عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Nov-2020

أمن*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

الأمن؛ هو وحده، الذي دفع بأحد أعضاء الفريق الحكومي للاستقالة، رغم عدم مرور سوى أيام على تبوئه لموقعه، ولم نسمع من معالي وزير الداخلية المستقيل كلاما، سوى بيان أكد فيه تمسكه بعرف سياسي محمود، يعبر عن مسؤولية أدبية أخلاقية يتحلى بها مسؤول حين يبدو أن هناك إخفاقا أو خللا حدث في مجال مسؤوليته، حتى وإن لم يكن هو المسؤول المباشر عنه، هذا عرف جميل طالما تمنينا لو نراه في ثقافة نخبتنا السياسية، لا سيما تلك التي تكون على رأس عملها، ويتم اختبارها بمواقف وأحداث سياسية..
وإن رغبتم بإضافة مثيرة، سأتحدث تحليلا هنا:
الوزير المستقيل؛ هو اللواء توفيق حلالمة، وكان اول قائد لجهاز الدرك، واستطاع بشجاعته ووفائه والتزامه العسكري، أن يتصدى لمن هدد أمن البلاد في مرحلة ما، ولعل قدومه الى وزارة الداخلية وفي مثل هذه الظروف، حفز بعض المتضررين من سيادة القانون، لاستغلال فرصة وجوده للانتقام منه ومن البلاد ومن العباد، فكان الرجل ذكيا ونأى بنفسه عن المشهد حتى لا تنطلق مثل تلك المؤامرة الخبيثة ضد الدولة كلها وليس ضد شخص معروف بالتزامه وبتفانيه الوطني العسكري... وهذا هو عنوان مقالتي (أمن).
السلوك الذي أفسد الجهود الأردنية حين استجابت الدولة للاستحقاق الدستوري، كان سلوكا غريبا، مريبا، حيث شهدنا مناسبات وطنية كثيرة سابقا، وكان عدد المشاركين بها أكبر بكثير من عدد الذين شاركوا قبل أيام بانتخابات مجلس النواب??، لكننا لم نشهد هذه المظاهر من استخدام السلاح للابتهاج، سلوك؛ كان بمثابة وشاية عن عملية تحضير مسبقة، موقوتة على انتهاء يوم الاقتراع، وكنا تلك الليلة نشاهد مرحلة أولى من ابتهاج مخطط له مسبقا، وهذا بحد ذاته يثير كل مواطن عادي، فكيف سيكون الأمر إذا بالنسبة لجهاز الأمن العام والجهات الأمنية والعسكرية الأخرى؟! بالتأكيد سيكون اهتمامهم وامتعاضهم مبني على اختصاصهم وواجبهم ومسؤولياتهم الوطنية الحساسة، التي يشهد تاريخنا الأردني على قيامهم بها على أكمل وجه، فكان طبيعيا ان يرفض الشعب الاردني مثل هذه المظاهر الغريبة، ويعبر جلالة الملك عن ضرورة التزام الجميع بالقانون.
حين التأم المؤتمر الصحفي برئاسة وزير الدفاع (رئيس الوزراء) ورئيس هيئة الاركان قائد الجيش، وقائد الأمن الوطني مدير الأمن العام، شعرنا جميعا بيقظة الدولة الأردنية، يقظة لا تنفيها اي من التحديات الصحية والسياسية والاقتصادية، وهي استجابة مناسبة وبالمقاس، إزاء هذا السلوك الخطير من قبل من ملكوا سلاحا؛ وأخرجوه في بداية ذميمة، لمهرجان استعراضي يتنافى مع كل تاريخنا وقيمنا، فمن ملك قطعة سلاح في وقت ما، ما ملكها الا تعزيزا لأمنه الشخصي، الذي ربما لن يتم اختباره على امتداد عمر هذا الشخص، لأن البلد أصلا ( آمنة ) من يوم يومها، وفيها رجال.. اصلا كلها رجال تجدهم في المحن جنودا أوفياء يفتدون بلدهم بالغالي والنفيس.
التعبير الشاذ، والاستعراض بالسلاح، بل والدفاع عنه، باعتباره حقا لفئة ما من الشعب، كلها رسائل خطيرة وشاذة، ويجب عدم مشاهدتها في بلد مؤسسات وقانون وحريات، وقد قرأت نصا (سمجا) ينطلق فيه كاتبه من حالة ذهنية ونفسية مريضة، ولا اعتقد بأن الطب يستطيع معالجتها، إنما القانون هو دواؤها، حيث ينطلق كاتب النص - الذي أشك بأنه أردني- من أن الخروج عن القانون اقترفه القدر نفسه على حد قول هذا المأفون!! حين وهب لبعضنا مالا واعمالا ولم يهبها له ولمن هم مثله، فالطبيعي حسب وجهة نظره أن تكون حصته من الأمر سلاح !!.
اللواء الحواتمة قائد جهاز الأمن الوطني المظفر دوما، وكل ضباط وأفراد جهاز الأمن العام، وعلى الرغم من جهودهم الموصولة وعنائهم على امتداد الأشهر الماضية، هم وحدهم الذين يقومون كل مرة بحفظ الأمن، والحفاظ على حياة وممتلكات وحقوق وحريات الاردنيين ومن يقيم على الأرض الأردنية، وهذه حقيقة بديهية وقانونية ودستورية ولا يحق لأحد اختبارها او مناقشتها، وقد تعهد الحواتمة وكل الرجال في جهاز الأمن العام بإنهاء هذه الظاهرة، وانا أقول: اعتبروها منتهية..قولا واحدا.
فهؤلاء لم يسبق وأن خذلوا أحدنا ولن يفعلوا سوى ما يرفع رأس كل أردني.
غابة السلاح واستعراضات (الطخيخة)، نقطة شائهة في القلب والوجه الأردني النقي، ومن يقوده جهله، في محاولة تسعى لتثبيت هذا التشوه في اللوحة الأردنية الجميلة، وله نقول: انت مخطىء.. وهذا الميدان أمامنا يا حميدان.