المسرح الاردني في يوم المسرح العالمي ..*د. محمد ناجي عمايرة
الراي
علاقتي بالمسرح وطيدة ولي معه ذكريات جميلة قارئاً ومشاهداً.
أقول هذا وقد احتفلنا مع دول العالم يوم الأحد الماضي (الثامن والعشرين من آذار) بيوم المسرح العالمي.
والمسرح أبو الفنون وأقدمها.. ولا أظن أن شعباً من الشعوب ليس لديه فنه المسرحي الخاص به.. غير أن المسرح اليوناني يسجل على أنه الأقدم.
وقد عرف العرب القدماء أشكالاً أولية من المسرح.. وفي الأردن آثار كثيرة بينها المسرح الروماني في عمان وفي جرش.. وغيرها، ولست هنا في معرض التاريخ لفن المسرح ولكنها إشارات.
وقد يكون لدى المختصين آراء مختلفة في تلك البدايات.
ولدينا في الأردن تجربة وحركة مسرحية مهمة ومتطورة نفخر بها كثيراً رغم الظروف الصعبة التي مرت بها بلادنا خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة.. كما أن زمن الكورونا قد طغى على المسرح، مثلما طغى على الفنون كلها، ومثل ما أصاب الاقتصاد بأضرار كبيرة، وأعاد صياغة تقاليدنا وعاداتنا في الأفراح والأتراح..
وهاهي المسارح في مختلف العالم باتت مهجورة، ونال منها الإغلاق القسري، وهذا يشمل كثيراً من مناحي الحياة كالتعليم المدرسي والجامعي. ودور العبادة كلها.
وإذا كنا نتمسك بتقديم الصحي على أي منحى آخر، فإننا لا نرتاح إلى اضطرارنا إلى إغلاق كثير من متطلبات الحياة حتى لا تتضرر صحة الفرد والمجتمع.
ومع هذا الانتشار المتسارع للوباء وسلالاته المتطورة بات تحقيق التوازن في الأولويات أمراً صعباً للغاية. وهذا ما يسبب تناقضاً في الآراء والمطالب بين المواطنين: بين من يريد فتح كل القطاعات وبين من يحبذ إغلاقاً أكثر لتأمين السلامة العامة.
وبالعودة إلى المسرح في الأردن فإنه خلال المئة سنة الأخيرة نشأ وترعرع وحقق تطوراً ملحوظاً.. من البدايات البسيطة في المدارس والأديرة والكنائس في عشرينات القرن الماضي، إلى ظهور المسرح الجامعي في الستينات، ليحقق نهضة أكبر في السبعينات والثمانينات ولتكون التسعينات فترة الأوج، ونسجل حضوراً مسرحياً أردنياً لافتاً في المهرجانات العربية والدولية.
لقد تشرفت بالعمل أميناً عاماً لوزارة الثقافة في التسعينات، وعملت بمعية عدد من الوزراء المثقفين الكبار والمهتمين بالثقافة بعامة والأدب والمعرفة بخاصة.. وكانت للوزارة تجربة مهمة في دعم المسرح وتعزيز دوره باعتباره فعل حرية وأحد أبرز عوامل تشكيل الهوية والمساهمة في التغير الاجتماعي والثقافي وهو يعكس بوضوح هموم المجتمع وتطلعات الناس. وكانت مبادرة المهرجانات المسرحية المهرجانات الوطنية السنوية لمسرح الكبار ولمسرح الطفل دفعة قوية للنشاط المسرحي وجرى تعزيزها بإجراء منافسات بين الفرق المسرحية للمشاركة في المهرجانات العربية والدولية التي حققنا فيها الكثير من الجوائز والأهم كانت المشاركة والاحتكاك بالحركة المسرحية العربية والأجنبية. كما أنه كان للجامعات الأردنية بعد استحداث كليات أو أقسام للفنون فيها دوراً مهما في تطوير التجربة المسرحية الوطنية. وهذا تعزز بقوافل الخريجين من الجامعات العربية والأجنبية.
غير أننا نطالب الدولة بدعم وتعزيز دور وزارة الثقافة المادي والمعنوي في هذا الخصوص ودعم نقابة الفنانين الأردنيين التي هي الرديف المعزز لوزارة الثقافة في واجب النهوض بالمسرح الأردني سواء أكان في القطاع العام أو الخاص.
ولا يغيب عن البال تاكيد دور المسرحيين الرواد مخرجين وكتاباً وممثلين وتقنيين في حركتنا المسرحية وهم كثر ولأني أكتب من الذاكرة، أترك ذكر الأسماء. حتى لا أنسى أحداً منهم، معبراً عن جزيل التقدير والاحترام للجميع.
وهذه تحية لكل العاملين المخلصين من أجل رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره.