عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2023

«أوسلو» في ثلاثينيته: كلاكيت «إسرائيلي» أخير؟*محمد خرّوب

 الراي

وحدهم في دولة العدو الصهيوني.. يمينهم واليسار, هم مَن يواظبون على «استحضار» اتفاق أوسلو في كل مناسبة, ما بالك هذه الأيام حيث يطوي هذا الاتفاق الأكثر ضرراً على المشروع الوطني الفلسطيني منذ عقود، يطوي عامه الثلاثين, دون أن يعود بأي فائدة تُذكر على الشعب الفلسطيني ونكبته المتواصلة فصولاً مأساوية, خاصة بعد 13 أيلول 1993 بما هو اليوم الذي تم التوقيع عليه في حديقة البيت الأبيض, بين «دولة إسرائيل» و«منظمة» التحرير الفلسطينية.
 
ما يلفت الانتباه أن أحداً من أصحاب أوسلو أو رهط المُدافعين عنه, لم يكلّف نفسه عناء الإضاءة على ما تمّ «إنجازه» من هذا الاتفاق منذ ثلاثين عاماً,عندما أيّده ودافع عنه.
 
 
 
في الجانب الصهيوني ما يزال النقاش مُحتدماً بين الذين رأوا فيه إنجازاً غير مسبوق لدولة الاحتلال, وثمة من لا يزال يرى فيه «فرصة» لإحلال ما سمّاه «السلام» مع الفلسطينيين، دون أن يُسمي الجهة الفلسطينية التي سيُقيم السلام معها، أهي منظمة التحرير أم السلطة الفلسطينية أم غيرهما, رغم أن هناك من «أصحاب أوسلو» مَن سيخرج علينا قائلاً إن السلطة هي من نتاج أوسلو, وبالتالي فإن مرجعيتها هي م.ت.ف.
 
نبدأ بما كتبه أحد مهندسي أوسلو ونقصد يوسي بيلين, الذي عقد لقاءات مُتعددة (بعد أوسلو وقبله) مع ممثلين فلسطينيين, بعضهم في إطار م.ت.ف وغيرهم من خارجها ووقّع اتفاقات مع شخصيات معينة سُميت بأسماء الأشخاص مثل بيلين وياسر عبد ربه، وأحياناً بيلين وعباس قبل أن يصل الأخير إلى موقع الرئاسة. إذ كتب بيلين أول أمس/الإثنين مقالة في صحيفة «إسرائيل اليوم» تحت عنوان: «لا تُعطوا فيتو لمعارضي أوسلو»، يمكن تلخيصه بالعبارة التالية: فشلُ أوسلو في أنه بعد «30» سنة من توقيعه, يستخدمه مُعارضوه كاتفاق سلام ويتيح لهم مواصلة الإستيطا?, والتوقّع من الفلسطينيين التصرف وكأنه يوجد أمامهم أفق سياسي ما، لكنه - يُضيف بيلين - بالتأكيد لم يُلغ خيار الدولتين.
 
لكن بيلين يطرح مُقاربة أخرى، كمحاولة منه للإيحاء بأن أوسلو لم يفشل عندما يقول: إن إقامة كونفيدرالية «رقيقة» بين دولتين مستقلتين وسياديتين – إسرائيل وفلسطين –, فيما تكون الدولة الفلسطينية مُجرَّدة من السلاح, وفيما يتمكن المستوطنون الذين يجدون أنفسهم شرقي الحدود المستقبلية من الحصول على تعويضات والانتقال إلى إسرائيل، أو ـــ يواصِل بيلين ــ البقاء في الأماكن التي يتواجدون فيها كمواطني إسرائيل ومقيمين دائمين في فلسطين (أولئك حيال تسوية مشابهة بالنسبة لفلسطينيين يرغبون في السكن كمقيمين في إسرائيل)، هو السبيل ال?كثر معقولية اليوم لتنفيذ حل الدولتين, (إذا–يختِم الكاتب–لم تختر إسرائيل طريق شارون ولا تنسحب من الضفة الغربية أو أجزاء منها من طرف واحد).
 
من الضروري هنا لفت النظر إلى أن بيلين كتب مقالته المُشار إليها أعلاه رداً على مقالة كان نشرها في الصحيفة ذاتها (يوم 10 أيلول الجاري) تحت عنوان: «في أوسلو قُتل حل الدولتين» المؤرخ اليميني إيال زيسر قال فيه: يدُل انهيار مسيرة أوسلو على أن حلاً كهذا لم يعد عملياً- لهذا السبب - يُواصل زيسر - يجدر التركيز على إدارة الصراع، وليس على الجهد للوصول إلى حله، فمثل هذا الجهد حُكمه أن يفشل، وهو سيوقف فقط توقعات ستتبدد وتؤدي إلى عنف، ثم يُضيف.. اتفاق أوسلو جاء في اللحظة القاسية لـ«م.ت.ف»، في اللحظة التي كانت فيها المنظم? مُلقاة على الأرض، تعيش عزلة إقليمية ودولية، فقد - استطردَ - فقدتْ المنظمة سيطرتها في المناطق (يقصِد الضفة والقطاع) والانتفاضة الأولى التي علقت عليها آمالها كانت في حالة خبو».
 
على المقلب الآخر.. ثمة قراءة إسرائيلية مُختلِفة نسبياً لكنها تضع المسؤولية في إفشال أوسلو على الجانب الصهيوني، مُستخلصة الكاتبة والمُحلّلة السياسية عميرة هاس (المقيمة بالمناسبة في مدينة البيرة المحتلة) في مقالتها بصحيفة هآرتس يوم الجمعة/8 أيلول: أن (الجيوب الفلسطينية المُحددة هي الحل «الوسط» الإسرائيلي الداخلي, يتم «إخفاء» الفلسطينيين بدون أن تكون حاجة إلى طردهم جسدياً، إسرائيل - تُضيف هاس- تجني أرباحاً كبيرة من سيطرتها على الفلسطينيين من بينها تحوّل الضفة الغربية إلى مختبر إنساني). شيء آخر–تُواصِل الكاتبة?شيء آخر شكل الاتفاق مفتاح لفتح أسواق عالمية، بما في ذلك أسواق عربية، أمام المنتجين والتجار الإسرائيليين وساعد في مزامنة اقتصاد الدولة مع الليبرالية العالمية الجديدة. جذور اتفاقات إبراهيم مغروسة عميقاً هناك، في 1993.
 
بفضل الاتفاق ــ تختم هاس ــ تم إعفاء إسرائيل من المسؤولية عن احتلال السكان الواقعين تحت الاحتلال وعن رفاههم. في نفس الوقت احتفظت لنفسها بالزبدة: صلاحيات السيطرة على الأراضي والمياه والفضاء البرّي والفضاء الالكترومغناطيسي, في البحر والجو وحرية الحركة والاقتصاد والحدود (الخارجية وحدود كل جيب جغرافي).