عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jun-2020

الرأي.. واليوبيل الذهبي - زياد الرباعي

الراي - السؤال الذي يطرح نفسه، في ظل أزمة الصحف الورقية،.. هل تعبر الرأي، الصحيفة الأوسع انتشار واعلانا ومتابعة في الاردن الى يوبيلها الذهبي العام القادم، وسط معاناة مالية وقصدية، تهدد الصحف الورقية في زمن نجح تزاوج العالم الرقمي وتطور الاتصالات وعلى الطريق الذكاء الصناعي إلى بروز الإعلام الحديث، ودفع بالعالم المعلوماتي إلى الاستغناء عن مقولة القرية الصغيرة الى «الخلوي» والمواطن الصحفي والبث المباشر بأقل الامكانيات المالية والمادية، ودون حواجز وتصاريح ورقابة، وفق منطق الهيمنة وحاجةالسوق والجمهور يريد هذا،  بعيدا عن أهداف الإعلام الواقعية والحقيقية والمهنية.

رسالة الرأي التي أسسها الشهيد وصفي التل عام 1971 ،لم تكن ربحا وخسارة، ومصنعا يدر دخلا على أصحابه، بل مؤسسة وجريدة وطن، نجحت هنا أو اخفقت هناك عبر مسيرة تقترب من نصف قرن، عاصرت حلو الحياة ومرها، وطبع حرفها تاريخ دولة وثقافة وطن، وجال صحفيوها عتبات القرى قبل المدن، وعايشوا تعرجات السياسة قبل الاقتصاد، ودفعوا أثمانا غالية من حريتهم، وقوت عيالهم، وعرقهم ومرضهم، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر.
الرأي تؤرخ لمسيرة وأرشيف لوطن، وحالة وجود لا تقدر بثمن لمن لا يريد التعامل معها إلابمنطق الربح والخسارة،  وقيمة المباني والأرض والمطبعة.
الرأي ليست أوراقا تصدر كل صباح تراجع فيها الإعلان بفعل الظروف، بل مؤسسة تتكامل فيها الأدوار، من مركز للدراسات يؤشر لحالة الأردن السياسية والإعلامية والاقتصادية سنويا، ومركز للتدريب الإعلامي، ومطبعة تجارية، وصحيفة الجوردان تايمز لتعريف الجاليات والسفارات الأجنبية بالأردن إعلاما وتاريخا وثقافة.
الرأي سارت في درب الأرباح سنين طويلة، ورفدت صندوق الاستثمار في الضمان الاجتماعي الذي يملك قرابة ثلثي أسهمها بعشرات الملايين، وما تعثرها إلا بسبب التدخلات من هنا وهناك، وعندما نقول أن الحكومات هي التي أوصلت الرأي لهذا الضيق إلا لأنها صاحبة الولاية العامة، فهي صاحبة الكلمة الأولى في الرأي خاصة بعد عام 1989 تدخلا في السياسة التحريرية والإدارية، من خلال هيمنتها على قرار الضمان الاجتماعي صاحب الأغلبية في مجلس الإدارة، وهي التي أغرقت المؤسسة بالتعيينات، وأبعدت كل صاحب رؤية ومشروع إنقاذي عن عتبات الرأي بحجج واهية، منذ قرابة العشر سنوات، لتُصدق رواية إغراق الرأي، لتنشغل بتأمين الرواتب ومتطلبات الإنتاج، وتتناسى التطور الإعلامي والإعلاني، ومجاراة العالم الرقمي، فالجوع يُشغل الناس عن الإبداع في ظل حياة تزداد قسوة على الصحفيين والعاملين في الرأي، الذين يتمسكون بها لأنها حياتهم ورزقهم وفكرهم، وحرف وطنهم وأحبار دمهم، ومعاناة فقرائهم، والواجهة الإعلامية الأهم محليا بالنسبة للعالم عندما يراد تحديد موقف الأردن من قضية ما.
الرأي إذ تبحث عن حلول، فإنها تريد حقها في الوجود والاستمرار، ولا تستعطف الحكومة والضمان، اللذين ينتظران قرارات ترسل إليهما تحدد مستقبل الصحافة الورقية ومنها الرأي، في زمن لم نعد نعرف من هو معك ومن يكذب عليك، فـالرأي يجب أن يكون من يحدد مصيرها الوطن، ولا يترك الأمر لإدارة الضمان على مبدأ الربح والخسارة، ولثلة ترى في الرأي مؤسسة من القرن الماضي، تتناسى أن التاريخ ورسالة الدولة عبر الإعلام الوطني القابل لمجاراة العصر والعولمة والرقمنة. ولا يُقبل من أي كان، أن يخرج علينا ويقول، أن مصير الرأي بيد الضمان، وهو يعي أن الضمان ينتظر الأوامر ويتناسى تاريخ الرأي ورسالتها ودورها عبر نصف التاريخ الأردني.
الرأي قادرة على صناعة حالة إعلامية مستفيدة من عراقة وجودها وحضورها ورموزها وإمكانياتها، إن توفر لها الدعم، وخرجت من عنق زجاجة الأزمة المالية التي أكرر أن سببها الحكومات والضمان الاجتماعي والأدلة كثيرة، ولم يكن للعاملين فيها أي ذرة تقصير، بل على العكس ضحوا بالكثير لتبقى الرأي العنوان الأهم لوسائل الإعلام في المملكة، والحكاية الأردنية الأكثر مصداقية ودقة ومهنية.