عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Feb-2021

«خريطة» لامبراطورية «عثمانية» جديدة.. بدون «فلسطين»؟*محمد خروب

 الراي

أن تعرِض قناة «تي. آر.تي1» التركية, خريطة لمناطق النفوذ التركي المتوقعة بحلول العام «2050» ليس مجرد صدفة أو خطأ تقني، بل ثمة قرار سياسي من مستويات عليا أعطت ضوءاً أخضر لبثه في توقيت كهذا, وحيث تضرب جحافل أردوغان يميناً ويساراً, وبخاصة غزواتها المتواصلة في بلاد العرب، ناهيك عن افتعالها مشكلات ذات أبعاد جيوسياسية في شرق المتوسط, وإن كانت تُغلّفها بأقنعة اقتصادية مُتكئة على احتلالها الطويل لشمال قبرص بذريعة الإنتصار لأتراك قبرص ضد قبرص الرومِيّة, مُعلنة رفضها قرار الأمم المتحدة إقامة فيدرالية بين الشطريْن، معتبرة على لسان رئيس دبلوماسيتها جاويش أوغلو «ان هذا القرار تجاوزه الزمن, ولم يَعد مُنسجماً مع واقع الجزيرة الراهن (ما يُذكِّر بخطاب العدو الصهيوني, في شأن المستوطنات والقدس وغور الأردن والجولان السوري المُحتل مُتمسكاً بـ«نظرية».. الأمر الواقِع).
 
صحيح أن «الخريطة» نتاج أفكار الباحث الأميركي جورج فريدمان في كتاب نشره العام 2009، و«فريدمان» هو مؤسس مركز «ستراتفور» للدراسات الإستراتيجية والأمنِيّة، بل يُوصِف بأنه الذراع العَلنِيّ لوكالة المخابرات الأميركية (C.I.A) الذي ينشر أبحاثه وتوقعاته، ما يُوليه الباحثون وأصحاب القرار والدوائر الاستخبارية الدولية أهمية قصوى لما ينشره من أبحاث وخصوصاً, توقعات باحثيه وخبرائه والمعلومات «غير المعروفة» التي تتضمّنها, والتي تدفع بها مصادر الاستخبارات الأميركية لهذا المركز.
 
إلا أنه صحيح أيضاً.. أن أنقرة عملت منذ وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم (الإخواني/الخطاب والتوجّه والعقيدة) على استعادة أمجاد الدولة العثمانية الغابرة, وانطلق خطاب العثمانيين الجُدد على قاعدة استرداد «الودائع العثمانية» في البلاد العربية, بدءاً بسوريا وليس انتهاء بليبيا مروراً بالعراق والصومال وشمال إفريقيا وشواطئ اليمن. إضافة لأطماعهم في القِرم التي عاش فيها التتار ذوي الأصول التركية كما يزعمون (دع عنك جمهوريات آسيا الوسطى وبحر قزوين) في ما يُوصّف «العالم التركي» الذي يريد اردوغان قيادته وإحياء تراثه.
 
ما يلفِت ويُثير في الخريطة التي نشرتها القناة التركية، هو «استثناء» فلسطين (التاريخية/المُحتلة) منها, ما يستدعي التساؤل عن «سِر» هذا الاستثناء, وهل هو مُجرّد توقّعات أم هي موافقة تركية على إلغاء «القدس وفلسطين» من جملة الودائع العثمانية وإرث السلطان عبدالحميد, الذي يزعمون أنه رفض إقامة دولة لليهود فيها, رغم الوثائق التي كشفت زيف هذا الادعاءات, بل تَبيّن أن «السلطان عبد الحميد» هو أحد «كبار» المساهمين بفتح أبواب الهجرة اليهودية إلى فلسطين, وتسهيل شرائهم للأراضي وغيرها من الامتيازات التي منحها للحركة الصهيونية.
 
وإذ رد «شيوخ» روس على الخريطة, لافتين أنقرة بأن أجزاء من روسيا ليست سهلة الابتلاع على أحد, فإن صمتاً شَمِلَ الدول التي ضمتها الخريطة ومعظمها عربي, مثل سوريا والعراق والأردن ومصر وليبيا وشبه الجزيرة العربية واليونان, إضافة إلى ما وراء القوقاز وبعض الأقاليم جنوب روسيا والقِرم وشرق أوكرانيا,وأجزاء من كازاخستان وتركمانستان تطل على بحر قزوين.
 
فهل تركيا الحالية قادرة على بسط نفوذها على هذه الأراضي الشاسعة؟ أم أن أوهام وأحلام «العظمة»... تقف خلف الترويج لخريطة «سخيفة» ومستحيلة كهذه؟.