطا عن علاقة جلالة الملكة علياء بالعيون، ابتداءً من لون عيونها المائل إلى الأخضر، رمز العطاء الذي رسم حياتها وكلّلها بالشهادة، وصولاً إلى عيني جلالة المغفور له الحسين اللتين كانتا مغرورقتين بالدموع وهو ينعى جلالتها بقلب مفجوع بحبيبة القلب وقرة العين كما وصفها جلالته، حيث كشف استشهاد الملكة علياء عن أعظم جوانب إنسانية الملك الإنسان الحسين طيب االله ثراه، وقد لمس كل الذين كانوا يحيطون بجلالته في تلك المرحلة، كيف غرق جلالته بحزن عميق على مصابه بشريكة دربه وحبيبة قلبه وقرة عينه علياء، حتى أنه وهو الرجل الصلب المتدفق حيوية دخل في مرحلة اعتزال للحياة حزناً على جلالتها، وهي حالة وصفها دولة السيد مضر بدران في ذكرياته التي نشرتها جريدة الغد على حلقات، وكيف سعى هو وغيره من رجال الدولة لإخراج جلالته من حالة الحزن والعزلة التي أصابته، ليتمكن من تسيير أمور الدولة، وهي دلالة على أمرين متوازيين، أولهما أن النزعة الإنسانية عند جلالته أقوى من نزعة السلطة لديه، وأن المغفور لها كانت سيدة عظيمة امتلكت قلب رجل عظيم رحمهما االله.
إن كل من يقرأ سيرة ومسيرة الشهيدة الملكة علياء الحسين لا يستغرب هذا الحب الكبير لها في قلب الحسين، مثلما لا يستغرب هذه النهاية لجلالتها، فقد ولدت من رحم الأردنيين وعاشت معاناتهم على ضفتي النهر، لذلك لم يكن مستهجناً أن تهب للتحقيق في شكوى نفر منهم، وتحل معاناتهم حتى لو كلفها ذلك ركوب الخطر، وبهذه فإن جلالتها تشبه جلالته، فكلاهما عاشا بين الأردنيين ومعهم، وعاشا معاناتهم، هذه واحدة، أما الثانية فإن جلالتها وبحكم تنقلها مع أسرتها استجابة لمتطلبات عمل أبيها الدبلوماسي جمعت في شخصيتها بين الأصالة والمعاصرة، فهي ابنة أسرة عريقة تحافظ على الأصول، وهي امرأة عرفت ثقافات العالم التي ساهمت في تكوين شخصيتها، وهي بهذا أيضاً تشبه الحسين، مثلما كانت تشبهه بالحضور الأنيق أينما حلت، لذلك لم يكن مستغرباً أن يجمع بينهما هذا الحب الكبير، الذي جعل جلالته ينعاها دامع العين، لتظل دموعه رمزاً لإنسانيته وتخليداً لحبه علياء التي كان لها من اسمها نصيب فقد عاشت محلقة ولقيت وجه ربها محلقة، وصار اسمها مدخلاً لكل من يريد الدخول إلى وطنها محلقاً, فأول ما يسمعه الداخل إلى الأردن أهلا بكم في مطار الملكة علياء، التي نصلي الله في يوم شهادتها أن تكون محلقة في علياء ربها.
Bilal.tall@yahoo.com