الليلة هي الحلقة التي راح يدخل فيها ابن عجلان لعرب وضحى، فكل اهل الحوش يترقبون هذه الحلقة بفارغ من الصبر. فالنسوان غسلن وجَلِن وكنسن. والزلم روحوا من الحراثة بدري وعلّفوا الطرشات، وزربوا الغنم والفطايم، وبلّغوا ابو فلاح انه السهرة عنده الليلة، لأنه الوحيد الذي امتلك قبل فترة تلفزيون توشيبا واحد وعشرين بوصة اسود وابيض وبشتغل عالترانزستور وعلى بطارية السيارة.

يبدأ تجهيز التلفزيون بعد العصر لتكون الصورة واضحة وبدون نمش. يصعد مفلح الى السطح ويبدأ بتحريك الشبكة التي كانت تستلم اشارات تلفزيون سوريا وإسرائيل وعمان الأولى وعمان الثانية، وعلى الشباك يقف فلاح لاعبا دور وسيط تمرير التوجيهات بين ابو فلاح ومفلح. فيقول ابو فلاح: يمين شوي فينقل فلاح لمفلح يمين شوي، وعندما تأتي الصورة غير واضحة يقول: ارجع يسار شوي. فيقول فلاح: يسار اشوي. وعندما تصبح الصورة واضحة يقول ابو فلاح: ايوه هيك أبرنجي ثبت. فيقول فلاح لمفلح: إبرنجي ثبت. فيثبت مفلح الشبكة داخل البرميل بعدد من البلوكات، وينزل وهو ينفخ على يدية بسبب شدة البرد.

بعد نشرة اخبار الثامنة، يحضر كل اهل الحوش من رجال ونساء واطفال لمضافة ابو فلاح.

فيجلس الرجال بصدر المضافة، والنساء على الجوانب والأطفال يتبطحون بالوسط على الحصيرة، وعند بدء أشارة المسلسل يعطي ابو فلاح توجيهاته بأن يصمتوا وان لا يعملوا ازعاج. فحين يبدأ المسلسل ترمي الإبرة وتسمع صوتها بسبب الصمت السائد بالمضافة.

وعند اي لقطة مثيرة ترى الأحاسيس بدات تظهر على الوجوه والايدي، فوالدة ابو فلاح كانت اكثر المتفاعلات حيث عند كل مشهد محزن تُطرّز الدمعة من عينها، وأحيانا لا تتمالك نفسها فتقوم بالنحيب. وعند ظهور احد الممثلين الذين يتصفون بالشر تجد كل الحضور في حالة من الغضب، وابو عودة يقاطع الصمت فيقول: آآخ لو أني عندك واالله لأنتَعَك شبرية، فيرد ابو عيسى: واالله أنه يستاهل هالذايح دَبَسِة على إحليان ظهرة.

... نقاء القلوب وصفاؤها والرحمة كانت هي صفات اهل ذاك الزمن الجميل فتجد الرأفة والشفقة تسود بين كل الناس وهي قاعدة عامة بينما في هداالزمن أُنتزعت الرأفة والرحمة فصارت رؤية الدم والقتل امرا طبيعيا وعاديا!!..